الصحراء الآن: د.عبد الرحيم بوعيدة
أكديم إزيك مخيم ضم آلاف الصحراويين حول مطالب مشروعة متعلقة أساسا بالشغل و السكن كانت أسباب بداياته مفهومة و جزء كبير من فهم مفاتيح هذه البدايات متوفرة لدى الجميع دولة و مواطنين.
الذي ليس مفهوما إلى الآن هو أسباب و دوافع تفكيك المخيم بهذه الصورة المفاجئة التي أربكت الجميع و جعلت الصحراويين يستيقظون في فجر أحد الأيام على أصوات خراطيم المياه و الجرافات التي دكت كل شيء،في حين كانت لجنة الحوار التي كلفها النازحون بالتحاور مع الدولة على وشك توقيع اتفاق نهائي مع السيد وزير الداخلية.
ما الذي جرى ما هي الدوافع الحقيقية لهذا الحل الكارثي الذي كاد أن يحول مدينة العيون إلى مجال مفتوح على كل الإحتمالات أسئلة لا نملك الإجابات عنها أو على الأقل لا نريد الخوض في تفاصيل مسألة يوجد فيها أكثر من شيطان،لكن الذي نملك الإجابة عنه هو أن لجنة الحوار اجتمعت أول مرة في إقامة السيد الوالي مع وزير الداخلية و إلياس العماري و والي العيون سابقا و شخصية أخرى لم يتعرف عليها أعضاء اللجنة،و إذا كان وجود هؤلاء مفهوما باعتبارهم يمثلون الدولة و السلطات المحلية فإن وجود إلياس العماري يظل علامة استفهام غير مفهومة خصوصا و أن لجنة الحوار اجتمعت معه مرتين قبل أن تجتمع مع السيد الوزير و حين سأله أحد أعضاء اللجنة عن صفته التي يحاور بها أجاب بأنه مبعوث من القصر.
سنعرض أطوار هذه اللقاءات و نترك حرية التأويل و القراءة لمن أراد،فالإجتماعات التي تمت مع لجنة الحوار تمحورت أساسا حول مطالب محددة أولها إقامة جامعة في الصحراء و التوظيف المباشر للساكنة و الحق في السكن.
اللقاء الثاني تم في إقامة السيد الوزير الذي أقام مأدبة عشاء على شرف اللجنة ،بشاطئ فم الواد بحضور كل من السيد العظمي محمد عالي و السيد التامك إضافة طبعا إلى إلياس العماري و الوالي جلموس،الإتفاق في البداية كان شفويا على أساس أنه في اليومين المواليين سيشرع في تنفيد المطالب،لكن لجنة الحوار ستفاجئ بمحاولة إغراء تمتلت في إعطاء كل عضو مبلغ ثمانين مليون سنتيم و منصب قائد ممتاز مقابل إقناع الساكنة بتفكيك المخيم و هو الشيئ الذي رفضته لجنة الحوار متمسكة بحق ساكنة المخيم في تحقيق هذه المطالب المشروعة،و أمام تمسك لجنة الحوار بمطالبها و رفضها لهذه الإغراءات تم تهديدهم بالسجن من طرف إلياس العماري على طاولة الوزير و بحضوره حيث أصرت اللجنة على أن يتم توقيع محضر الإتفاق من طرف الوزير و ليس الوالي و هنا كان مكمن الخلاف.
في الصباح الباكر ستفاجئ لجنة الحوار كغيرها من الصحراويين بتفكيك المخيم و التراجع عن الإتفاق و اعتقال أعضاء اللجنة التي كانت تجالس وزير الداخلية لمدة أسبوع بتهم غير مفهومة إلى الآن.
سيناريو هذا الحوار و أطواره تطرح سؤالين مهمين يجب الكشف عنهما أمام الرأي العام،
السؤال الأول : هو من كان يمثل إلياس العماري و ما سر تواجده على طاولة الحوار هل يمثل القصر كما صرح !!! أم حزب الأصالة و المعاصرة ؟ إن كلا التبريرين خطيران لأن الزج بأعلى سلطة في البلاد في حدث هكذا ليس أمرا سهلا و ثانيا ماذا عن دور الأصالة و المعاصرة في هذه الأحداث و لماذا أرسل أحد أهم أعضائه لمحاورة اللجنة ؟ هل يملك صلاحيات فوق صلاحيات وزير الداخلية الذي يمثل الدولة ؟أسئلة تحيلنا على أشياء كثيرة لازالت قائمة و حاضرة في نقاشات كل الفاعلين .
السؤال الثاني : كيف يسمح السيد الوزير بحضور جهة حزبية واحدة في طاولة النقاش مع ممثلي الدولة في شأن سياسي عام و معقد، ثم كيف تم التراجع في آخر لحظة عن الإتفاق و تفكيك المخيم بهذه الطريقة التي لازالت تلقي بظلالها على المنطقة و أحدثت بشكل قاطع فجوة كبيرة بين الدولة و الصحراويين خصوصا بعد أن دخل الإعلام بكل تلاوينه السياسية و المستقلة على الخط و كال للصحراويين كل أنواع التهم من الإرتزاق إلى الإنفصال إلى أسوء من ذلك ......
الآن على كل الذين تسببوا في هذه الاحداث و في نهايتها الدامية أن يتدخلوا لإطلاق سراح كل المعتقلين السياسيين الصحراويين من أجل طي هذه الصفحة السوداء من التاريخ الحديث للصحراء ،فلا دستور و لا تغيير بدون إبداء الرغبة الحقيقية في المصالحة و معانقة كل المعتقلين لنسيم الحرية فهم مجرد كبش فداء أما المسؤولين الحققيين فلم يشر لهم أي تقرير إلى الآن ...