عملية التجسس وتسريب الوثائق المغربية الحساسة في تويتر تأخذ خطورة أكبر بنشر وثائق سرية للجيش
ألف بوست- تحليل - 27 أكتوبر، 2014
بدأت عملية تسريب وثائق مغربية حساسة في شبكة الإنترنت وخاصة تويتر تحت هوية chris_coleman24 تأخذ بعدا خطيرا بعدما انتقلت التسريبات من الوثائق الدبلوماسية حول الصحراء الى وثائق عسكرية تتضمن معطيات حول القطاع العسكري ومنها مخطط المغرب إنشاء مصنع للصناعة العسكرية. وهذا يعطي الانبطاع أن القراصنة لم ينجحوا فقط في الدخول الى الخارجية بل الى المؤسسة العسكرية كذلك.
واتخذت عملية التسريب، وفق رصد ألف بوست للموقع في تويتر وتحليل مضمونه، حتى الآن ثلاث مراحل تؤكد أن عملية القرصنة شاملة وواسعة ولا أحد يعرف مداها خاصة في ظل الصمت الرسمي للدولة المغربية. والمراحل الثلاث هي:
-المرحلة الأولى الكشف عن مضمون البريد الالكتروني لأحد الاعلاميين المغاربة في تعاونه مع مؤسسات رسمية للعمل على تشكيل لوبيات في أوروبا والولايات المتحدة للدفاع عن مغربية الصحراء. كما تضم هذه المرحلة اختراق البريد الالكتروني للوزير المنتدبة في الخارجية امباركة بوعيدة.
-المرحلة الثانية أخذت خطورة أبعد من خلال الكشف عن وثائق رسمية للخارجية المغربية حول اللقاءات التي أجراها مسؤولون مغاربة مع مسؤولي الأمم المتحدة حول الصحراء، والتقارير حول زيارات بعثات مغربية الى أمريكا اللاتينية وأوروبا، وتقارير تقييمية للخارجية المغربية لوضع الصحراء دوليا وأمميا تضم توصيات واستراتيجية العمل لمواجهة التحديات التي يعاني منها المغرب.
-المرحلة الثالثة وبدأت يوم الاثنين 27 أكتوبر وتتجلى في بدء نشر وثائق تابعة للمؤسسة العسكرية ومن ضمنها المفاوضات حول إنشاء مصنع لصناعة الدخائر العسكرية لتزويد الجيش المغربي وكذلك التصدير.
ومن المحتمل ظهور وثائق أخرى بحكم أن كريس كولمان أو الجهة التي تحتفي وراءه تعمل يوميا على نشر وثائق، وتخصص مجموعة من الأيام لقطاع ما. وإذا كانت في المرحلة الأولى قد ركزت على المخابرات العسكرية، وفي المرحلة الثانية على الخارجية والثالثة على الجيش، فلا يمكن استبعاد نشر وثائق تخص مؤسسات أخرى ومنها الملكية.
وتؤكد المراحل الثلاث بوجود مخطط واسع النطاق للتجسس على المغرب عبر شبكة الإنترنت. وإذا كانت عملية اختراق البريد الالكتروني عملية سهلة وليس معقدة خاصة في حالة أشخاص يتحركون عبر دول ويستعملون شبكات إنترنت غير مؤمنة، وهو ما يبدو أنه حدث مع الإعلامي المغربي والوزيرة المنتدبة في الخارجية، فالأمر يختلف في حالة المرحلة الثانية.
وعلاقة بهذه الأخيرة، يتضح من خلال نشر الوثائق الممتدة ما بين 2011 الى أكتوبر الجاري، أي ثلاث سنوات أن عملية القرصنة امتدت الى قاعدة البيانات لوزارة الخارجية المغربية، فهي تضم تقارير متعددة لا علاقة لها بالبريد الالكتروني.
والمرحلة الثالثة تهم قرصنة وثائق مختلفة عن الخارجية وهذه المرة صادرة عن الجيش المغربي مباشرة، إذ يفترض أن الاتصالات العسكرية تتوفر على إجراءات أمنية إلكترونية استثنائية بكل ما تحمله المعنى. وإذا تعرضت المؤسسة العسكرية للتجسس
والمراحل الثلاث لعملية التسريب تؤكد تعرض المغرب لعمل قرصنة استخباراتي شامل ومنظم. وأمام خطورة المخطط، يتطلب الأمر طرح مختلف الاحتمالات التي تتجاوز توجيه الاتهام الى جهة أجنبية بل الى جهات أجنبية وكذلك دون استبعاد جهات داخلية.
في هذا الصدد، ووفق التجارب في التجسس وخاصة التجسس الإلكتروني، يبدو أن تسريب الوثائق تقف وراءه دوافع متعددة قد تكون شخصية وقد تكون سياسية، وهي:
-جهات أجنبية: جرى توجيه الاتهام الى المخابرات الجزائرية، وهي مخابرات تعادي المغرب وتعتبره عدوها الأول. في الوقت نفسه لا يمكن استبعاد المخابرات الفرنسية في إجراء عقابي للمغرب خاصة وأن فرنسا أقدمت خلال الثلاثة أشهر الأخيرة على خطوات مبهمة مثل تهميش المغرب في قمم مكافحة الإرهاب وتصنيفه في خانة الدول المهددة بالإرهاب وتنبيه السياح الفرنسيين.
-جبهة البوليساريو من خلال قراصنة متعاطفين معها، إذ أن كريس كولمان يقدم نفسه بصحراوي من البوليساريو في المحادثات التي جرت بينه وبين إار تويتر عندما سحبت حسابه لأول مرة.
-ودائما في علاقة بالخارج، قد تكون شركات التي باعت المغرب النظام الإلكتروني قد قام أحد مهندسيها بتسريب الشفرات التي يعمل بها المغرب لجهات معادية لأمنه القومي.
-في الوقت ذاته، لا يمكن استبعاد جهات داخلية من الإدارة المغربية نفسها بمثابة انتقام، ذلك أن بعض المخابرات ستفضل الصمت والاستمرار في التجسس على المغرب لأن الكشف عن الوثائق سيدفع المغرب، ويدفعه الآن، الى إعادة النظر في كل نظامه الالكتروني. وقد يحصل أن المغرب رصد الاختراق، فقرر تغيير نظامه الأمني الالكتروني، وهنا قررت مخابرات أجنبية أو الجهة التي تقف وراء الاختراف بتسريب الوثائق لإظهار المغرب في موقف ضعف.
ويبقى الواقع هو السهولة التي اخترق بها المقرصنون الحواسيب وقاعدة البيانات لمختلف المؤسسات المغربية بما فيها الجيش. في الوقت ذاته، عدم تشكيل المغرب لجنة أمنية-سياسية لفتح تحقيق في هذه الخروقات وتحديد الوثائق ومصدرها ومن المسؤول عن الإهمال الذي أدى الى الضربة التي تعرض لها الأمن القومي المغربي. في الوقت نفسه، يمتد الاهمال الى عدم لجوء الخارجية الى نوع من السرية في التعاطي مع مسؤولين أميين يتعاطفون مع المغرب ومنهم مسؤول في وكالة غوث اللائجين الذي يوجد الآن في موقف حرج بعد ظهور وثائق تشير الى تعاطفه مع المغرب.