هل ب”الهايلالة” والمسيرات يكون الرد على “بان كي مون”؟!
– رضا الموسوي - 16/03/2016
عندما يُقدم النظام المخزني على أمر كبير يُجَيِّشُ له كل
مؤسساته العميقة ويوظف له كل قاموسه العتيق (الأركاييك) المتجذر في ثقافة
الحَرْكَةِ والحملة.. من حجم مسيرة وطنية عنوانها الوحيد: “كلنا مع سيدنا
وكلنا مع الملك ضد بان كيمون”.. و”المغرب في صحرائه والصحراء في مغربها..
فحينها نكون فعلا أمام شعب مسطول ونظام يعاني من حالة الربو السياسي ولا
“فونطولين” تنفعه للتنفيس عن اختناق شعبه الرئوية التي أدمنت تعاطي الأخطاء
المزمنة حتى أضحت سِمة تدبير هذا الملف الذي يعتبره الجميع مقدسا، لدرجة
أن كل من ينتقد هذا الاخفاق في الترويج لقضيتنا ومدى إقناع العالم السياسي
بها.. يعتبر في عرف النظام مشككا في وحدتنا الترابية وقد يكون عميلا لنظام
الجزائر العدو الذي لا شغل له إلاَّ التربص بنا ويريد بنا شرا نحن شعب
الأمطار والبحار والسردين و الدلاح والبصل..
شعب الله المحتار نحن فعلا.. مَن يستطيع أن يُحدد لنا الجهة التي دعت
لهذه المسيرة ويفسر لنا المنهج الذي اعتمدته في هكذا قرار؟ خاصة أن المنطق
يفرض أن نتساءل عن المكسب من هذه الخطوة..
يُفترض بديهيا والموضوع يخص تصريحات بان كي مون ومؤسسة الأمم المتحدة
الذي وصف وجود المغرب في الصحراء بكونه احتلالا وما يترتب عن هكذا واقع
قانوني من التزامات دولية.. يُفترض أن تؤدي المسيرة الرباطية دور إقناع
الأمم المتحدة بالتراجع عن تصريحاتها لتتماشى مع قناعات المغرب وبذلك تصبح
الصحراء أرضا غير مُتنازع عليها في العُرف الدولي.. وهذا من سابع
المستحيلات في علاقات الدول مع المؤسسات الدولية..
إنها الأمم المتحدة يا عالم.. وليس بأسلوب الحَرْكَةِ نُقنع العالم بصواب رأينا وجدية تعاطينا لإيجاد حل لقضية الصحراء ..
بالله عليكم دُلُّونا على حزب مغربي من أغلبية الحكومة مثلا ولِمَ لا
يكون حزب العدالة والتنمية قائد جوقة البرلمان دعا إلى هذه المسيرة، وهو
الحزب الإسلامي المتمرس بالمسيرات المليونية والسلاسل البشرية، حين كان
يتعلق الأمر بقضية المرأة التي تآمر عليها حتى أنتج مدونة لقيطة بنفس طريقة
تآمره على قضية حرية المعتقد في دستور 2011..
ولماذا لا يكون حزب الاصالة والمعاصرة مَن دعا و أطَّر للمسيرة ضد بان
كي مون وهو الحزب الغارق في “الحداثة والديموقراطية” حتى سيَّد أمره خبيرا
في القضايا الدولية وعالما في تدبير الشأن الوطني، بما له من علاقة مع
الأزمات التي يعرفها العالم، ولاشك أن “القائد السياسي المخضرم” إلياس
العماري يمتلك الحلول الناجعة لإقناع بان كي مون وكل دهاقنة الأمم المتحدة
بأننا نحن الصواب وعلى الأمم المتحدة أن تُعيد بناء ترسانتها القانونية في
كل ما له علاقة بالنزاعات الدولية، وإعادة بناء المفاهيم والتعريفات، لعلنا
نكون نحن المغاربة السباقين إلى تعليم الأمم المتحدة والعالم ماذا يعني
استقلال وماذا يعني احتلال من بين جهاز مفاهيمي كامل سنعلم العالم
أبجدياته؟
وإذا لم يكن أي من الحزبين هما مَن بادرا للدعوة لهذه الخطوة الوطنية
ولا أي من الأحزاب المرتبطة بهما في الحكومة أو في المعارضة أو في الممارسة
الميدانية للتدبير السياسي اليومي.. وإذا لم تكن من دعت للمسيرة واحدة من
الجمعيات الوطنية الكبيرة وكُبريات العناوين في النسيج الجمعوي الوطني الذي
يُفترض إنَّه مَن يؤطر الناس في كل تفاصيل حياتهم المدنية ويعبر عن
مواقفهم التي يُفترض أيضا إنها اجتمعت على استنكار تصريحات بان كي مون من
باب الإيمان والقناعة اليومية، وليس فقط من باب متابعة الأخبار كما هو حال
الفاعل السياسي مع الأسف، وحكومتنا اليقِظة جدا جدا التي لم يتأخر ردها
الناري على تصريح بان كي مون في مقر جمهورية الوهم الصحراوية في تندوف سوى
48 ساعة فقط، وهو إنجاز حقا في درجة تفاعل الحكومة المغربية وسرعة ردها على
تصريح بان كي مون الخطير في قضية يجمع كل المغاربة إنها مقدسة أي الوحدة
الترابية..
نعم لم يتأخر رد الحكومة المغربية سوى 48 ساعة فقط وفقط .. مَن بقي إذن
من المغاربة لحد الساعة لم يحزم صباطه ليلتحق بمسيرة الرباط وقد تحركت جوقة
القياد والشيوخ والمقدمين وكل الأجهزة التي تستطيع بتعليماتها أن توفر
الحافلات والشاحنات والخطافة و”الإيركاطات” من جبال أزيلال إلى نواحي
الشاون الى مناطق الشاوية عبدة..
لا أمر يعلو أوامر القياد و”الكاسكروطات” جاهزة في ليلة الحَرْكَةِ إلى
الرباط للرد على بان كي مون عدو الشعب المغربي وخائن قضيتنا الوطنية وكأن
هذا البانكيمون وُلد في باب فتوح بمدينة فاس القديمة، وكان يفُترض فيه أن
يكون هو أيضا يحفظ عن ظهر قلب أغنية “العيون عينيا والساقية الحمرة ليا”..
فعلا نحن شعب عجيب وأعجب ما في عجبنا أننا شعب نفهم في كل شيء ونتذاكى
على كل العالم وكأننا حقا أذكياء، حتى إذا ما جد الجد وظهرت القضايا
الحقيقية يتساوى المثقف والأمي والمتحزب واللامنتمي والعامل والعاطل
والمؤمن والملحد والفقيه والعاهرة والمتسكع .. الكل في نظام وانتظام يهز
الخطوة تحت تعليمات القايد: واحد اثتين.. واحد اثنين.. حتى ساحة باب الأحد
المجيدة بالرباط ليلعلع صوت الوحدة الترابية ضد هذا المجرم المسمى بان كي
مون..
ويجب أن لا ننسى أن “غزوة بان كي مون” سبقتها “”ملحمة السويد وطريقة
تدبيرها تذكرنا في التفاصيل بقضية الجفاف الذي تعاني منه بلادنا حين يتم
الإعلان عن إقامة صلاة الاستسقاء فنتحرك بنفس منطق الحياحة والعياشة
والمساحة واللحاسة.. والكل يتمنطق بجلابيب القياد و”ابيض ف ابيض .. الموهيم
المشاركة والشتا تجي ولا ما تجيش الله يرزق غي الصحة والسلامة”..
كم صلاة استسقاء صلينا وأبت الأمطار أن تهطل في وطن يصلي فيه المترفون
وعلية القوم على السَّجاد المُخصص لهم، بينما فقراء القوم يصلون في الخلف
وكأننا في عرس شيخ القبيلة..
هل فعلا بهكذا مسيرات نجيب على تصريحات المسؤولين الأمميين وقراراتهم التي نراها تتناقض ومصالحنا المصيرية؟
ألم يكن من الأجدى أن نُعِدَّ استفتاء للشعب ليس موضوعه قضية الصحراء
ومغربيتها من عدمها لأن هذه مسألة حس وأمر حسمه المغاربة وانتهوا منه حتى
لا نعود لقصة التخوين.. استفتاء حول مَن يُدبر هذا الملف الذي يجب أن نعترف
أننا أخفقنا فيه حقا.. فالنستفت الشعب عن كيفية تدبيره في خطة سياسية
وطنية واضحة نقنع بها كل الأصوات الدائمة في مجلس الأمن وفي مقدمتها روسيا
والصين، بدل الارتهان الدائم لفرنسا التي تدور في الفلك الأمريكي وما قد
يطرأ عليه من تحولات بفعل التغيرات التي تعرفها خريطة المشرق العربي
وارتداداتها في ملف الارهاب في ليبيا وكل شمال افريقا.
source: http://www.okhbir.com/?p=50145
No comments:
Post a Comment