Wednesday, April 09, 2008

بيان صادر عن منتدى الجناح الإعلامي للانتفاضة
يقر من خلاله ان الموقع تعرض للحجب بعد فشل اختراق من طرف المخابرات المغربية وسرقة أرشيفه
نص البيان
بسم الله الرحمان الرحيم(( وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ‏ ))صدق الله العظيم
بعد أن حقق منتدى الجناح الإعلامي للانتفاضة العديد من أهدافه الرئيسة والمتمثلة أساسا في فضح الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان الصحراوي المرتكبة من طرف الاحتلال المغربي وبآصال صوت هذا الشعب إلى العالم فقد عملنا فادارة المنتدى الجناح الإعلامي في إطار منظم على تقديم مشروع إعلامي متكامل يقوم على نشر الخبر بسرعة و رغم العديد من الصعوبات التي واجهتنا في بداية هدا العمل ولكن بفضل الله تعالى و بفضل أعضاء المنتسبون للمنتدى استطعنا احتل المرتبة الأولى ضمن المنتديات السياسية لشركة أحلى منتدى المضيفة في شهره الأول .كل هذه الانجازات جعلت من منتدى الجناح الإعلامي للانتفاضة عرضة لهجمات شرسة من طرف المخابرات المغربية وقراصنتها بتاريخ السبت مارس 15, 2008 ليقاموا بتغيير بعض المعلومات و سرقــــة أرشيف المنتدى،لكن تمكن الطاقم منتدى من إعادته كما كان خلال ساعتين من محاولتهم للقرصنة فاشلة .
هاهم اليوم يأتون بفكرة جديد ألا وهي حجب منتدى الجناح الإعلامي للانتفاضة عن المناطق المحتلة وجنوب المغرب وفي أخير نؤكد إن هذه محاولات فاشلة لن تنل من عزمنـــا في أصال رسالة قضيتنا العادلة، ونحيي التضامــن المطلق للجماهيـــــــــــر الصحراوية، رواد منتديات الجناح الإعلامي، لوفائها وندعوهم تكتيف الجهود من أجل رفع من مستوى منتدى الجناح الإعلامي للانتفاضة
ودمتــــــــــــــــم للنضــــــــــــال سالميــــــــــــــــــــــن
طاقم منتدى الجناح الإعلامي المناطق المحتلة


2 comments:

Anonymous said...

الصحراء الغربية - السمارة المحتلة

شهادة المعطل الصحراوي: محمود أباه

...لن أتزحزح أبدا


الإسم الكامل: محمود محمد سالم محمد أحمد هدي.
اللقب : حميدي.
تاريخ ومكان الازدياد: 1982/08/18 السمارة .
الصفة: معتقل سياسي وناشط طلابي سابقا ومعطل صحراوي حاليا.
المستوى: مجاز في القانون العام بالعربية تخصص علوم سياسية، بجامعة القاضي عياض بمراكش برسم الموسم الجامعي 2006/2007.


سبق أن تعرضت للاعتقال بموقع مراكش في:30.05.2005
، حيث قضيت ثلاثة أيام من التعذيب النفسي و الجسدي بمخافر الشرطة ، قبل أن أحال على السجن المحلي بمراكش "بولمهارز " وبعد مرور15 يوما متعت بالسراح المؤقت ومن ثم قضت المحكمة الابتدائية بسجني " 6 أشهر نافذة " ولا زالت الاستئناف لم تبث في القضية بعد.
أما بالعودة إلى تفاصيل اعتقالي يوم أمس 09.04.2008 ، فقد كنت رفقة المعطلين الصحراويين المجازين بصدد تنظيم وقفة احتجاجية سلمية أمام مقر العمالة حوالي الساعة 09:30، من أجل المطالبة بالشغل و الحد الأدنى من العيش الكريم و مستنكرين سياسة العقاب الجماعي ، وذلك على أساس أن الدولة المغربية هي التي تدير المنطقة حاليا ومن واجبها توفير مناصب شغل لسكان الإقليم ، أيا كانت مواقفهم السياسية من النزاع حول الصحراء الغربية وقد اخبرنا سلطات المدينة بهذه الوقفة بواسطة البريد ومن خلال رسائل مباشرة.
فما أن بدأنا بالتجمع قرب مقر البريد بجوار العمالة [ التي حوصرت منذ الصباح الباكر بأعداد كبيرة من قوات التدخل السريع و القوات المساعدة]، حتى تقدم نحونا الجلاد المدعو:" إسحاق" وبدأ بالسب و الشتم وقام بضربي على مستوى الصدر ، قمت برفع يدي لكني تراجعت ، وشرعت في ترديد شعار"لابديل لابديل عن تقرير المصير" عدة مرات، ليصاب الجلادون بالذهول و انقضوا عليّ وأشبعوني ضربا أمام المارة وأدخلوني في سيارة من نوع " كونكو" و واصلت ترديد الشعارات وهم ينهالون عليّ بالعصي و الهراوات، وقد تدخل من تجمع من المعطلين من أجل تحريري لكن دون جدوى.
وصادروا لافتة كنت أحملها ، كتب عليها:" لا تراجع لا استسلام المعركة إلى الأمام" وآلة تصوير وهاتفي النقال الذي لا زال محتجزا لديهم إلى الآن.
ثم كبلوني بالأصفاد ـ كلما تحركت إلا وأزداد ضغطها- و نقلوني إلى سيارة أخرى من نوع " فولزفاكن" بها ما يسمونها فرقة الموت وهي فرقة من الجلادين معروفة بدمويتها بقيادة الضابط "كمال عدي" ووضعوا أربع عصابات على وجهي وتحركت السيارة وأدخلوني بناية ما وخلال كل هذا لم يتوقف التعذيب ولو للحظة واحدة ، وقاموا بتجريدي من حذائي وتثبيت قدمي وتركيز الضربات على باطن القدم وهي طريقة التعذيب المعروفة ب" فالاقة" والتي بدأت الدولة المغربية تستعملها من جديد ضد مناضلي السمارة وقد استعملوها ضدي ثلاث مرات ، ومن بعدها بدأ مسلسل التحقيق الذي لا ينتهي و السؤال عن كل كبيرة وصغيرة ، عائلتك ، أصدقائك ،علاقاتك ، أين تستقر وسيرة حياتك وغيرها كثير.
ومن ثم نقلوني إلى مكان آخر أظنه أحد الأودية ،نظرا لوجود أحجار فيه ومن بعده إلى مقر الضابطة القضائية " الكوميسارية القديمة" ، حيث نزعوا عني العصابات وبدأ نقاش مع بعض الضباط عن موقفي من القضية الوطنية و قضايا أخرى تهم المجتمع السماراوي ، وقد قاموا بوضع بصماتي على محضر أقوال لم أتمكن من قراءته بشكل كامل.
ومن بعد أفرجوا عني في حدود الساعة الثانية ظهرا وأنا لا استطيع المشي نظرا لتورم قدمي ولا أزال إلى حدود الساعة ممددا في المنزل لا أستطيع المشي .


" إذا أردت حقك فعليك أن تسخى بدمك"
المعطل الصحراوي: محمود أباه


السمارة المحتلة في

10.04.2008

..................
بناء على ارض الغير



لعقود طويلة انشغل الصحراويون بالكفاح من اجل الاستقلال الكامل للأراضي الصحراوية حيث أن الدول الغربية أرادت أن تخرج بنفسها من زحمة التناقضات والصراعات الداخلية و تصريفها خارجا من خلال إيجاد مستعمرات تستغل في حريتها أولا وكرامتها ثانيا وحق أبنائها في خيرات بلدهم وسلب هويتهم الحقيقية ومنطقة الصحراء الغربية وكغيرها من بقاع العالم تعرضت هي الأخرى للاستعمار الذي بدأ بمحاولات بعض الدول الأوربية للتغلغل في الساحل الصحراوي ونجد أنه وجد بالمرصاد المقاومة الصحراوية، إلا أن الاستعمار الأسباني كان الأشد حيث باحتلاله المناطق الساحلية الصحراوية منذ سنة 1884 رغم المقاومة التي لاقاها والانتفاضات التي أشعل الصحراويون فتيلها إلا أنه بالفعل رسخ وجوده على الأرض الصحراوية لعقود طويلة. لكن ما لم يكن بالحسبان ولا على البال أن يطعن الصحراويين من بلد جار من بلد شقيق كان يرجى منه مساندة الشعب الصحراوي على الكفاح ضد الاستعمار الأسباني من أجل نيل الحرية والإستقلال وبناء الدولة الصحراوية كاملة السيادة على كامل أراضيها ونجد أن هذا البلد الذي هو المملكة المغربية يضرب عرض الحائط كل المبادئ الإنسانية والمواثيق الدولية ومناقضا لكل الشرائع حيث بدأ في حملة توسعية داخل إقليم الصحراء الغربية من خلال اجتياحه العسكري الذي أتى على الأخضر واليابس قبل أن يتبع بزحف آخر ل 350 ألف مستوطن مغربي بما يسمى (المسيرة الخضراء) وهذا كله يأتي في إطار ادعاء المملكة المغربية بحقوق تاريخية في المنطقة أي في الصحراء الغربية ليتم اقتسام هذه الأخيرة بين البلدين الجارين المملكة المغربية والجمهورية الإسلامية الموريتانية إبان حكم المختار ولد داداه إستنادا إلى اتفاقية مدريد الثلاثية14 نوفمبر 1975.

الفقرة الأولى: الصحراويون بين خيار المقاومة وواقع الاستعمار

في أواخر القرن الثامن عشر طل الاستعمار الاسباني على سواحل الصحراء الغربية وذلك في سنة 1884 ليتمكن تدريجيا من إحكام سيطرته على باقي الإقليم إلى درجة أن المستعمر سنة 1961 أعلن الصحراء الغربية محافظة إسبانية وهذا لا يعني أن إسبانيا لم تجد مقاومة بل على العكس من ذلك وجدت مقاومة وانتفاضات شعبية من طرف الصحراويين.

أولا : انتفاضة حي الزملة التاريخية

لم يشأ محمد سيدي إبراهيم بصيري المزداد سنة 1944 أن تظل بلاده ومن ثم الصحراويين تحت نير الإستعمار المستبد والمستغل لخيرات المنطقة ولجهود الصحراويين. علما أنه نشأ في الجمهورية العربية المصرية في زمن الفكر الناصري مما ترك لديه نوع من التراكم الفكري المنطوي على حمل هموم الشعوب التواقة إلى التحرر ليتم إسقاط المنظومة الفكرية لديه على قضيتنا الوطنية، وخلال فترة إقامته منذ سنة 1967 إلى 1970 عمل على تعبئة جماهير الشعب الصحراوي وتوعيته بضرورة الانتفاضة ضد المستعمر الإسباني وقد كان واعيا بأن تحرير الصحراء لن يأتي إلا بحرب التحرير وخلال هذه الفترة أسس محمد سيدي إبراهيم بصيري الحركة الطليعية لتحرير الصحراء حيث كانت تعتمد في تمويلها على مساهمات الأعضاء ليأتي بعد ذلك يوم 17يونيو 1970 حيث شهدت مدينة العيون تجمعا شعبيا أقامته إسبانيا للبرهنة على الوحدة الصحراوية –الإسبانية ، وارتأى مجموعة من الشباب الصحراوي التجمع على تلة تشرف على العيون وهي حي الزملة مطالبين برحيل المستعمر لتتحول بعد ذلك المنطقة إلى ساحة من الدماء والجثث والجرحى حيث قام المحتل بقتل مايقارب 37 شخصا وجرح 83 آخرين واعتقال المئات وفي خضم هذه الأحداث كان الغائب الأكبر عن هذه الانتفاضة محمد سيدي إبراهيم بصيري الذي اعتقد أنه إذا فر عقب المجزرة التي تعرض لها الصحراويين سيترك أثار سلبية على مسيرة التحرير لذا قام بالظهور ليتم القبض عليه من طرف قوات الغدر الإسباني والتي قامت باعتقاله ومن ثم أصبح مصيره مجهولا ليصبح كأقدم مفقود والمسؤول عن ذلك اسبانيا.

ثانيا : البوليساريو النشأة والتطور

على إثر الانتفاضات المتتالية التي عرفتها الصحراء الغربية ضد المستعمر الاسباني وفي خضم تنامي الفكر التحرري لدى مكونات الشعب الصحراوي أصبح من الضروري منح النضال الصحراوي حماية دولية لتعكس وجود الصراع بالمنطقة وتوضيح طبيعته على أساس أنها طبيعة استعمارية توسعية وعلى هذا الأساس عمل عريس الشهداء الولي مصطفى السيد الذي قام بعدة نقاشات بعدة مدن عربية وغربية من أجل حشد الدعم المادي والسياسي لمشروع التحرير إضافة إلى مجموعة من رفاقه على تأسيس إطار حقيقي وتمثيل صحيح للشعب الصحراوي ذلك أن العاشر من مايو 1973 شهد تأسيس الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء و وادي الذهب وبعد ذلك بعدة أيام فإن هذا الثائر الجديد على موعد مع انطلاق الكفاح المسلح ضد الاستعمار الإسباني الذي رسخ وجوده كمستعمر بعدة أساليب ومما زاد هذا التواجد رسوخا اكتشافه للفوسفات في السنوات الأولى من الستينات وبداية استغلاله منذ سنة 1967 كان إذن يوم العشرين من مايو 1973 موعدا لانطلاق الكفاح المسلح حيث دشنت الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء و وادي الذهب هذا اليوم بعملية أطلق عليها إسم الخنكة وهي أول عملية عسكرية تنظمها البوليساريو ضد إسبانيا وفي عشرين أكتوبر 1974 قام بعض المقاتلين بجبهة البوليساريو بتعطيل الحزام الناقل للفوسفات عن طريق تدمير بعض محطاته . أدت الهجمات التي شنتها البوليساريو إضافة إلى الضغوطات الدولية والقرارات المتتالية للأمم المتحدة التي تدعو إسبانيا إلى تصفية استعمارها للصحراء الغربية وتنظيم استفتاء تقرير المصير للشعب الصحراوي بإسبانيا إلى إعادة النظر في استعمارها وتواجدها بالصحراء الغربية ولم يكن لدى الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء و وادي الذهب من خيار بعد كشف المؤامرة التوسعية والنية المبيتة من خلال اتفاقية مدريد، إذ بعد نفاذ مدة العمل باتفاقية مدريد من بد سوى إعلان الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية يوم 27 من فبراير 1976 وقد كان لهذه الأخيرة صدا واسعا في كل أرجاء المعمورة حيث حصلت على اعتراف أكثر من 70 دولة وممثلين لها في كل أنحاء العالم وهي عضو في منظمة الوحدة الإفريقية سنة 1982 وتعتبر عضوا مؤسسا للإتحاد الإفريقي.

الفقرة الثانية : الصحراء الغربية في دواليب الأمم المتحدة

أولا : قرارات الجمعية العامة في ظل الاستعمار الإسباني

افتقدت الحقيقة فاضطررت للبحث عنها طويلا، أنقب في الذاكرة فلم أجد بدا من العودة إلى قرارات الجمعية العامة التابعة للأمم المتحدة فبتاريخ 14 /12 /1960 صدر القرار رقم 1514 عن الجمعية العامة الذي جاء للقضاء على كافة أشكال الاستعمار״ تحويل السلطة في البلدان غير المستقلة في اقرب الآجال إلى شعوب هذه البلدان دون شرط تقييد إرادتهم في التعبير بكل حرية ودون النظر إلى المعتقد أو اللون أو الجنس ...״ بهذا المعنى جاء القرار 1514 مناهضا لكافة أشكال الاستعمار ليأتي بعد ذلك القرار رقم 2072 الصادر عن الدورة 20 للجمعية العامة بتاريخ 16/12/1965 حيث طلب القرار من اسبانيا وضع حد نهائي لسيطرتها الاستعمارية في الصحراء الغربية لتتوالى بعد ذلك القرارات التي تطالب اسبانيا بتصفية استعمارها من الصحراء الغربية ليتمكن الشعب الصحراوي من تقرير مصيره بكل حرية ، لم يكن في استطاعتي القفز على القرار رقم 2711 الصادر عن الدورة 25 للجمعية العامة بتاريخ 14/12/1970 حيث تطرق هذا القرار إلى حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره وإلى تأكيده على شرعية الكفاح الذي تخوضه الشعوب المستعمرة. ونجد انه في البند الخامس يتأسف القرار على الأحداث الدامية التي وقعت في الصحراء الغربية شهر يونيو 1970 أخذت تكرر القرارات التي تدعو إسبانيا إلى إنهاء الاستعمار من الصحراء الغربية إلا أن القرار رقم 2983 الصادر عن الدورة 27 للجمعية العامة بتاريخ 14/12/1972 جاء بموقفين جديدين أولا: البند الثاني: ينص على أن الجمعية العامة ״ تؤكد شرعية الكفاح الذي تخوضه الشعوب المستعمرة و تضامنها ومساندتها لسكان الصحراء في كفاحهم الذي يخوضوه من اجل ممارسة حقهم في تقرير المصير والاستقلال، وترجو من جميع الدول تقديم المساعدات المعنوية والمادية الضرورية لهذا الكفاح ״.ثانيا:البند السابع: وينص على مسؤولية الأمم المتحدة في جميع المشاورات الرامية إلى تمكين سكان الصحراء الغربية في التعبير عن إرادتهم بكل حرية. هكذا إذا هي نظرة الجمعية العامة تجاه قضية الصحراء الغربية على أنها قضية تصفية استعمار حيث لابد بأن يعطى لهذا الشعب حقه في تقرير المصير و من ثم ألاستقلال.

ثانيا : قرار محكمة العدل الدولية صفعة لكل الأنظمة التوسعية

على اثر الصراع بين الأنظمة التوسعية نظام الملك الحسن الثاني في المغرب ونظام الرئيس المختار ولد داداه في موريتانيا والمستعمر الإسباني حول الصحراء الغربية التجأت الأطراف إلى محكمة العدل الدولية طالبين رأيا استشاريا وذلك ما حققه لهم قرار الجمعية العامة رقم 3292 الصادر عن الدورة 29 للجمعية العامة بتاريخ 13/12/1974 الذي يطلب من المحكمة إعطاء رأيها بالنسبة للسؤالين التاليين: 1-هل كانت الصحراء الغربية –الساقية الحمراء ووادي الذهب – عند استعمارها من قبل اسبانيا أرضا بدون سيد؟وفي حالة ألإجابة السلبية : ما هي الروابط القانونية التي كانت قائمة بين هذا الإقليم وكل من المملكة المغربية والمجموعة الموريتانية ؟
وفي إطار إجابتها عن السؤال الأول رأت المحكمة أن سيادة الاستعمار في منطقة ما تشترط انعدام كافة أشكال السيادة المحلية حيث اعتبرت المحكمة أن الصحراء الغربية ״ تسكن فيها قبائل أو شعوب ذات نظام اجتماعي و سياسي وهي لا تعد أرضا بدون سيادة״ .
وأصرت المحكمة في معالجتها لهذه المسالة على نقطتين:
تنص الأولى على انه ״ في فترة الاستعمار، كان يقطن الصحراء سكان ، وهؤلاء بالرغم من أنهم رحل متنقلون فإنهم مقسمون اجتماعيا وسياسيا، إلى قبائل يشرف عليها رؤساء مؤهلون لتمثيلها״. وترفض الثانية ربط السيادة القبلية قانونيا بالسلطان المغربي أو بموريتانيا، فالسيادة إذا للقبائل أو حسب ما جاء في كلمة القاضي الأمريكي ديلار: ״ إن الإقرار بأن الإقليم لم يكن بلا سيد لا يعني انه كان تحت سيادة دولة من الدول المعنية، نظرا لوجود قبائل مستقلة بالمنطقة تطبق نوعا من التنظيم الاجتماعي والسياسي״.

الفقرة الثالثة : مؤامرات تحاك على حساب حق الشعب الصحراوي باسم الحق التاريخي

أولا : الاجتياح المغربي عدوان غير مبرر
لم يكن لدى الجيش العسكري المغربي أي مبادئ ولا قيم أخلاقية ولم يحترم شرعة من الشرائع وحتى إن كان لديه البعض منها فانه لم يكن في حاجة إليها عندما اجتاح الصحراء الغربية فدخل كل من المناطق التالية: فرسية، اجديرية، السمارة...يوم 31 أكتوبر 1975 اليوم الذي شهد مجازر في حق الشعب الصحراوي حيث تم قتل معظم من كان في طريق هؤلاء الجنود من المدنين العزل، فلا طفل شفع له صغر سنه ولا امرأة ولا شيخ شفع لهما ضعفهما لدى الجنود المغاربة و لا ننسى ما خلفه الاجتياح المغربي من مقابر جماعية في كل من مسيد الطنطان، اجديرية، أم دريكة وأيضا قنبلة الصحراويين بقنابل النابالم والفسفور المحرمان دوليا. بعد هذا الاجتياح العسكري سوف يعقبه اجتياح آخر من طرف 350 ألف مستوطن مغربي مشاركين فيما يسمى (المسيرة الخضراء) التي أعطا انطلاقتها الملك الحسن الثاني وقد انطلقت يوم السادس من نوفمبر 1975 متحدين بذلك كل القرارات الدولية ومن بينها تقرير اللجنة الأممية لتقصي الحقائق الذي صدر في 15 أكتوبر 1975 التي دعت إلى وجوب استعمال الشعب الصحراوي لحقه في تقرير مصيره وأيضا قرار محكمة العدل الدولية الصادر في 16 أكتوبر 1975 وكل القرارات الصادرة في هذا الشأن، مبرزين للعالم النية المبيتة في احتلال الصحراء الغربية ، إلا أن القرار الصادر عن الجلسة الطارئة لمجلس الأمن الدولي القرار رقم 380 الصادر بالتاريخ 6 نوفمبر 1975 كان بمثابة صفعة بالنسبة للمملكة المغربية حيث دعا القرار المملكة المغربية إلى ضرورة سحب كل المستوطنين المغاربة المشاركين في المسيرة من الصحراء الغربية.
لتبدأ مناورات أخرى للتحايل على القرارات الدولية والمجتمع الدولي هذه المناورات التي أنتجت اتفاقا ثلاثيا بين المملكة المغربية والجمهورية الموريتانية واسبانيا.

ثانيا : اتفاقية مدريد: وثيقة قانونية أم مؤامرة توسعية؟

لقد كان لهشاشة البنيان التاريخي الذي استند إليه المغرب في محاولة احتلال الصحراء الغربية وانهياره أمام القرارات والتقارير الدولية الدور الكبير في جعل المغرب يبحث له عن مسوغ أو ذريعة قانونية يتخفى خلفها لشرعنت احتلاله للصحراء الغربية لذلك لم يتردد المغرب في التوقيع على الاتفاقية الثلاثية بتاريخ 14 نوفمبر 1975 وكان من الموقعين على هذه الاتفاقية: احمد عصمان عن المملكة المغربية، حمدي ولد مكناس عن الجمهورية الإسلامية الموريتانية وكارلوس ارياس عن إسبانيا وسميت هذه الاتفاقية باتفاقية مدريد الثلاثية ففي الظاهر فان هذه الاتفاقية تحول الإدارة وهي إدارة مؤقتة للإقليم بحيث ينتهي العمل بهذه الاتفاقية يوم 26فبراير 1976 وبعد هذا التاريخ زاد يقين الصحراويين أن الأمر لا يتعلق بإدارة مؤقتة بالإقليم بقدر ما هو احتلال لإقليم، ففي اليوم الموالي أي يوم 27 من فبراير 1976 تم إعلان الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية إلا أن الوجه الخفي لهذه الاتفاقية كان دفع المغرب ثمن هذا الاتفاق مما يملك وما لايملك حيث حصلت اسبانيا على 35 % من أسهم شركة فوس بوكراع، وتعويض اسبانيا عن كل ما دفعته في الصحراء الغربية،و ترك جميع الأبواب مفتوحة لكل مساهمة تتعلق بالاستثمار أو بالاكتشاف أو التنقيب عن مناجم جديدة في الصحراء الغربية ثم السكوت عن سبته ومليليه وترك مصيرهما مرتبطا بمصير جبل طارق. كان أيضا من نتائج هذا الاتفاق تقسيم الصحراء الغربية بين المغرب وموريتانيا حيث احتل المغرب الساقية الحمراء وموريتانيا احتلت وادي الذهب وذلك بموجب اتفاقية ترسيم الحدود بين البلدين بتاريخ 14 ابريل 1976 وكان من الموقعين عليها كل من حمدي ولد مكناس عن الجمهورية الإسلامية الموريتانية واحمد العراقي عن المملكة المغربية، لذا فالمملكة المغربية ليست لها حدود ثابتة إذ كانت تصل إلى نهر السنغال حينما كانت تطالب بموريتانيا مستخدمة نفس الحجج التي استخدمتها في مزاعمها الآن حول الصحراء الغربية وهي الحق التاريخي وهاهي الآن تقتسم الصحراء الغربية مع موريتانيا هذه الأخيرة التي كانت المملكة المغربية تدعي أنها جزء لا يتجزأ من وحدتها الترابية.

ثالثا : حدود المغرب مابين المد و الجزر

تحت عنوان ‘‘اتفاقية التجارة والسلام‘‘ وقع السلطان المغربي محمد بن عبد الله بن إسماعيل مع ملك اسبانيا كارلوس الثالث على هذه الاتفاقية بتاريخ 28مايو 1767التي تنص على أن الإسبان يجب أن يصطادوا في ساحل أكادير ثم شمال ساحل أكادير حيث أن السلطان المغربي ليست له سيادة أو سلطة على ما وراء واد نون وذلك أن السلطان المغربي ليس مسؤولا عن ما يقع للمراكب الإسبانية على الساحل الصحراوي هذا فيما يخص التاريخ أما الدستور المغربي فانه يضع مسالة الحدود ضمن تحديد فضفاض: ’’ حدود المغرب الحقة...؟؟ ‘‘ فحدود المغرب سنة 1956 ليست هي 1960 أو 1963 وحدوده سنة 1975 ليست هي 1976 وليست هي أيضا 1979...
ضل ساسة المغرب يسوقون لمقولة أو وهم الحق التاريخي الذي استعملوه للمطالبة بموريتانيا وحين لم تأتي هذه المقولة بثمارها التوسعية وجهت نفس الحجج التي كان ساسة الرباط يستعملونها في المطالبة بموريتانيا إلى الصحراء الغربية استنادا إلى الحق التاريخي وفي حالة افترضنا وجود روابط تاريخية كان من الواجب على سوريا أن تطالب بلبنان ومصر بالسودان ولطالبت المملكة العربية السعودية باليمن، وهك نشكر ذا تظل حدود المغرب مرشحة للتمدد حسب مغامراته التوسعية.

الفقرة الرابعة : قرارات الأمم المتحدة في ظل الاحتلال التوسعي

لم يتغير موقف الأمم المتحدة من قضية الصحراء الغربية كونها قضية تصفية استعمار حتى بعد خروج الإسبان وحلول الاحتلال المغربي محله، ففي هذا الإطار صدر القرار رقم 3453 الصادر عن الدورة 30 للجمعية العامة بتاريخ 10/12/1975 وقد تضمن القرار قسمين أ- ب :
أ : ففي البند الخامس من هذا القسم تسجل الجمعية العامة بارتياح تقرير البعثة الدولية لتقصي الحقائق في الصحراء الغربية لسنة 1975 وتتبنى النتائج الصادرة عن مهمة هذه البعثة والقائلة بوجوب اتخاذ الإجراءات لإتاحة الفرصة لجميع الصحراويين الأصليين في أن يقرروا مستقبلهم بكل حرية وفي جو من السلم والأمان طبقا للقرار رقم 1514 . وفي البند السابع ״ تطلب الجمعية العامة من الحكومة الاسبانية بوصفها الدولة المديرة وطبقا لملاحظات و نتائج محكمة العدل الدولية، واتخاذ جميع الإجراءات الفورية والضرورية بالتشاور مع جميع الأطراف المعنية والمهتمة من اجل تمكين جميع الصحراويين الحقيقيين من ممارسة حقهم الذي لا جدال فيه لتقرير مصيرهم بصورة كاملة وبكل حرية تحث إشراف منظمة الأمم المتحدة ״.
ب: ففي البند الثاني من هذا القسم ״تتمسك الجمعية العامة بحق تقرير المصير لجميع الصحراويين الأصليين وفقا للقرار رقم 1514 ״وفي البند الثالث ״ تمني الجمعية العامة على الأطراف الموقعة على اتفاقية مدريد 14/11/1975 احترام تطلعات السكان الصحراويين״وفي البند الرابع ״ تتمنى الجمعية العامة من ألإدارة المعنية إجراء اللازم بشكل يسمح لسكان الصحراء الأصليين بممارسة حقهم في تقرير المصير عن طريق المشاورات الحرة والمنظمة وبحضور مراقب من منظمة الأمم المتحدة يختاره الأمين العام ״.
أما في اللائحة رقم 3437 الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة لسنة 1979 فتصف التواجد المغربي في الصحراء الغربية بأنه استعمار واحتلال لإقليم مجاور. وقد باتت إرادة المملكة المغربية واضحة في نهب واستغلال خيرات الصحراء الغربية فبعد الخيرات البحرية في ساحل الصحراء الغربية و الفوسفات بدأ المغرب في تدشين مرحلة جديدة من النهب وهي إرادته التوقيع على اتفاقية مع شركات للتنقيب عن البترول في الصحراء الغربية ومن تم نهبه واستغلاله، بعد ذلك تحيل الأمم المتحدة ملف التنقيب عن البترول في الصحراء الغربية على المستشار القانوني للأمم المتحدة السيد ״هانس كورل״ الذي قال يوم 29 يناير2002 في استشارته القانونية أن المملكة المغربية لا تملك السيادة على الصحراء الغربية وبالتالي لا يحق لها قانونيا أن تنقب عن البترول فيها ولا أن تستغله.
يبدو أن موقف الأمم المتحدة لم يتغير تجاه قضية الصحراء الغربية بتغير الاستعمار فيها من الاستعمار الإسباني إلى الاستعمار المغربي حيث لازال يعتبر قضية الصحراء الغربية هي قضية تصفية استعمار وان الحل الوحيد هو تمكين الشعب الصحراوي من تقرير مصيره لذلك لازالت اللجنة الرابعة لتصفية ألاستعمار التابعة للأمم المتحدة تتبنى ملف الصحراء الغربية على أنه إقليم لم تتم تصفية ألاستعمار منه بعد.

بحث : محمد سيدي ابراهيم

Anonymous said...

شذرات من يوميات سجين سياسي (الجزء الأول)

15/04/2008

بقلم: سعيد مصطفى البيلال


















بين المخافر: رحلة الأصفاد والأحقاد
استيقظت في ذاك الصباح المميز كعادة كل صباح تشرق أشعته عبر نوافذ منزل الأخ والصديق والرفيق المعتقل السياسي السابق لعدة مرات الناشط الحقوقي والكاتب العام للجنة الصحراوية للدفاع عن حقوق الإنسان بالسمارة/ الصحراء الغربية. المناضل "حمادي الناصيري"، حيث كنت قد بت ليلتي عنده كالعديد من الليالي كان ذلك يوم 26 دجنير 2007 بحي السلام الصامد المطل على واد "الكايز" الصغير.
ودعت رفيقي الناصيري وزوجته المناضلة والصديقة والرفيقة سلكها سعيد بيبا، على أمل أن أعود في وقت آخر من نفس اليوم، تركتهم قلقين ومتوجسين، والسبب أنني ذاهب إلى مخفر الشرطة (الدائرة الأولى بالسمارة المحتلة)، من أجل تجديد بطاقة الاحتلال التعريفية رافقني على الساعة العاشرة من ذلك الصباح الصديق والرفيق محمد الذهبي، استلقينا سيارة للأجرة من الحجم الصغير تسامرت ورفيقي ببعض الحديث قبل أن يتوقف محرك السيارة معلنا بذلك نهاية الرحلة القصيرة، دلفت ورفيقي المخفر اللعين، سألني أحدهم عن حاجتي، أخبرته إياها، سألني عن اسمي الكامل أجبته على الفور دون تردد، تغيرت ملامح وجهه، رد قائلا يمكنك مرافقتي إلى مكتب آخر، أحسست حينها أن هناك شئ سيحاك لا محالة، خاصة وأنهم أشاروا لرفيقي بالمغادرة خارج المخفر، اقتادني ذلك الشرطي المدعو "بلفاسي" إلى مكتب يوجد آخر الرواق.
جلست على احد الكراسي القليلة بذاك المكتب الخالي من أين كان سواي، بعد عشرة دقائق تقريبا بدء أفراد الشرطة في الاقتراب تباعا من باب المكتب لإلقاء نظرة علي دون النبس ببنت شفة، كانوا يتفحصوني بنظرات خاطفة ربما يتسابقون نحو مشاهدة مناضلا صحراويا يظنون عن غباء انه سقط بين أيديهم، وبعد نصف ساعة تقريبا من ذلك المشهد المتكرر، دلف إلى المكتب الضابط المدعو "إسحاق" فسألني هل تدرس بالرباط؟ فأجبت بالإيجاب، ليخرج بعدها ويعقبه شرطيان بزي مدني جلس أحدهم على كرسي بينما استمر الآخر في الوقوف، هذا الأخير كان يتظاهر من محياه الشر، من خلال تكشيرة علت وجهه القبيح، ونظرات كلها حقد وكراهية، سارعني، الشرطي الجالس بسؤال عن هويتي بلهجة حسانية خالصة. رديت على سؤاله باسمي الثلاثي، وعن تاريخ و مكان ميلادي: 1978 بالعيون المحتلة كان ذاك جوابي، بادرني بعدها بسؤال عن المستوى الدراسي، حينها سارعت بسؤال مقابل. هل هذا تحقيق؟ أجاب نعم فقلت له على أي أساس فأجاب تحقيق روتيني فأجبته بدوري لن أتجاوب مع هذا التحقيق سواء كان روتيني أو استثنائي. وأود أن أعرف لماذا أنا هنا وماذا تريدون مني بالضبط. حينها سارع الضابط الواقف بالرد بحنقة، أنت موضع اعتقال على خلفية مذكرة بحث على المستوى الوطني من طرف الضابطة القضائية بالرباط. أجبته بدوري وبصوت جاهر، مادام الأمر كذلك. فلست مضطر إلى التجاوب معكم كضابطة قضائية بالسمارة المحتلة، لم يستسغ جوابي. هذا الضابط عرفت فيما بعد انه احد أسوء الجلادين المغاربة بالسمارة المحتلة ويدعى "عبد الصمد" وكان سابقا قد أشرف على تعذيب أختاي "ابابة" و"النجاة البيلال"، خرج الاثنان بعد امتناعي عن التجاوب مع التحقيق، فعقبهم 4 أفراد آخرين من الشرطة اقتادوني إلى مكتب ثالث يعود إلى رئيس الشرطة القضائية. حيث أجلست على كرسي مقابل لمكتبه أكد لي الأخير أنني رهن الاعتقال على خلفية مذكرة بحث صادرة من الرباط. وانه ينتظر التعليمات حول مصيري، أعادوني إلى مكتب آخر مرفوق بحراسة ثلاثة من الشرطة، بقيت على تلك الحالة حتى حدود الساعة الثانية زوالا، حينها رأيت أحد رجال الشرطة الذي كان من بين الحراس، وهو يتأبط حقيبة صغيرة خاصة بالسفر، عرفت حينها أنهم يتجهزون للسفر أي لنقلي إلى وجهة أخرى وصل إلى سماعي صوت نسوي بعيد، أدركت أنه صوت والدتي "الغالية احمد سالك النفاع"، استدعيت أحد الحراس وقلت له أريد أن التقي بوالدتي، فأجاب أن التعليمات مشددة وأنت ممنوع من لقاء أي كان عرفت حينها أن عائلتي ورفاقي قد علموا باعتقالي.
كنت اعرف قبل أن اذهب لمخفر الشرطة أن هناك احتمال اعتقالي، لكنني ورغم هذا الاحتمال الكبير كنت مصر على الذهاب، وهنا لابد أن أفسر أسباب هذا الإصرار. كنت أعرف أن أجهزة الأمن بالرباط كانت تتحين الفرص طيلة السنوات الماضية من أجل اعتقالي. وكنت اعرف أنهم يلاحقوني وأنني موضوع تحت المراقبة، كانت تصلني تهديداتهم ووعيدهم. خاصة بعد كل معركة نضالية نخوضها كطلبة صحراويين بالموقع الجامعي الرباط. كما كنت أعلم أنهم أدرجوا اسمي لا في المحاضر المطبوخة التي نسجت لرفاقي الأبطال التسعة الذين اعتقلوا فجر 17 ماي 2007. على خلفية الاعتصام الذي نظمناه بتاريخ 9 ماي نفس الشهر للتضامن مع إخواننا الطلبة الصحراويين ضحايا آلة القمع المغربية بباقي المواقع الجامعية وعلى رأسهم البطلة والطالبة والناشطة الحقوقية "سلطانة خيا" والذي رفعنا خلاله لافتات بعدة لغات نطالب من خلالها بتقرير مصير الشعب الصحراوي واستقلاله، والأبطال التسعة هم:
"محمد علي ندور"،" مولاي أحمد عيلال"، "لخليفة الجنحاوي"، "عبداتي الدية"، "الحسين الضالع"، "محمد الناجم الصغير"،" محمد العلوي"،" الولي الزاز"،" إبراهيم الغرابي".
وبعد عدم تمكنهم من اعتقالي ذاك الصباح زجوا باسمي في تلك المحاضر المحبوكة على أني العقل المدبر والمحرض وبأنني في حالة فرار، وهنا لابد من تأكيد أمر مهم وفي غاية الأهمية والخطورة. وهو إن إصدار مذكرة بحث في حقي كانت ترمي حسب وجهة نظري البسيطة إلى تكبيلي وتكميمي والحد من نضالي وحضوري في الساحة الوطنية، وقد علمتنا التجربة النضالية أن دولة الاحتلال تحيك مسألة مذكرات البحث من اجل وضع المبحوث عنهم أمام خيارات عدة وهي:
الخيار الأول: لجوء المبحوث عنه إلى سلطات الاحتلال خاضعا ونادما وشروعه في الخضوع لمشيئتها، أي أنه يفضل الاحتواء والمساومة على الإقصاء والمقاومة.
حينها تقدم هذه السلطات على إقبار مذكرة البحث في حقه في مقابل تقديمه لقرابين الولاء والانحناء، والتبرؤ من النضال والساحة الوطنية، والارتماء في أحضان الاحتلال بنعيمه الزائل، وهذا الخيار هو ما تبتغيه دولة الاحتلال.
الخيار الثاني: لجوء المبحوث عنه إلى بدائل أخرى وهي مغادرة الوطن المحتل على متن أقرب قارب من قوارب الموت نحو ديار المهجر، متناسيا أن سلطات الاحتلال هي من أوجدت له بطريقة غير مباشرة كل الظروف لهكذا رحلة بدءا من الشبكة المشرفة وصولا إلى الزورق، ربانه وكافة التجهيزات، وهنا ورغم أن المبحوث عنه يظن أنه فر يجد له دون الارتماء، في أحضان الاحتلال إلا أنه وللأسف حقق للاحتلال ما كان يصبو إليه وهو إفراغ المناطق المحتلة من شبابها الفاعل ومن قواتها الحية .
الخيار الثالث: يلجأ المبحوث عنه إلى الاختباء والتخفي والتنقل من مكان إلى آخر دون أن يمكث فيه أكثر من أيام معدودة، ويعمل أثناء تنقلاته على الابتعاد عن أعين الأجهزة الأمنية، خاصة الأماكن العامة ونقط المرور وعن تجمعات الصحراويين والابتعاد عن أماكن النضال والفعل الوطني ليس تراجعا عن النضال وإنما التوجس من الاعتقال والاختطاف وبذاك تكون سلطات الاحتلال حققت مبتغاها، حيث ينتقل هاجس المناضل من مناهضة الاحتلال والنضال ضده إلى معركة أخرى وهي كيف ينجو من الاعتقال، ورغم أن الخيار ليس كسابقيه إلا انه يحد من فاعلية المناضل ومن جرأته واندفاعه ومقارعته للعدو، وهذا أقل ما يريده الاحتلال.
الخيار الرابع: مواجهة المبحوث عنه للأمر الواقع واستمراره في النضال ومواصلة مسيرته رفقة إخوانه وأخواته، وهنا تكون احتمالات اعتقاله أكثر ورودا إلا أن المناضل يفضل الاعتقال والمقارعة والتعذيب والسجن والمحاكمات ويحولها إلى ساحات أخرى للفعل الوطني وبذاك يوجه صفعة للاحتلال.
ومهما كانت المدة السجنية فإنه في آخر المطاف سيخرج رافعا رأسه ويواصل المسار الذي لم يتوقف بالنسبة إليه، وبذاك يعطي المثال لبقية المبحوثين عنهم وهم كثر على نجاعة هذا الخيار الذي تخشاه سلطات الاحتلال كثيرا لأنه يشكل لها تحديا وجرأة. ويكون بذلك المناضل شوكة تستعص على الابتلاع وجمرة تحرق كف الاحتلال إن احتفظ بها وتحرق محيطه إن تخلص منها. وذاك هو المراد من المناضل الجمرة.
أمام هذه الخيارات وكوني احد هؤلاء المبحوث عنهم فقد فضلت الخيار الرابع، ولأن بطاقة تعريفهم كانت قد ضاعت مني، مما يعني معه أنني مهدد في كل لحظة بالسؤال عنها من طرف أية دورية تمشيطية أو مخفر للشرطة أو نقطة للمرور، فإنني فضلت أن أذهب بقدمي إلى الكوميسارية للتبليغ عن ضياعها، وليكن بعدها الاعتقال، فأنا شخصيا لم اتعود على الخنوع والاستسلام ولا الاختباء وأعارض خيارات مغادرة الوطن المحتل وإفراغ المنطقة، وفضلت رحلة المجهول والاعتقال والتعذيب والسجن والمحاكمات على الخنوع وطأطأة الرأس والانحناء لعدو غازي محتل، ومنذ وطأت قدماي ذلك المخفر جهزت نفسي جيدا لخوض غمار الرحلة القادمة ووضعت نصب عيني هدفا واضحا وهو الصمود مهما كانت تفاصيل الرحلة القادمة، على الساعة الثالثة بعد الزوال ولج إلى الغرفة أربعة أفراد من الشرطة، وأخبروني بضرورة مرافقتهم، اقتادوني في ذلك الرواق نحو باب المخفر، أمسك أحدهم بذراعي فيما تراص الباقون من حولي. توقفت فجأة وقلت للشرطي الممسك بذراعي: أزل يدك من ذراعي وسأذهب معكم أينما يريدون. رد على الفور: تقدم ولا تكثر الحديث أجبته بحزم لن أخطو خطوة أخرى قبل أن تزل يدك عن ذراعي، انصاع في آخر المطاف للأمر، وبمجرد أن غادرنا بوابة المخفر حتى وجدت أمامي سيارة من نوع رونو طرافيك في الإنتظار وما إن اقتادوني لبابها الخلفي حتى سمعت صراخا وضجة في الحوار التفت إلى يميني فإذا بي أشاهد تجمعا لأفراد عائلتي ورفاقي والنشطاء الحقوقيين وفي حالة احتجاج على اعتقال وفجأة تمسك رجل الشرطة بتلافيفي وبسرعة البرق أصعدوني لقلب السيارة، وأحكموا إغلاق بابها بعد أن صعد بعضهم، نظرت عبر زجاج الباب الخلفي للسيارة، تمكنت من رؤية ذلك المشهد الذي لن أنساه ما حييت، والدتي ووالدي وأخواتي وأصدقائي ورفاقي والعديد من الصحراويين والصحراويات تجمهروا حول السيارة من كل صوب ومنهم من انتصب أمامها لعرقلة تحركها؟، والجميع في حالة صراخ واحتجاج، تدخل باقي أفراد الشرطة لإبعاد المواطنين الصحراويين عن السيارة وفي سرعة البرق أشتغل المحرك وبدأ ينفث دخانه رفعت شارة النصر واقتربت من الزجاج الخلفي كنت أنظر من خلالها إلى عائلتي ورفاق ورفيقاتي وهم يهرولون في اتجاه السيارة التي ابتعدت بمسافة طويلة، رأيت في عيونهم وداعا وقلقا وتوجسا يشع منه عطفا وتضامنا كان بمثابة السند الذي تزودت به في تلك اللحظات، اتجهت السيارة بسرعة نحو المحكمة الابتدائية بالسمارة المحتلة، كان ذلك مجرد مناورة وتمويه ولم تكن هي الوجهة الحقيقية، بعدها واصلت المسير في اتجاه الملعب الرياضي شمال المدينة، حينها أخرج أحدهم الأصفاد من خسره وكبل يدي، نظرت الى تلك الأصفاد، وتذكرت حينها أحداث ماضية وارتبطت بهذه الأصفاد، فعلى طول السنوات الماضية لطالما دخلت في مواجهات مع سلطات الإحتلال بالمدن المحتلة وبالموقع الجامعي الرباط، ومشاحناة خاصة بعد كل معركة نضالية، وكعادتها كانت السلطة تستخدم العصا والجزرة، أي الترهيب والترغيب، فكانوا يهددوني بالقتل والإختطاف والإعتقال والتعذيب بشكل صريح ومباشر، أو عن طريق بعض الوساطات بشكل غير مباشر وكان ردي دائما، افعلوا ما يطيب لكم فلا تنازل عن النضال حتى زوال الإحتلال وانتشاء لذة الإستقلال واقعا وكافة تراب الساقية الحمراء ووادي الذهب، هذا عن الترهيب والعصا، وفي المقابل لطالما بعثوا بعض الوساطات من أجل الحوار وبحث صيغ التفاهم، وكان ردي، أنني فاعل سياسي وهم رجال أمن ولا حوار بين الطرفين، وأن أي حوار سيفتقد لأرضية النقاش، لسبب واحد وهو أنهم يمثلون دولة الاحتلال المغربية، وأنا فرد من الشعب الصحراوي، هذا الأخير لديه ممثل وإطار شرعي ووحيد وهو الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، وهي الوحيدة المسوغ لها التفاوض مع دولة الإحتلال، على أرضية تقرير المصير، ولا يمكن اختزال هذا التفاوض بأي حال من الأحوال في فرد أو مجموعة من الشعب الصحراوي مع دولة الإحتلال بأكملها فما بالك مع جهاز أمني أو أجهزة أو فرد ينتمي لهذه الدولة، فمثل ما لهذه الأجهزة دولة تمثلها وتنتمي إليها، نحن كذلك لدينا حركة تحرر تمثلنا وننتمي إليها، وأي حوار خارج هذه الأرضية وفق تلك القواعد هو برأي مجرد خانة وارتماء في أحضان المساومة الرخيصة وإعطاء دولة الإحتلال فرصة للتغلغل وإنشاء لذة العجرفة والاحتواء وهذا لن يكون في حالتي مهما كان الحال، فلا حوار مع دولة الاحتلال ولا لقاء إلا في حالة الاعتقال، أي في حالة وضع الأصفاد في يدي، كل هذا تذكرته حين وضعوها في يدي، حينها سرت في نفسي راحة ونشوة قل نظيرها، فتلك الأصفاد الباردة واللعينة ترجمت في داخلي إحساس بالوفاء لقناعتي ومواقفي التي حملتها لسنوات مضت فلا لقاء بسلطات الاحتلال إلا لقاء الأصفاد وهذا ما كان، وحتى هذا اللقاء لن يكون سهلا وسيكون وبالا عليهم إن شاء الله.
وهنا يلزمني تذكير الوطنيين الصحراويين المخلصين للقضية وشهادائها، بأن الثورة الصحراوية مثل باقي الثورات التي عرفها العالم عبر العصور، فيها الوفاء والخيانة والصمود والانبطاح، وفيها رقاب وذمم مستعدة للمساومة والمتاجرة وبالمقابل فيها رقاب يسهل قطعها وهي في أتم الإستعداد لذلك لكنها عصية على الانحناء أو الخنوع لسياسة الأمر الواقع ولرغبات الاحتلال مهما كانت شراسة مخططاته وأساليبه المادية والمعنوية، لذا يجب على الوطنيين الصادقين، يظلوا دائما عصيين وممانعين بوجود آخرين يتاجرون بالقضية للأسف.
توجهت السيارة نحو نقطة المرور غرب المدينة عند المدخل الرئيسي للمدينة المحتلة، وجدنا سيارة أخرى في الانتظار، رافقت تلك التي نمتطيها، كان أمامنا طريقان، الأول يتجه نحو مدينة العيون المحتلة، والثاني نحو مدينة الطنطان، واصلت السيارتان طريقهما نحو مدينة الطنطان، تأكدت حينها أن الوجهة هي مدينة الرباط المغربية لا محالة، بعد كيلومترين توقفت السيارتان، حيث وصلت ثالثة كان على متنها عميد شرطة الاحتلال بالسمارة المحتلة، وبعد أخذ ورد، مع أحد الضباط المرافقين لي، عادت السيارتان فيما واصلت الأخرى التي تقلني السير نحو مدينة الطنطان، كانت تسير بسرعة فائقة، كنت أجلس مكبلا في الجزء الخلفي للسيارة رفقة فردين من الشرطة وهما: المدعو مصطفى، والمدعو أمين بينما في مقدمة السيارة، كان يجلس الضابط المدعو رشيد، رفقة السائق حميد، ظل محرك السيارة ينفث دخانه، وظليت بدوري أنظر من خلف الزجاج الى المناظر الطبيعية التي تمخرها هذه السيارة، وكأني أودع تلك المناظر الجميلة، أشجار الطلح المتناثرة هنا وهناك، وشجيرات صغيرة متراصة تربط كل شبر من الصحراء بشبر آخر، وفي بعض اللحظات أشاهد أغناما ورعاة عائدين من الرعي، كل ذلك شكل لي أجمل لوحة يمكن لأرض الساقية الحمراء ووادي الذهب، أن تودع بها أحد أبنائها الذي يرحل قصرا منها نحو عقر دار دولة الاحتلال التي استباحتها منذ ثلاثة عقود أو أزيد، بعد ساعتين من المسير نحو مدينة كلميم حيث وجدنا آخرين في الانتظار والتقوا نفس النظرة ونفس الأمر بمدينة تينزنيت، وأخيرا مدينة أكادير التي وصلناها لنظرة ونفس اليوم، وأكد لي الضابط المدعو رشيد أن سيارة تابعة للشرطة القضائية لمدينة الرباط في انتظار وصولنا لنقلي إلى الرباط، تبين أن هذا القول لا أساس له من الصحة بعد ذلك، حطت السيارة الرحال أخيرا بمقر المخفر الرئيسي للشرطة بأكادير أو ما يسمى بولاية أمن أكادير، فاقتادوني إلى أحد المكاتب حيث وجدت عميد الأمن في انتظاري، تسلم بعض الأوراق من الضابط المدعو رشيد ، حيث وقع عليها للدلالة على تسلم هذا الصيد الثمين في نظرهم، أكد لي ذلك العميد أن اكادير هو فقط محطة عبور وبأنهم في انتظار وصول مسؤولين من ولاية أمن الرباط، اقتادوني بعد أن وضعوا في أيدي أصفاد أخرى بدل تلك التي كانت والتي تسلمها أصحابها بعد أن وضعوا في أيدي أصفاد أخرى بدل تلك التي كانت والتي تسلمها أصحابها بعد أن وضعوا في أيدي أصفاد أخرى بدل تلك التي كانت، والتي تسلمها أصحابها، نحو الطابق الأرض للمخفر حيث كل زنزانة على شاكلة قفص، وهناك خمس زنازن متراصة، ومكتب خاص بالحراس، نزع هؤلاء حزام سروالي وبعض النقود والوثائق ليقتادوني إلى الزنزانة الأخيرة، دلفت إلى تلك الزنزانة النتنة، كان طولها 3 أمتار تقريبا وعرضها مترين، وفي أحد أركانها يوجد مرحاض صغير يقبع في الزاوية، تفوح منه روائح البول والغائط المتراكمة حوله، مدني أحد الحراس بغطاء بالي لا يختلف كثيرا عن فصيلة المرحاض، إن لم يكن هذا الغطاء بمثابة مرحاض متنقل، ظللت لساعات طوال أتمشى داخل تلك الزنزانة، وبعد أن اشتد بي العياء والتعب والجوع والعطش، لم أجد بد من افتراش، ذلك الغطاء الكريه، جلست عليه واستندت بظهري نحو الحائط، وبعد مقاومة تمكن النوم من التسلل إلي، لم يدم طويلا حيث استيقظت فجأة على وقع لسع البرد القارص، الذي اشتدت لسعاته مع اقتراب فجر اليوم الموالي، كنت وكأني في العراء بل في مكان أفضل منه العراء بمئات المرات، فهذه البقعة من المخفر تقع في الطابق الأرضي، لا تدخلها أشعة الشمس ولا تيارات الهواء، تعج الرطوبة والروائح النتنة، والمياه التي تبلل أرضية الغرفة نتيجة القطرات الدائمة لصنبور المياه المحاذي للمرحاض تلك القطرات التي تعزف باصطدامها بالأرضية معزوفة مزعجة تحرمك من نعمة النوم مهما كانت حاجتك لها، وأنا جالس على ذلك الغطاء النتن مستند على ذلك الحائط المتسخ والبارد، بتلك الزنزانة القذرة، مع تلك الرائحة الزاكمة للأنف وأصوات قطرات المياه، ومع لسعات البرد القارص، بدأت في التفكير وانتشال الذكريات من الماضي البعيد علها تسليني في ليلي الطويل، الذي أسامر فيه بيئة من القذارة والنتانة، في تلك اللحظات يصبح التذكر سلاح قادر على الرحيل بالروح والفؤاد من ذلك المكان ويحط بك في عوالم أخرى خالية من مواصفات المكان، تذكرت حينها وجوها عزيزة علي ورفاق ألفت صحبتهم، وبدأ وسواس الأسئلة ينخر ذهني في تلك اللحظات، ماذا فعلوا برفاقي وعائلتي التي تركتها أمام ذلك المخفر بالسمارة في تلك اللحظة الى رفيقي حمادي "حمادي الناصيري" ولعائلته الرائعة، فكرت حينها أن أصدقائي ورفاقي بالمدن المحتلة والمواقع الجامعية لن يهدأ لهم بال وأن القلق والتوجس ينخر يومياتهم.
ظليت على تلك الحالة لساعات طويلة كنت أبحث خلالها عن أي شيء أسامر به ليلي الطويل واقتل به الوقت اللعين، بدأت أحدق من جديد في الزنزانة، شاهدت صراصير تخرج من المرحاض الصغير تجول وتصول إلى الاستعانة بالذكريات من جديد التي كان بساطها جاهزا لنقلي إلى أي مكان أريد، كان البرد هو الوحيد القادر على انتزاعي من ذكرياتي والعودة بي إلى الواقع. على طوال ساعات الليل ظل الحراس يراقبوني من بعيد دون أن ينبسوا ببنت شفة.
وأخيرا أطل الصباح، لم أعرف ذلك عن طريق أشعة الشمس لأنها لا تصل إلى حيث أنا في هذا القبر الكبير، بل عرفت ذلك عندما دبت جلبة في المكان، حيث أنهى الحراس مداومتهم فاستبدلوا بآخرين، وعند تسليم المهام تهامسوا فيما بينهم والتفوا نحوي، عرفت حينها أنهم أعطوهم توصيات حولي، كنت جالسا بتلك الزنزانة الشبيهة بالقفص، ظل رجال الشرطة يلجون إلى عين المكان، ليلقوا علي نظرة ليغادروا بعدها ويبدوا أن الجميع وصل إلى مسامعهم وجودي بمخفرهم اللعين، لذلك لم يلؤوا جهدا من أجل مشاهدة هذا الإنسان القابع خلف القضبان و الذي صحبته هالة منذ أقتيد من السمارة المحتلة، ونعت بمواصفات عديدة كلها تجمل مغازي الخطورة والجذر والتوجس.استدعي ت أحد الحراس و أخبرته أني أريد أن أتوضأ ومكانا نقيا أصلي فيه أجابني باستهزاء، توضأ في مرحاض الزنزانة وصلي حيث أنت، فلدينا تعليمات صارمة بألا تغادر الغرفة ونحن ممنوعون حتى من الحديث معك.
فهمت حين إذن سر نظراتهم لي المتوجسة، وسر تلك الإطلالة التي ما فتأ كل واحد منهم يجريها لزنزانة القذارة التي أتواجد بها، أخذت قنينة فارغة وعبأتها بالماء وتوضأت قرب بوابة الزنزانة، وأخذت خرقة بالية نظفت بها إحدى زوايا الزنزانة حيث مددت معطفي على المكان وأديت صلاتي، وظليت محتفظ بوضوئي وفي كل صلاة كنت أستعين بمعطفي الذي تحول إلى غطاء في الليل وفراش في النهار وسجادة لأداء الصلاة.
بقيت على تلك الحالة حتى وقت متأخر من نفس اليوم، أحسست بتعب وحالة من الإجهاد تنخر جسدي المتهالك، نتيجة السهر والبرد والجوع، وضعت رأسي على ساعدي الأيمن في تلك الزاوية، خلدت إلى النوم العميق، لم أعرف كم من الوقت مر على ذلك، لم أستيقظ إلا بعد أن أحسست بالباب يفتح وتعقبه ضجة وصياح ووابل من السب والشتم، فتحت عيني المتأفيلتين وبعد هنيهة تفحصت المكان فإذا بالحراس يقذفون بسجين من الحق العام داخل الزنزانة، ويغلقون الباب بعد ذلك، بعد أن كالوا لهم مختلف أشكال الكلام القبيح، كانا شابين في مقتبل العمر في حالة سكر تام، ظلوا قرابة الساعة يتفوهون بكلام غير مفهوم، كان أقرب إلى اللهجة الأمازيغية، رمى لهم أحد الحراس بغطائيين ليسا بأحسن حال من ذاك الذي منحت أياه، ولأنهم كانا ثملين للغاية فلم يستطيعا بسط الغطائيين، حينها أخذت الغطائيين وبسطتهما على أرضية الزنزانة، وبعد أن أصابهم التعب من الصراخ والوقوف، هجعا إلى فراشهما وناما نوما عميقا، نوما لطالما حسدتهما عليه تلك الليلة التي لم تختلف كثيرا عن سابقتها سوى بالنزيلين الجديدين، اللذان أضافا برائحة الخمر نتانة أخرى على تلك الروائح التي يعج بها المكان، وأضافا بشخارهما أثناء نومهم ضجيجا وإزعاجا انصهر مع معزوفة قطرات الصنبور في بوتقة من الضوضاء تبعث على المس والجنون، وبعد ساعات من ذلك الحال المزري، استيقظ أحدهم وسألني عن مشكلتي، سردت عليه أسباب اعتقالي وقناعاتي، ثم أكد لي أنه يشتغل كمرشد سياحي بأكادير وانه وصديقه زج بهما معي في نفس الزنزانة لكون الزنازن الأخرى قد تكدست بالسجناء، واستيقظ صديقه وانضم بدوره إلى حديثنا، بقينا على تلك الحالة والحقيقة أنني أنست بصحبتهما وتبادل الحديث معهما، اخبراني أنهما سيفرج عنهما في نفس اليوم لان مشكلهما هو السكر العلني وهي تهمة بسيطة، حينها أخذت قطعة من ورق علبة التبغ ولففتها جيدا على شاكلة قلم وأخذت قطعة أخرى ودونت فيها رقما هاتفيا لأحد الأصدقاء واستعنت في ذلك برماد أعقاب السجائر الذي بللته بالماء حيث أضحى كالدواة وقطعة الورق الملفوفة مثل الريشة، دونت في قطعتين من الورق رقمين لصديقين وسلمت السجينين كل واحد على حدى إحدى القطعتين، ووعداني بمهاتفة أصدقائي بمجرد الإفراج عنهما، علمت فيما بعد أن أحدهما نفذ وعده. وكان لمكالمته الفضل الكبير في تمكن عائلتي ورفاقي والجميع من معرفة مصيري بعد ثلاثة أيام من رحلة المجهول.
ودعت السجينين اللذان اقتيدا من الزنزانة، عدت لوحتي وعزلتي وزنزانتي كان ذاك اليوم هو يوم الجمعة 28 دجنبر 2007 أي اليوم الثالث من الاعتقال. وبينما أنا جالس في تلك الزنزانة إذا بصوت جلبة وضجيج، حيث دلف إلى المكان العديد من أفراد الشرطة، توجهوا مباشرة نحو زنزانتي، وتوقفوا كان أحدهم أسمر البشرة، عريض المنكبين، وطويل القامة، ويبدوا من الهالة المعطاة له وحجم احترام البقية له أنه ذو شأن كبير بينهم، سألني بنبرة جدية، هل أنت فلان، أجبته بالإيجاب، أومأ إلى الحراس الذين سارعوا إلى فتح الباب، أخرجوني من الزنزانة ووضعوا خرقة بالية على عيني وكبلوا أيدي بالأصفاد من الخلف. ومن ثم صعدوا بي نحو الطابق العلوي، أدخلوني إلى ما يشبه أحد المكاتب وأجلسوني على أحد الكراسي، سألوني عن الاسم والعائلة والمستوى الدراسي. ومن ثم بادر أحدهم بلهجة حسانية خالصة إلى سؤالي عن حضوري لأشغال المؤتمر الثاني عشر بمنطقة تفاريتي أجبته أنني لم أحضر جسديا للمؤتمر لكن الأكيد أنني كنت حاضرا معنويا وروحيا كبقية الشعب الصحراوي الذي تعذر عليه الحضور الجسدي. عاد ليسألني مجددا عن نفس الموضوع. مؤكدا هذه المرة أنهم لديهم أدلة وبراهين على حضوري للمؤتمر عدت إلى نفس الجواب مؤكدا هذه المرة، أنني لا أستعير من حضوري بل هو فخر لكل صحراوي، لكن الحقيقة أنني جسديا لم أكن حاضر فأنا لا أتوفر على جواز سفر لكنني معنويا كنت حاضرا وكنت متتبع لأشغاله وفعالياته عن طريق وسائل الإعلام الصحراوية والدولية.
اقتادوني بعد ذلك إلى مكتب آخر. حيث أزالوا العصابة عن عيني، والتقطوا لي صورا في كافة الجوانب بعد أن حملوني ورقة كتب عليها إسمي ورقم مجهول لا أدري ما هو. بعدها أعادوني إلى الطابق الأرضي مثلما أتوا بي.
بقيت جالسا في تلك الزنزانة إلى حدود الساعة الرابعة مساءا، حيث دلف إلى المكان 3 أفراد من الشرطة، ووضعوا الأصفاد في يدي وعصبوا عيني بخرقة أخرى، وأقتادوني إلى الطابق العلوي من جديد ومن ثم إلى خارج المخفر حيث صعدوا بي إحدى السيارات الخاصة بالشرطة، والتي مددوني على أرضيتها من ناحية البطن، وكبلوا يدي اليمنى مع أحد الكراسي الثابتة وكذلك فعلوا باليسرى مع كرسي آخر في الجانب الآخر.
انطلقت السيارة في اتجاه مجهول، بعد أن أفقدت نعمة البصر عنوة بفعل تلك العصابة، بدأت في الاستعانة بالحواس الأخرى خاصة السمع، وبفضله تمكنت من تحديد عدد الأفراد المرافقين، كانوا على الأقل 6 أفراد، ظلت السيارة تمخر عباب الرياح نحو المجهول، كنت حينها أخمن حول الوجهة التي ربما تكون هي الهدف من هذه الرحلة، كل الاحتمالات زارت مخيلتي، اتجاه العيون المحتلة. العودة إلى السمارة المحتلة، الاتجاه نحو الرباط، أو الدار البيضاء أوتمارة. كل شئ وارد.
السيارة تخترق الطريق المجهول، الأصفاد اللعينة تأكل من معصمي، القماش المشدود يأكل عيني، ما أجمل نعمة البصر، حقيقة تأكدت لي في تلك اللحظات المظلمة..!
ما أعظم البطلة سلطانة خيا، التي وفي رمشة عين فقأت عينها ببرودة دم على أيدي الأوغاد، ما أروعك يا سلطانة النساء، وأنت تواجهين العنجهية وسادية الجلادين، ما أشجعك وأنت تضعين نعمة البصر قربان من أجل الحرية من أجل عيون الشعب الصحراوي، كلنا عيونك يا سلطانة، كلنا بصرك يا سيدة النساء في تلك اللحظة تذكرت هذه البطلة العصية على الوصف وعلى التقدير والتثمين.
تأملت كثيرا من تلك الوضعية التي اختاروها بقصد، كنت ممددا وسط غابة من الأرجل لأوغاد لا يعرفون الرحمة، كان استهزائهم وسبهم أصعب وأقسى من قبضة الأصفاد ووضعية الجلوس، صاح أحدهم باستهزاء: "أنت من سيحرر الصحراء..!؟.."حررت نفسك بعد..!" وانخرط بعدها في هيسترية من الضحك.. وكذلك فعل البقية... صاح آخر "صحراويين شبعتم ولم تحمدوا الله" والجميع في حالة من الانتشاء والقهقهة.. فكرت في الإجابة حينها إلا أنني عدلت عن ذلك لأني متأكد أن "جواب المحكور سكاتو" وأن أي حوار وأخذ ورد مع هؤلاء لا يعد وأن يكون نقاشا عقيما والنفخ في قربة مثقوبة وصب الماء على الرمال.
ظلوا لزمن طويل وهم على تلك الحالة. قلت لهم بصوت جاهر أريد ان أدي صلاة العصر.. أجاب أحدهم: هذا وقت العشاء.. أردف آخر: صلي بعينيك وشرعوا كالعادة في تلك القهقهات الصاخبة، بعد حين أمسك أحدهم بيدي اليسرى. وفك الأصفاد، وساعدني على الجلوس. وبقيت الأصفاد الأخرى تكبل يدي المنى، استويت في جلستي وأديت صلاة التقصير وأنا في حالة جلوس، لم يحترموا هذه الصلاة حيث لم يتوقفوا عن الاستهزاء وتوجيه الكلام النابي والبديئ.
لم أعرف كم مر من الزمن، وبعدها أحسست أن السيارة دخلت أجواء مدينة حيث وصل لسماعي رنين السيارات وأصوات آدمية، تلك الضوضاء الموسومة بها كل مدينة، ما فتأت أن عرفت أننا بمدينة مراكش، عرفت ذلك انطلاقا من الأصوات الكثيفة لمنبهات الدراجات، حينها بدأت الاحتمالات تتقلص، وتأكدت أن السيارة التي تقلنا تتجه في اتجاه طريق الدار البيضاء والرباط.
لم تتوقف السيارة بهذه المدينة، بل واصلت مسيرها، مثلما لم تتوقف المكالمات الهاتفية التي يستقبلها رجال الأمن بنفس السيارة، كنت أسمع إجاباتهم على تلك المكالمات، كان بعضها على الشكل التالي:"نعم إنه بصحبتنا"_ "نحن في الطريق" "سنكون عندكم على الساعة العاشرة ليلا"_كل الأمور تسير على خير وعلى ما يرام"...
قال احدهم: "لقد أزعجونا بالمكالمات الهاتفية من أجل هذا ابن...". وهنا أشير لنقطة هامة، وهي أن رجال الأمن لدولة الاحتلال يظنون عبثا أنهم أقوياء وتنتابهم حالة من اللذة عند اعتقالهم للوطنيين الصحراويين، فيكيلون لهم أقبح الكلام الحاط من الكرامة، والضربات والصفعات والركل والرفس، متناسين أنهم هم من في حالة ضعف ولسنا نحن، وهذا ما أحسست به في تلك اللحظات، فأنا مكبل اليدين ومعصب العينين، ومع ذلك أحسست بقوة لا مثيل لها، تلك القوة المستمدة من الله سبحانه وتعالى ثم من الشعب الصحراوي ومن ثورته وإطاره الشرعي والوحيد الجبهة الشعبية، فلولا وجدود هذا الشعب وجيشه وجبهته لما كانت لنا قيمة ولا معنى للوجود، فرغم أني بين أنياب الذئب، إلا أن انتمائي لذاك الشعب وبوجود حركته التحررية القوية والنافذة، كل ذلك أوجد لنا حصانة وهيبة لا تستطيع معها دولة الاحتلال مهما فعلت أن تفعل ما تشاء لمن تشاء. حينها حمدت الله على انتمائي لهذا الشعب وعلى ممثله وعلى قناعاتي السياسية وعلى ماضِ كرسته لخدمة هذا الشعب وهذا الوطن المحتل. ورغم الأصفاد والأحقاد إلا أنني أحسست أنني هزمتهم على طول تلك الرحلة، ليس باللكم ولا الضرب ولا السب. بل فقط بالصمت والابتسامة التي أرسمها على محياي، حين يوجهون لي الإهانة لأني أعرف أنهم ينظرون إلى وجهي، رغم أنني لا أراهم بسبب العصابة وأحمد الله أنني لا أراهم، فليس في وجودهم ما يستأهل النظر، وجوه قبيحة لحثالة البشر، وأجساد ضخمة تختزل بين ثناياها أرواحا صغيرة وتائهة.
استمرت السيارة في المسير، واستمر الاستهزاء والاحتقار، واستمريت بدوري في الصمت والابتسام، كان ذلك يغيظهم ويصيبهم بحالة من الهيجان. فكان أحدهم يقول لي: أحب يا ابن...؟ أم أنك خائف..؟ فتعلوا وجهي ابتسامة أكبر تختزل استهزاءا أكبر واحتقارا أكثر.
وصلنا إلى مدينة أخرى عرفت أنها مدينة الدار البيضاء، وذلك لأن الضجيج لم يتوقف، وظلت السيارة رهينة للتوقف أمام إشارات المرور، وتغيير وجهتها نظرا للازدحام وكثرة الشوارع، المدة التي قضيناها تدل على كبر المدينة وليست هناك مدينة أكبر حجما وكثافة من الدار البيضاء. والآن بقي احتمال أن يقتادوني لمقر ولاية الدار البيضاء حيث ما يسمى الفرقة الوطنية، أو استكمال المسير نحو مدينة الرباط أو المعتقل السري بمدينة تمارة.
لم تتوقف السيارة بل واصلت شق طريقها، حينهما وبعد إحساسي بالبرد أدركت أن الليل قد أسدل ظلامه، أديت صلاة المغرب كما العصر، وظل السب والقذف والاستهزاء حال لسان الأوغاد. بعد ساعات من المسير، دلف السيارة إلى ما يشبه المرآب. توقفت السيارة وفتحوا الباب أزال الأصفاد من الكرسي وكبلوا بهم يدي من الخلف، أمسكوني من ذراعي واقتادوني إلى داخل إحدى البنايات صعدوا بي الدرج حتى الطابق الثاني على ما أظن، اقتادوني بعدها في ما يشبه الرواق الطويل. ومن ثم أدخلوني إلى إحدى الغرف حيث أجلسوني على أحد الكراسي، حينها أزالوا العصابة عن عيني، لم استطع في البداية أن أتمكن من النظر، كانت أنوار الغرفة بمثابة الصدمة لعيني اللتان كانتا إلى وقت قريب مدفونتان في قماش مربوط بإحكام، وظلمة أشبه بليل طويل.
بعد لحظات من المحاولة، بدا المكان يتبدد أمام ناظري، وأخيرا بدت الصورة واضحة أمامي، أنا في مكتب، جالس على كرسي، مكبل اليدين إلى الخلف، وأمامي مكتبين خشبيين ويحيط بي 7 محققين كل واحد منهم أخذ مكانه ومذكرته وقلمه. قال لي أحدهم: على سلامتك، لم أجيب، بدأت في تفحصهم وتفحص المكان استرقت نظرة من النافذة فشاهدت عمارات متراصة عرفت من خلالها أنني في مدينة الرباط. وبدأ التحقيق..!
بدأ التحقيق المكثف، هذا يسأل وذاك يسأل أسئلة تافهة وأخرى مركزة. الاسم، الجنسية، الدراسة، العائلة، العمل.. ذلك ديدن الأسئلة الأولية.
اسمي ثلاثي. صحراوي. الدراسات العليا... ذلك كان حال أجوبتي الثابتة.
تفاريتي.. الأمانة العامة الوطنية.. علاقتي بجبهة البوليساريو... أسئلة ظلت تتكرر فقلت أنا لم أحضر المؤتمر الثاني عشر بتفاريتي المحررة جسديا إلا أنني وكافة الشعب الصحراوي حضرنا روحيا ومعنويا وكل ما أفرزه المؤتمر من مقررات وتوجيهات وتعليمات سنترجمها على أرض الواقع.
س: كيف تصلكم هذه التعليمات؟، ج: عن طريق الإعلام الصحراوي (الإذاعة الوطنية، مواقع الانترنت وخاصة موقع المؤتمر).
الأمانة الوطنية هي القيادة التي انتخبت ديمقراطيا من طرف المؤتمرين، وهي التي ستقود العمل الوطني وفق برنامج محدد للمرحلة المقبلة.
علاقتي بالجبهة هي علاقة مُمَثِل ومُمثَل. فهي الإطار الشرعي والوحيد والممثل لكافة الشعب الصحراوي وأنا فرد من هذا الشعب.
ليست هناك علاقة تنظيمية بالجبهة، لكن هناك علاقة معنوية وهناك ولاء مطلق، ولا نحتاج كشعب صحراوي بالمناطق المحتلة إلى قنوات رسمية بيننا وبين إطارنا. فالكل مجمع على الأهداف وهي الاستقلال وعلى الوسائل وهي الانتفاضة وعلى وحدة التمثيل وهي الجبهة، وتبقى بعض الأمور من قبيل تفاصيل العمل الوطني والقنوات الإعلامية كفيلة بإيصالها لنا ونحن أوفياء للجبهة ولكل ما تقرره وتفرزه.
سؤال: علاقتك بالطلبة الصحراويين؟
جواب: أنا طالب صحراوي وعلاقتي بالطلبة علاقة اجتماعية وعرقية وسياسية، فنحن مكون من مكونات الشعب الصحراوي إلى جانب مكونات أخرى. يجمعنا الانتماء ووحدة المصير ووحدة القناعات السياسية والنضال السلمي من داخل الساحة الجامعية، لفرض خيارات شعبنا وعلى رأسها الحق في تقرير المصير والاستقلال.
سؤال: أنت زعيم الطلبة الصحراويين؟.
جواب: ليس هناك زعيم للطلبة الصحراويين ففي القيادة الوطنية للجبهة تكمن الزعامة والطليعة والريادة، وكافة الطلبة الصحراويين هم نخبة الشعب الصحراوي المثقفة وطليعة كفاحه السلمي بالمواقع الجامعية، وهم سواسية في الفكر وفي النضال وفي القناعات السياسية، ونحن كطلبة وكشعب ليست الزعامة بالشيء المهم عندنا بل المهم هو النضال من أجل حقنا في تقرير المصير والاستقلال.
- تدخل أحد المحققين والشر يتطاير من وجهه القبيح، أنتم مشاغبين ودعاة عنف وأهل مشاكل يا أولاد...، وأتن على رأس المشاغبين يا ابن...،
- قلت : نحن نشطاء انتفاضة سلمية... لم أكمل كلامي، حيث باغتني أحدهم من الخلف بصفعة مدوية، تبعها وابل من السب، من تظن نفسك أنت في كوميسارية حيث ستربى من جديد يا ابن...، أجبت على الفور. أضربوا كما شئتم، عذبوا مثلما أردتم. فأنا الآن بين أيديكم، سترى الويل في هذه الليلة، ولن ترى الشمس بعدها صاح أحدهم. رد الآخر. هذا من النوع الذي لا يصلح معه الكلام، يجب أن يزور "الحديقة" ليعرف من نحن.
سؤال: من الطلبة الآخرين الذين ينشطون معك؟.
جواب: كل الطلبة الصحراويين هم فاعلين ونشطاء وفاعلين.
سؤال: أعطنا أسماء محددة؟.
جواب: كل الطلبة الصحراويين.
سؤال: نريد أسماء مدققة؟.
جواب: سعيد البيلال.
سؤال: ثم؟
جواب: سعيد البيلال.
سؤال: ثم سعيد البيلال؟.
جواب: وكافة الطلبة الصحراويين.
سارع الواقف خلفي إلى صفعي من جديد من الخلف. تلقيت ضربة أخرى من آخر. ركل ورفس من كل جانب. السب والشتم لم يتوقف. يا ابن... من تظن نفسك. ضربة قوية في اتجاه أذني اليسرى. لم أعد أسمع بعدها. سقطت من الكرسي بفعل وابل الضرب والصفع. تماسكت ونهضت بسرعة غير متوقعة. وقفت قبالة ذلك العميد الذي وجه لي تلك اللكمة القوية، فقلت وأنا أصرخ: اضرب أيها الحشرة، لم يتمهل وجه لي صفعة أخرى على الفور، عدلت من وجهي نحو، اضرب وعبر عن ضعفك أيها الحشرة. أنا مكبل اليدين وبين أيديكم، فاضربوا وعذبوا وعبروا عن حقدكم وضعفكم وعاشت البوليساريو وعاش الشعب الصحراوي....
أخذني الوغد من تلابيبي بقوة وأسندني على الحائط، وقال أيها... ستتكلم وإلا سنخلع لباسك ونمددك أرضا ونفعل كذا...، قلت له أنتم أيها الأوغاد بلا ضمير ولا أخلاق وأنا مكبل اليدين وبين أنيابكم لكن والله ثم والله ولو قسمتموني على نصفين فلن أقول إلا ما أريد وما يحلو لي.
بصق في وجهي الوغد، وتفوه بكلام قبيح يعني به الشعب الصحراوي لعنه الله من وغد، هذا العميد علمت فيما بعد أنه نفسه من عذب رفاقي التسعة وكان يقسم لهم أنه لو قبض علي فسيرني نجوم الليل في كبد النهار.
تدخل آخر في إطار مسرحية مفبركة وفي تبادل واضح للأدوار وترجاه أن يتركني وإن لم أتجاوب له أن يفعل ما يشاء. ترك الوغد تلابيبي. أزالوا الكرسي من أمامي وتركوني واقفا. سألوني مجددا من يدعم الطلبة الصحراويين؟، قلت الاكتفاء الذاتي والتضامن والتكافل فيما بيننا، من المكلف بجمع التبرعات بينكم؟. قلت: كلنا مكلفين. من يحرر البيانات؟: كلنا نحررها. من يدعي للاجتماعات؟، كلنا نفعل. من هو المكلف بالإعلام؟: كلنا مكلفون. والمنظمات؟: كلنا لنا علاقات بها. الضرب، الصفع. السب والشتم والدفع نحو الحائط. كل ذلك لم يتوقف.خاصة عندما تزعجهم أجوبتي.
سألوني عن كل مراحل حياتي منذ الولادة. وعن كافة المحطات الدراسية بل حتى عن نتائج الامتحانات. أجاب أحدهم. أنت أيها... متفوق في دراستك وتحضر لأطروحة الدكتوراه. فلماذا تتمسك بهذا الطريق. ابتعد عن السياسة ولك ما تريد. أجبته، لا محيد عن النضال الفكري والفعلي والسلمي، ولا مساومة ولا مقايضة بضالات الشعب الصحراوي وبحقوقه وبثوابته. صراخ من هنا. استهزاء من آخر أتظن أنك بطل أنت مجرد... وغبي ولا تعرف مصلحتك الشخصية.
أجبت المصلحة جماعية لشعب بأكمله قدم شهدائه الأرواح من أجل القضية، أية قضية. أنتم لستم سوى أداة بيد الجزائر لا سلطة لكم ولا قرار. أجبت، الجزائر الشقيقة هي من استقبلنا عندما غزيتمونا. وهي من احتضنتنا عندما قنبلتمونا. ووفرت لنا الأرض والمأوى عندما شردتمونا...
أتظنك في ندوة جامعية أيها... أصمت وأجب عن كل ما تسأل عنه فقط عاش الشعب الصحراوي، كانت عبارة، أكررها في كل لحظة وعقب كل ضربة وكلمات نابية، كانت عبارة قاتلة بالنسبة لهم...
- سألوني عن العائلة وركزوا على أفراد عائلتي المتواجدين بمخيمات العزة والكرامة. وخاصة أعمامي الشهداء، الذين أصروا على تسميتهم بالأموات وأصريت بدوري على نعتهم بالشهداء الأحياء عند ربهم يرزقون. كانوا يستهزئون لعنهم الله من الشهداء الصحراويين ومن اللاجئين ومن كافة الشعب الصحراوي.
ظل الحال كما هو. كانت الغرفة ضيقة. وظلوا يتبادلون المقاعد فوجا بعد فوج. كانوا بالزي المدني وينتمون إلى أجهزة أمنية مختلفة يسألون نفس الأسئلة ويتعاملون بنفس التعامل القاسي ظل أوغاد ذو بنيات جسدية ضخمة حولي. ليس لهم من الأدوار سوى الضرب والشتم والرفس والبصق والتهديد بالاغتصاب. كان الوضع بتلك الغرفة صعبا للغاية، أوغاد في راحة تامة ويأخذون قسط من الراحة عندما يتبادلون الأدوار. بينما كنت مجهدا ومتعبا ومرهقا وجائعا وفي حاجة ماسة للنوم. ولم يدعوني أخذ أنفاسي من شدة التحقيق والترهيب والتعذيب الجسدي والنفسي حيث عملوا منذ البداية على خلق أجواء من الرعب والرهبة داخل الغرفة. إنها الحرب النفسية بكل معانيها. حيث تسود كل معاني الإهانة والحط من الكرامة خاصة عندما يتوجهون بالسب إلى الوالدين والعائلة وإلى الشريفات العفيفات الصحراويات. والتشكيك في الجبهة الشعبية وفي قيادتها الوطنية ونعتهم بأوصاف كانت تحرقني من الداخل وتزلزل كياني خاصة عندما يسبون الشهداء لعنهم الله من أوغاد. كنت بدوري أوجه ما تيسر من سب لنظام الاحتلال لكنني من بيئة لا تعرف الكلام السيئ والقبيح والحمد لله. وفي عدم التكافؤ تكمن قوتي في تلك الليلة.
عادوا من جديد إلى تفاريتي وعن حضوري بالمؤتمر. وعدت إلى نفس الأجوبة وعرفت حينها أن هذا المؤتمر أغاظهم كثيرا. كانوا يتحدثون عنه بلغة تنم عن الهزيمة. كانوا يقللون من نجاحه ومن أهميته. ويتفاخرون بأنهم قادرون على استعادة منطقة تفاريتي أو "المنطقة العازلة" حسب زعمهم. أدركت بما لا يترك مجال للشك أن تفاريتي نجحت في كل شيء، وأنهم لم يبتلعوا صدمة نجاح المؤتمر وأشغاله والديمقراطية التي سادت كل فعالياته وأيامه وأشغاله. إنهم ضعفاء رغم إدعائهم القوة، وارتجاليون رغم زعمهم الإستراتيجية، وأوغاد رغم محاولتهم الظهور بمظهر الشجاع.
انتهى التحقيق على الساعة الرابعة صباحا تقريبا، خائني أحدهم بالمحضر المطبوخ في أحد المكاتب المجاورة، أو كان محفوظا هناك، محضر يبدو أنه طبخ على نار هادئة بفرن الشرطة القضائية القذر، قال ذلك الشرطي وقع هنا وأشار إلى مكان التوقيع. ابتسمت وقلت له وتظن أنني بهذه البساطة سأوقع عليه، أجاب: ولماذا؟ إنه في صالحك، وكتب فيه ما قلته بالحرف، فأجبته: دعني أتلوه وحينها أقرر هل سأوقع أم لا. فقال: ألا تثق فينا قلت له: نعم لا أثق فيكم ولا في دولتكم بأكملها.
أجاب بحزم: هل ستوقع؟ قلت: لا صاح على ذلك العميد بالقدوم. فجأة دلف المجرم قائلا: هل رفض التوقيع؟ فقال له: نعم. قفز نحوي اللعين وأخذني كالعادة من تلابيب معطفي قائلا: هل ستوقع أيها... أم أخلع ملابسك وأفعل... أجبت: قطعوني على نصفين ولن أوقع. بدأ مسلسل الصفع والضرب من جديد. سقطت أرضا. فهممت بالوقوف وأنا أصيح: والله ولو قطعتموني فلن أوقع. رفسة من آخر كانت كفيلة بارتطامي بالحائط البارد. ولج إلى الغرفة عدد آخر كان ينتظر في الرواق. بدأ الصراخ والوعيد والتهديد أحاطوا بي من جديد. العميد وآخرون يتوعدوني بكل شيء. البعض الآخر يترجاهم إعطائي الفرصة، وأنا بدوري أصيح لن أوقع مهما كان الثمن. وبقيت على إصراري رغم الإهانة والتعذيب. بعدها اقتادوني إلى الطابق السفلي المسمى الحراسة النظرية. وعند بابها قال لي مرافقي: لك مني سلام على صمودك، وتأكد أن أهلك بالخارج أقاموا الدنيا ولم يقعدوها. ولولا ذلك لكنت ذهبت إلى "الحديقة" التي لن تقاوم فيها كما الآن. سألته وما "الحديقة" فأجاب: تمارة. ويقصد المعتقل السري بمدينة تمارة الذي تديره المخابرات المغربية. كان إخباره لي بتحركات الجماهير الصحراويات، أول خبر أتلقاه منذ أربعة أيام من العزلة عن العالم.
تسلمين الحراس بهذا الطابق القذر والذي يعج بالرطوبة وبالروائح النتنة.
سألني الحارس هل أنت فلان. فأجبت نعم. فقال لي لقد مر رفاقك من هنا قلت له أعلم. اقتادني إلى زنزانة وقال في هذه الزنزانة كان رفاقك. أدخلني إليها وأغلق الباب من ورائي بقيت للحظات واقف وسط الزنزانة، كان بها ثلاثة سجناء خالدين إلى نوم عميق. أخذت زاوية وجلست، بعد أن افترشت معطفي. تذكرت تلك الزنزانة بولاية أمن أكادير. رغم اختلاف المكان والزمان وتركيبة الزنزانتين، إلا أن الظروف هي نفسها والأوضاع متشابهة. رطوبة وخرير مياه الصنبور ومرحاض في الزاوية تخرج من فوهته روائح لا تقاوم تزكم الأنف وتضفي على المكان أجواء المستنقعات النتنة، غطاء بالي أقرب إلى الأسمال افترشه السجناء الراقدون، بعد أن استوعبت المكان بشروطه التي لا تبعث على الارتياح. أخذت معطفي وأديت صلاة العشاء بعد أن منعني الأوغاد من أدائها أثناء التحقيق الطويل.
بعد ذلك عدت إلى تلك الزاوية وافترشت مجددا معطفي واستندت إلى الحائط وبفعل الإعياء والتعب والجوع ورغم روائح القذارة والبرد القارص، خلدت بدوري إلى النوم بفعل الإرهاق رغم غياب شروط النوم المريح.
استيقظت في الصباح الباكر، كان راسي يؤلمني وكنت أظنه سيسقط لا محالة كان ثقيلا كان الصداع قاتل ومؤلم، تمكنت من الوقوف أخيرا، كان جنبي يؤلمني من شدة الاتكاء عليه وبسبب الوضعية غير السليمة التي نمت عليها. أجريت بعض الحركات الرياضية الخفيفة من اجل أن تتمدد عضلاتي التي تجمدت بفعل البرد ووضعية النوم. التفت يمينا وشمالا، لأحدد معالم المكان. وجدت نفسي بزنزانة ملتحفة بالقضبان، بمحاذاتها زنزانة شبيهة بها وفي مقابلها زنزانة أخرى، تعج بسجناء الحق العام، كان معي في الزنزانة ثلاثة سجناء كانوا قد استيقظوا قبلي سلموا علي وسألوني عن سبب اعتقالي. فأخبرتهم إنني معتقل سياسي أصابهم الفزع من تلك الصفة بعدها لم يجرؤوا على الاقتراب مدني احدهم بقنينة ماء، أخذت قسطا منها وتوضأت به، أديت صلاتي كالعادة على معطفي العزيز. ومصدر عزته كونه لازمني في العديد من المحطات النضالية ودلف معي لمخافر الشرطة ورد عني الكثير من قوة الضربات وكان لي واقيا من البرد وفراشي المريح وسجادتي الطاهرة وها هو الآن يرافقني في رحلة الزنازن.
تم اقتيادي على الساعة العاشرة من يوم السبت 29 دجنبر 2007. من طرف أفراد من الشرطة. نحو بوابة ولاية الأمن حيث وجدت إحدى السيارات في انتظاري بعد أن قيدوني بالأصفاد. حيث أصعدوني لتلك السيارة، مدني احدهم بكيس بلاستيكي اسود واخبروني انه يحتوي على بعض الأكل استقدمته عائلتي عندما وصلت إلى مسامعي كلمة العائلة، تسرب إلى فؤادي إحساس بالشوق لعائلتي التي تركتها أمام ذلك المخفر اللعين بالسمارة المحتلة. ومنذ الأربعاء الماضي وأنا في عزلة عن العالم.
انطلقت بنا السيارة وسط حراسة مشددة، رأيت من النافذة الخلفية ذلك العميد الذي اشرف على تعذيبي واقف يتفحصني من بعيد لم أتمالك نفسي حينها فرفعت أناملي رغم الأصفاد ورسمت شارة النصر وأطلقت العنان لابتسامة سادت وجهي المجهد، ظل متسمرا في مكانه يدقق النظر في حالة من الزهو والعربدة. وظلت أناملي وفية لرسمها كنت متأكدا أن ذلك يقتل في داخله غروره وعجرفته، وأردت بأناملي وابتسامتي أن ابعث له برسالة مفادها، ضربتني، عذبتني وانتشيت لذة الاستهزاء وأزبدت وعربدت سبا وقذفا. وها أنا ذا اخرج من مخفرك القذر كما جئت شامخا مرفوع الرأس، ولم تجد مبتغاك، أردتني ذليلا، خانعا، خادعا، ومرتجفا فوجدتني كما رفاقي من قبل، صامدا وفيا لمبادئ خالدة وثوابت راسخة وقناعات متصلبة لشعب اكبر منك أنفة وأكثر منك أصالة وتاريخا ووجودا. قال لي احد المرافقين بتلك السيارة هل تريد أن تأكل. فأجبت: ليس الآن
كنت أتضور جوعا، كانت أمعائي الفارغة في أمس الحاجة إلى بعض الفتات ارمق به جوعي، لكني رفضت أن اختزل ذاتي في تلك اللحظة في لذة مهما كانت حاجتي لها، أمام ما ينتظرني بعد حين..
طيلت طول الرحلة الرابطة بين ولاية الأمن بالرباط بحي حسان ومقر المحكمة الابتدائية الكائن بحي المحيط. أتمعن الشوارع التي لطالما مررت بها ومساكن وعمارات لطالما شاهدتها لكنها جميعا لا تغريني ولا ستهويني فحبة من رمال الساقية الحمراء وواد الذهب عندي بالدنيا وما فيها، ومنظرا واحدا لشجيرات وطني وماءه وأغنامه بجفافه وقحطه لأفضل من غابات الدنيا وخرائط العالم الفسيح. فتلك أرضنا سكنت قلوبنا وذلك وطننا الذي تربع على الوجدان.
كانت السيارة تتوسط سيارتين وأمام الأولى دراجات نارية من الحجم الكبير تابعة للشرطة، كان الموكب يواصل مسيرته دون توقف حتى عند إشارات المرور وكانت الهواتف لا تتوقف عن الرنين وتبادل التعليمات ... كانوا في حالة من الهستيرية التي تبعث على الضحك ... وكنت في حالة من الهدوء والسكينة وانتشاء لذة الانتماء للشعب الصحراوي الذي أدخلهم في هذه الحالة الغريبة.
ووصل الموكب إلى مقر المحكمة وتلك رحلة أخرى من المرافعة والمقارعة.... يتبع ..

ـ سعيد مصطفى الخير البيلال طالب ومعتقل سياسي صحراوي سعيد
رقم الاعتقال: 33190
السجن المحلي بسلا المغربية