على شاكلة اتفاقية التبادل التجاري الحر مع واشنطن، المغرب يتنازل سياديا في الصحراء في اتفاقية الصيد البحري مع أوروبا
ألف بوست-تحليل - 11 ديسمبر، 2013
رحبت وزارة الخارجية المغربية في بلاغ لها بمصادقة البرلمان الأوروبي على اتفاقية الصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي. وهذه المصادقة لا تشكل قفزة نوعية في العلاقات الثنائية بين الطرفين بقدر ما أنها جاءت نتيجة تنازلات مغربية مست السيادة على الصحراء.
ويعتبر البيان الصادر أمس أن مصادقة البرلمان الأوروبي على الاتفاقية في تصويت جرى أمس الثلاثاء قفزة نوعية في العلاقات الثنائية نحو مزيد من التعاون، ويبرز البيان أن المصادقة “تزكي الجهود التي يقوم بها المغرب في مجالات التنمية البشرية المستدامة والنهوض بحماية حقوق الإنسان وتؤكد مصداقية النتائج التي تحققت وجدية المؤسسات الوطنية في هذا المجال”.
وكان وزير الخارجية المغربي قد صرح يوم 6 نوفمبر الماضي في البرلمان خلال مناقشة ميزانية وزارته أن العلاقات مع الاتحاد الأوروبي لم تعرف تطورا بل تراجعا، وبالتالي يبقى التساؤل هل شهدت العلاقات تطورا خلال هذه المدة القصيرةجدا؟
والواقع أن الاتفاقية لا تعكس نهائيا تقدما في العلاقات بل تراجها بحكم أن المغرب اضطر الى تقديم تنازلات وقبوله شروطا للتوقيع على الاتفاقية، لاسيما وأن الوزارة لا تقدم مضمون الاتفاقية الى الرأي العام المغربي ولم يعقد لا وزير الخارجية ولا وزير الزراعة والصيد البحري عزيز أخنوش ندوة صحفية للإلقاء الضوء عليها.
في هذا الصدد، جاءت مصادقة البرلمان على الاتفاقية بعدما قبل المغرب بشروط قد يمكن اعتبارها تمس نسبيا سيادته ومغربية الصحراء لأنه قام بتمييز منطقة الصحراء في الاتفاقية حقوقيا وماليا عن باقي مناطق المغرب. وهذا ما أكده وزير الصيد البحري الإسباني أرياس كانييتي في مناسبات عديدة عندما قال أن الاتفاقية الجديدة تأخل بعين الاعتبار الهواجس الحقوقية وتنمية مناطق الصحراء التي يطالب بها بعض النواب، في إشارة الى الأحزاب اليسارية والخضر والليبراليين.
وعلاقة بالنقطة الأولى، قبل المغرب بتخصيص جزء من التعويض مباشرة الى منطقة الصحراء، بل وستقوم لجنة أوروبية بمراقبة ما سيتم تخصيصه.
وبشأن النقطة الثانية، تعهد المغرب باحترام حقوق الإنسان في الصحراء بل وحق الاتحاد الأوروبي تعليق اتفاقية الصيد في حالة ما إذا أثبتت التقارير الحقوقية وقوع خروقات. إذ هذه المرة سوف لن يتم اللجوء الى التصويت كما حدث يوم 14 ديسمبر الماضي عندما تم إلغاء الاتفاقية بل إلغاءها مباشرة.
وعلى مستوى التصويت، يكشف التصويت أن المغرب لم يحقق نتيجة يمكن اعتبارها قفزة نوعية في هذا الاتفاق. فقد صوت لصالح المغرب يوم 14 ديسمبر 2011 ضد الاتفاقية لألغاءها 296 صوتا، وصوت ضدها 322 بينما امتنع 56 عن التصويت ورفض التصويت 82.
وفي تصويت 10 ديسمبر 2013، صوت لصالح الاتفاقية 310 اي بزيادة 14 صوتا فقط عن المرة السابقة، وعارضها 204 بتراجع يشكل 118 صوتا فقدها البوليساريو، بينما امتنع 49 شخصا وارتفع عدد الذين رفضوا التصويت 202. وبهذا، فالسر في قبول الاتفاقية يكمن في ارتفاع الذين رفضوا التصويت، وأغلب هؤلاء الحزب الاشتراكي الأوروبي.
ويأتي المصادقة على الاتفاقية لأن الحزب الشعبي فتح مفاوضات مع باقي الأحزاب المحافظة المنضوية ضمن “الأحزاب المسيحية المحافظة”، كما أن الحزب الاشتراكي طلب من باقي الأحزاب الاشتراكية عدم المعارضة أو على الأقل عدم التصويت نهائيا، وهو ما التزم به أغلب النواب الاشتراكيين الذين لم يصوتوا رفقة الأحزاب المحافزة المعارضة للتوجه الأوروبي.
وهكذا رغم ما يمكن اعتباره انتصارا رمزيا للمغرب باإعادة اتفاقية الصيد البحري، تؤكد المعطيات أن الدبلوماسية المغربية ارتكبت خطئا فادحا بقبولها شروطا تمس سيادة المغرب على الصحراء على شاكلة اتفاقية التبادل الحر لتمييزها الصحراء عن باقي مناطق المغرب. فكيف ستعامل البرلمان المغربي مع الاتفاقية؟
مقال تحليل سابق حول الموضوع:
No comments:
Post a Comment