تصريح فان فالسوم يحرك المياه الراكدة في الازمة الدبلوماسية بين المغرب وجبهة البوليساريو.
ميدل ايست اونلاين الرباط/الجزائر – من الامين الغانمي ووليام ماكلين
حرك مسعى مبعوث للأمم المتحدة لانهاء أقدم نزاع اقليمي في افريقيا المياه الراكدة في الازمة الدبلوماسية التي ترجع لعقود بين المغرب وحركة استقلال الصحراء الغربية.وأبلغ المبعوث بيتر فان فالسوم الذي يتوسط لحل هذه المشكلة أعضاء مجلس الامن الدولي الشهر الماضي أن الاستقلال مسألة غير واقعية. وتنعم الصحراء الغربية باحتياطيات مربحة من الفوسفات ومياه صيد غنية.التقييم الذي اتسم بصراحة غير معهودة وقام به فان فالسوم وضعه على خلاف مع جبهة البوليساريو التي سعت الى الابقاء على خيار الاستقلال عبر شهور من المحادثات مع المغرب الذي ضم المستعمرة الاسبانية السابقة عام 1975 .وقال فان فالسوم انه خلص الى أنه "ليس هناك ضغط على المغرب للتخلي عن مطالبته بالسيادة على الاراضي وبالتالي فان استقلال الصحراء الغربية اقتراح غير واقعي."وفسر الدبلوماسي الهولندي فان فالسوم تصريحاته فيما بعد بأنها نوع من "المقامرة" لحل أزمة التفاوض.وتشبثت الرباط وجبهة البوليساريو بمواقف عنيدة في محادثات السلام التي توسط فيها فان فالسوم ليستمر الموقف على جموده المستمر منذ 33 عاما والذي أفسد العلاقات بين الجزائر والمغرب وأعاق تنمية شمال افريقيا.والجزائر هي الحليف الرئيسي لجبهة البوليساريو والمضيفة لمقرها. وعلى غرار الكثير من الدول الافريقية تعارض الجزائر سيطرة المغرب على أراضي الصحراء الغربية وتعتبرها اخر مستعمرة في افريقيا.لكن هناك خلافات أخرى بين الجزائر والمغرب على رأسها مطالبة المغرب بأجزاء من جنوب وغرب الجزائر تقول الرباط انها كانت تحت سيادتها قبل سيطرة الفرنسيين على المنطقة في القرن التاسع عشر.وابتهج المغرب بتصريحات فان فالسوم. فهي اقرار نادر من قبل لاعب كبير محايد بواقع دبلوماسي مفاده أن الرباط تستطيع وسوف ترفض الاستقلال ما دامت سيطرتها تتمتع بالدعم الهاديء للقوى الكبرى مثل الولايات المتحدة وفرنسا.وقال جاكوب ماندي الخبير في شؤون الصحراء الغربية "المقدمة المنطقية المبطنة في مجادلة فان فالسوم تتعلق بفرنسا والولايات المتحدة" في اشارة الى التأييد المتزايد الذي يقدمه بعض المسؤولين الغربيين لخطة الرباط لمنح الصحراء الغربية حكما ذاتيا محدودا.غير أن محللين يقولون ان خطوة فان فالسوم أفزعت البوليساريو وأنصارها الكثيرين في افريقيا ومن بينهم الجزائر وجنوب افريقيا الداعمان الرئيسيان اللذان يستبعد التوصل الى حل سلمي بدونهما.ورفضت جبهة البوليساريو تصريحاته بوصفها غير شرعية وجائرة. وقال ماندي "فنيا ما قاله فان فالسوم منطقي. المشكلة أنه فقد مصداقيته مع البوليساريو والجزائر."وقال عز الدين العياشي وهو جزائري متخصص في العلوم السياسية ان التصريحات تركت التكوين الاساسي للنزاع دون أن يمس.ومضى يقول "نستطيع أن نتوقع استمرار جمود الموقف الى أن يتضرر اكثر من طرف واحد... الامر الواقع لا يضر لا الجزائريين ولا المغاربة بل الطرف الاضعف فحسب وهو الصحراويون."المغرب الذي يزعم تمتعه بحقوق على هذه الاراضي من عمر الدهر انتقل الى الصحراء الغربية بعد انسحاب اسبانيا عام 1975 مما تسبب في نشوب حرب مع البوليساريو استمرت حتى عام 1991 حين توسطت الامم المتحدة لابرام هدنة.وكان من المفترض أن تجري المنظمة الدولية استفتاء يسمح لسكان الصحراء الغربية باختيار زعمائهم لكن المغرب يعارض هذا حاليا قائلا ان المنطقة جزء من أراضيه الوطنية.ويعيش عشرات الالاف من الصحراويين الذين نزحوا عن ديارهم بسبب الصراع منذ منتصف السبعينات في مخيمات في عمق الصحراء الجزائرية ويعتمدون على المساعدات التي يأتي معظمها من الجزائر.وتقول الجزائر ان القضية قضية انهاء استعمار وتشير الى قرارات الامم المتحدة التي تدعم حق الصحراويين في تقرير المصير. وما زالت جبهة البوليساريو راغبة في اجراء الاستفتاء على أن يكون الاستقلال الكامل أحد الخيارات.ولا تعجب الجزائر المجادلات الغربية بأنه يجب حل النزاع بسرعة حتى تستطيع أطراف المنطقة التعاون لمواجهة التهديدات الاخرى مثل الارهاب أو الهجرة. وتقول ان مشكلة الصحراء الغربية قضية كبرى في حد ذاتها.ويأمل المغرب الذي يفتقر الى ثروة الجزائر النفطية في أن يساعد انهاء النزاع في اصلاح علاقاته الاقتصادية مع الجزائر.غير أن المغاربة يشكون في أن نفط الجزائر لا يعطيها حافزا يذكر لاقامة تعاون اقتصادي مع الرباط.وتوترت العلاقات بين الجارتين منذ خاضتا حربا حدودية بين عامي 1963 و1964 . وظلت الحدود البرية مغلقة منذ اقفالها عام 1994 لدواع أمنية.وقال توفيق بوعشرين المحلل المغربي البارز والمتخصص في العلاقات في المغرب العربي "المشكلة الحقيقية هي أن المزاج السياسي الجزائري نحو المغرب لم يتغير لعقود والعداء ضد المغرب يسود الجيش."ويشير منتقدون للمغرب الى أن الوضع الراهن الذي يتسم بالجمود يلائم الرباط ايضا لانه يعطي المملكة مزيدا من الوقت لتنمية سيطرتها الاقتصادية العميقة بالفعل على الصحراء الغربية.وفي تصريحات نشرتها صحيفة ان ار سي هانديلزبلاد أشار فان فالسوم الى أنه تصرف بدافع من التعاطف مع اللاجئين الصحراويين.وأضاف "المعضلة الاخلاقية تكمن في أن جبهة البوليساريو على جانب الحق اكثر من المغرب. لكن لان مجلس الامن لن يجبر المغرب أبدا على اجراء استفتاء فانهم (أعضاء مجلس الامن) يختارون الوضع الراهن اي طريق مسدود دون امكانية (للحل)."وتساءل المبعوث الاممي قائلا "البوليساريو في المخيمات منذ 33 عاما. هل من العدل أخلاقيا أن يكبر جيل اخر من أطفال البوليساريو في المخيمات.." 5/27/2008
No comments:
Post a Comment