Wednesday, November 12, 2008

"تقتضي البطولة أن نمد أجسادنا جسورا فقل لرفاقنا أن يعبروا"
حوار مع الطالبة الصحراوية الرباب أميدان
12/11/2008حاورها أحمد الساسي
اتصل موقع اتحاد الصحفيين والكتاب الصحراويين بالطالبة الصحراوية والناشطة الحقوقية، الرباب أميدان، للحديث عن جملة من القضايا ذات العلاقة بنشاطها الحقوقي، وبتجربتها كطالبة صحراوية شابة، في مجال العمل بالخارج لتوعية الرأي العام الدولي حول ما جرى ويجري بالمناطق المحتلة من الصحراء الغربية وجنوب المغرب والموقع الجامعية من انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان المرتطبة من طرف الدولة المغربية.وقد طلبنا منها أن تختار تقديما للمقابلة، قبل الشروع في طرح الأسئلة، فكان هذا الحوار:-
بداية، أحيي عاليا شهداء الشعب الصحراوي الأبي الصامد أمام تكالب القوى الاستعمارية التوسعية الإسبانية والمغربية، شهدائنا الذين بحياتهم نقتدي وعلى خطاهم نسير. إنه لمن العار على العالم أننا كشعب عربي مسلم في الألفية الثالثة لازلنا نقبع تحت وطأة الاحتلال، اعتبارا أن قضية الصحراء الغربية قضية تصفية استعمار قرر فيها الشعب الصحراوي مصيره وأعرب عن إرادته في الاستقلال منذ انتفاضة الزملة الخالدة في 1970 بقيادة فقيد الأمة إبراهيم بصيري، تلتها بثلاث سنوات، ثورة العشرين من مايو الخالدة بقيادة شهيد الحرية والكرامة الولي مصطفى السيد، وقيام الجمهورية الصحراوية في فبراير 1976.إن معظمنا كشباب صحراوي في المناطق المحتلة عايشنا أبشع سياسات الاحتلال والتي تجلت في محاولة طمس هويتنا كصحراويين وتدجين فكرنا أو بمعنى أصح غسل أدمغتنا وإعادة برمجتها بالشكل الذي يتوافق وأهواء الدولة المستعمرة.منذ نعومة أظافرنا ونحن نتجرع سموم العدو، نقضم كالفئران ما قدموه لنا من تحريف في التاريخ، ننام على نشيدهم الوطني ونفيق على رايتهم، عشنا عصورا خارج خارطة الأشياء. قدموا لنا المخدرات في قوالب حلوى، وشرعوا نوافذ الفساد وأهالينا تفكيرهم مؤمم وصوتهم مباد.إن الفضل كل الفضل يرجع لانتفاضة الاستقلال المباركة التي أضحت عيد ميلاد لنا، انتفاضة كسر فيها الشعب الصحراوي جدار الصمت والذل والهوان الذي شيده النظام الاستبدادي المغربي من جماجم الصحراويين الشرفاء.أفقنا على صدمة الواقع، اكتشفنا في مدة وجيزة من الزمن ما كنا نجهله قسرا منذ عقود، لم يكن الوقت يسعفنا لنطلع على أفكار ماركس وماو ولينين حول الفكر الثوري، أو دراسة الثورات السابقة وإمكانية تطبيقها على أرض الواقع.كانت المرحلة تفرض علينا التحرك نحو تفعيل الانتفاضة بكل ما نملك من وسائل رغم بساطتها، فكانت حناجرنا تهتف بالحرية والإنعتاق في المدارس والشوارع، ظهورنا ورؤوسنا تقارع هراوات وأسلحة جيوش العدو، غالبيتنا من تلاميذ وطلبة تعرض للاعتقال أو الترحيل قسرا أو فصل عن الدراسة.
سؤال: باعتبارك ناشطة حقوقية، ماهو النشاط الحقوقي والطلابي الذي تقومين به الان؟ جواب:بتكويني الجيني وإيماني القوي بعدالة قضيتنا حملت على كاهلي كباقي الرفاق والرفيقات مسؤولية الدفاع عن حقوق شعبنا الأعزل، عن حقه في الحياة والحرية، حقه في الكينونة والسيادة، حقه في تقرير مصيره والاستقلال التام. فوجدت في النشاط الحقوقي مجالا للاشتغال وتصريف قدراتي، فشاركت في دورة تكوينية حول النشاط الحقوقي مع منظمة الخط الأمامي الأيرلندية في دولة تونس الشقيقة.لقد عايشت الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبتها الدولة المغربية المستعمرة في حق جيراني وأهلي وأصحابي وشعبي فترجمت ما استطعت رصده من معاناة إلى حوارات ولقاءات ربطتني بمنظمات حقوقية أو صحافة دولية استطاعت ولوج الصحراء الغربية أو عن طريق التواصل معها عن بعد.إلى أن التحقت بمدرجات الجامعة التي تعد جبهة صدامية أخرى استهدفتها قوات المخزن الذي لا نملك لمقارعته سوى قوة إيماننا وعزيمتنا وموقفنا الثابت الذي يتقوى مع كل صرخة ألم في المناطق المحتلة وأنين معتقل ودمعة أم ثكلى في مخيمات العزة والكرامة.
سؤال:لقد زرت بعض الدول الاوربية خلال السنتين الماضيتين ،ماهي الانشطة التي قمت بها ، وماهو الاثر الذي تركته هذه الزيارة ؟ جواب:خلال السنتين الماضيتين تم استدعائي لبعض الدول الأوروبية في إطار جولات التوعية بالقضية الصحراوية والانتهاكات السافرة لحقوق الإنسان التي ترتكبها الدولة المغربية المستعمرة في حق الشعب الصحراوي في الصحراء الغربية وأراضينا السليبة وكذا الجامعات المغربية.بالنسبة للجولة الأولى فقد دامت 18 يوما شملت دولتي النرويج والسويد، زرت خلالها معظم المخيمات الصيفية لشباب الأحزاب السياسية النرويجية، حيث التقيت رئيس الوزراء النرويجي جينز ستولتنبورغ، بالإضافة إلى مجموعة من الفاعلين من برلمانيين وجمعيات حقوقية وطلبة جامعيين، كان دوري إسماع صوت الشعب الصحراوي الذي يئن تحت وطأة الاستعمار وسياساته الجائرة.أما الجولة الثانية فدامت 54 يوما شملت 6 دول أوروبية النرويج، السويد، إسبانيا، البرتغال، بلجيكا وهولندا.زرت خلالها كل ما استطاع البرنامج استيعابه من نشاطات، زيارات الجامعات وإلقاء محاضرات لتوعية الطلبة والأساتذة بالقضية الصحراوية العادلة، زيارة البرلمانات ووزارات الخارجية، عقد اجتماعات مع منظمات حقوقية، لقاءات صحفية ومقابلات إذاعية وتلفزيونية، لقاءات رسمية في المدارس ودور الثقافة وتوسيع دائرة النقاش المثمر مع الشيب والشباب من أساتذة وطلبة...كان البرنامج مرهقا في مجمله، لكن استحضار تضحيات الولي مصطفى السيد ورفاقه ومرابطة مقاتلينا الأشاوس ومقاومتهم وصبرهم وجلدهم في أقسى الظروف في طريقهم الوعرة في معركة التحرير، كانت السلوان الوحيد لي في تحمل مشاق السفر ووحشة الغربة.بالنسبة للجولة الثالثة فقد دامت 30 يوما شملت السويد وإسبانيا، لا تختلف عن الجولات السابقة إلا بكوني التقيت بالمناضلة سلطانة خيا واطمأننت على حالتها بعد طول اشتياق.أما بالنسبة للأثر الذي قد تركته الزيارة، فكان لسان حالي "اللهم إني قد بلغت". لقد قامت مجموعة من الأحزاب السياسية الشبابية النرويجية بالضغط على الأحزاب الأم للاعتراف بالجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية.تم إرسال مجموعة بعثات شبابية أوروبية إلى الصحراء الغربية والجامعات المغربية للقاء الصحراويين الفاعلين من حقوقيين وطلبة وضحايا التعذيب. ناهيك أن قضية الصحراء الغربية أصبحت موضوع نقاش تناولته عدة مواقع إلكترونية ومجلات وصحف أوروبية...
سؤال:لنتحدث قليلا عن أخاك المعتقل السياسي الوالي اميدان المتواجد حاليا بسجن تارودانت المغربي، وماهي اخر المستجدات عن اخباره ؟ جواب:إن شقيقي الولي يصغرني سنا لكنه يكبرني بالتجربة في الميدان حيث إني ألجأ إليه لأخذ النصح والشورى.الولي أميدان تم اعتقاله على خلفية مشاركته في ملحمة الانتفاضة أكثر من مرة آخرها الاختطاف البشع واللاإنساني الذي تعرض له يوم 12 أكتوبر 2006 من داخل منزل العائلة وتعريض هذه الأخيرة إلى الضرب والإهانة من لدن زبانية المخزن. أخي الولي مثل باقي إخواني المعتقلين السياسيين الصحراويين الذين صودر حقهم في الحرية وتعرضوا للتعذيب والتنكيل بذويهم، وهدتهم الإضرابات المتوالية عن الطعام وما صاحبها من أمراض أنهكت أجسادهم ثمن قناعاتهم ومبادئهم ونضالهم المشروع من أجل حرية الشعب الصحراوي وضمان حقوقه.كما تعلمون أن حال المعتقلين داخل السجن لكحل في العيون المحتلة لا يسر ولا يبشر بالخير فما بالك بسجن داخل أرض العدو فهو يفتقد لكل الشروط القانونية والأخلاقية، فضلا عن المضايقات والتحرشات ومنعهم من الزيارة أحيانا وحرمانهم من أبسط حقوقهم أحيانا أخرى، الغاية في ذلك كبحهم وثنيهم عن النضال من وراء القضبان، لكن المعتقلين الصحراويين يصرون على التحدي بعزائم وإرادات حديدية، فمعارك الأمعاء الخاوية أكبر دليل على تحديهم لجبروت السجان وصقيع السجن إضافة إلى استكمالهم لدراساتهم، هذا التحدي وهذه المواجهة قد يراها البعض غير متكافئة لكنها في أعين الأحرار سرعان ما تعتدل حين ينضم لمعتقل الرأي الصحراوي عنصران الحق والإرادة، بفضلهم أصبحنا نصرخ بأعلى صوتنا في الوقفات والمسيرات والمنابر الإعلامية ليسمع العالم.
سؤال:منذ انطلاق إنتفاضة الاستقلال وعائلة اميدان للعرض للمضايقات من طرف اجهزة الامن المغربية. هل لكي ان تضعينا في الصورة الحقيقية للذلك؟ جواب:كحال كل العائلات الصحراوية التي هبت لتلبية النداء مضحية بالغالي والنفيس في سبيل حقنا المشروع وغير القابل للتصرف في تقرير المصير.
سؤال:هل يمكن ان تقيمين لنا وضعية حقوق الانسان بالمدن المحتلة وجنوب المغرب والمواقع الجامعية بإختصار؟ جواب:لقد كانت انتفاضة الاستقلال المباركة في 2005 استمرارا لما شهدته المنطقة من هبات شعبية منذ السبعينات و حتى يومنا هذا، عبر فيها الشعب الصحراوي عن إرادته الخالصة في التحرر من الاستعمار الغاشم الذي فرض على المنطقة حصار عسكري مشدد وعزلها عن العالم ومنع الوفود الحقوقية الأجنبية من ولوجها وصادر كل الحقوق المدنية والسياسية للصحراويين. إضافة إلى تهجير وإبعاد الطاقات الشابة والمثقفة خصوصا، وإفراغ المنطقة من كوادرها منعا لظهور أي نوع من المؤسسات التي تساهم في نشر ثقافة الوعي.فكانت الملحمة لتجمع الصحراويين من مختلف مشاربهم شيبا وشبابا، نساء ورجالا لسان حالهم يهتف ويردد لا بديل عن تقرير المصير، فسرت الانتفاضة سريان النار في الهشيم وعمت ربوع الساقية الحمراء ووادي الذهب بل حتى أراضينا السليبة والجامعات المغربية، وكل أماكن تواجد العنصر الصحراوي، فبرز الأبطال في خضم هذه الملحمة، وزف شهداء على مذبح الحرية والكرامة.قدمت الانتفاضة عشرات المعتقلين ومئات الضحايا والمنكوبين، وقعت خلالها انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان ارتكبتها جحافل النظام الغازي المغربي في حق المواطنين العزل والمناضلين الصحراويين الشرفاء.يبقى العنصر الصحراوي مستهدفا من طرف آلة البطش المغربية في كل أماكن تواجده سواء بالمناطق المحتلة أو بالمواقع الجامعية، دونما اعتبار لحرمة البيوت التي تمت مداهمتها باستمرار والتنكيل بالأفراد ونهب وتخريب الممتلكات وانتهاك حرمة الجامعات التي أضحت ثكنات لقوات الغدر المخزنية. وتعد السنوات الفارطة وما شهدته من خروقات وتجاوزات راح ضحيتها العديد من الطلبة الصحراويين ما بين المعاق والجريح والمعتقل والمفصول عن الدراسة.نذكر من بين الحالات الخطيرة الناتجة عن التدخل الهمجي المناضلة سلطانة خيا التي فقدت عينها اليمنى وحالة الطالب والمناضل الصحراوي الوالي القاديمي الذي أصبح مشلولا طريح الفراش.
سؤال:كلمة اخيرة الاخت الرباب اميدان ؟ جواب:يبقى ما تحقق حتى الآن من التضحيات الجسام في سبيل هدفنا المنشود ما هو إلا خطوة على مسار رسمه شهدائنا ومناضلونا بدمائهم الزكية ودفعوا ثمنه حرية.. ألا يستحق منا هذا المشروع أغلى تضحية !ولنا في قدوتنا الولي مصطفى السيد شهيد الحرية خير مثال في التضحية الذي جسد بالملموس المقولة:"تقتضي البطولة أن نمد أجسادنا جسورا فقل لرفاقنا أن يعبروا".
http://www.upes.org/body2.asp?field=articulos&id=1041

No comments: