Monday, February 24, 2014

الناجي من مذبحة الصحراويين بمنطقة أمغالا يبحث عن الجندي المغربي الذي أنقذ حياته

الناجي من مذبحة الصحراويين بمنطقة أمغالا يبحث عن الجندي المغربي الذي أنقذ حياته
 
 
الصحراء الآن:عن إليسبياديخيتال/www.elespiadigital.com
 
كان علي سعيد الداف طفلا عند وقوع المذبحة بمنطقة أمغالا ورأى بأم عينيه جندي مغربي يطلق النار من مسافة قريبة على راعيي غنم صحراويين. كما تم قتل ستة بدويين من بينهم طفلين قاصرين يبلغان من العمر أربعة عشر سنة وهي ذات السن التي كانت في عمر علي سعيد انذاك. الآن عمره يناهز واحد وخمسين سنة ويبحث عن الجندي المغربي الذي أنقذ حياته. "لقد عشت كل هذه السنوات مع هاته الذاكريات.
أريد أن أجد هذا الرجل وأشكره على مافعله معي"، ليس كل الجنود سيئون، تحت أي زي موحد عسكري يوجد إنسان، يحمل المشاعر" يؤكد علي سعيد الداف لموقع www.elespiadigital.com حدثت الوقائع التي كان شاهدا عليها في منطقة تسمى فدرة لقعية بمنطقة امغالا بتاريخ 12 فبراير من سنة 1976 عندما كانت العيون لازالت ترفع العلم الإسباني، رغم أن القوات المسلحة المغربية توغلت في الصحراء الغربية في محاولة لإبادة الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب المعروفة إختصارا بجبهة البوليساريو, مرة أخرى؛ 12 فبراير بالتحديد، ولكن سنة 2014 ظهر علي سعيد الداف للمثول امام القاضي بابلو روث بالمحكمة الوطنية للتحقيق في الجرائم ضد الإنسانية التي أرتكبت في المستعمرة الإسبانية السابقة من طرف كبار المسؤولين المغاربة. وقد مثل أمام القاضي كشاهد إثبات في قضية إعدام خارج نطاق القضاء لثمانية من البدو تم العثور على رفاتهم في يونيو 2013 في مقبرتين جماعيتين تم العثور عليها في منطقة فدرة لقعية بأمغالا، بالقرب من الجدار الذي يقسم الصحراء الغربية إلى جزئين وعلى بعد 400 كلم من مخيمات اللاجئين الصحراويين بتندوف /الجزائر.
في إحدى المقابر يوجد رفات محمد مولود محمد لمين ومحمد عبد الله رمظان والذين يحملان بطائق تعريف إسبانية وهما اللذين كان علي سعيد شاهدا على إغتيالهم وكان على وشك أن يكون الدور الموالي عليه.
ومع ذلك لم يحك علي سعيد الداف للقاضي ماعاشه من معاناة في حياته جراء هذه الجريمة " تركت المدرسة، ولم انس ما عشته.. أحتفظ بكل شئ في ذاكرتي" والقنصل الإسباني في الجزائر لم يمنحني التأشيرة للسفر إلى مدريد وهو نفس الشئ حدث مع شاهدة اخرى تدعى كبولة سلمى الداف.
وإذا ما قمنا بمقارنة مع ما قاله الطبيب النفسي كارلوس مارتن بيريستاين و الطبيب الشرعي فرانسيسكو إيتشيبيريا في تقريرهم فإنه يؤكد ويدل على أن الصحراويين الثمانية تم قتلهم بإطلاق النار من بندقية وتم دفنهم في نفس مكان الذي تم العثور عليهم فيه. ولد علي سعيد الداف بمنطقة امغالا قرب مدينة السمارة وكسائر الصحراويين فقد تركزت حياتهم على الرعي والزراعة وتربية الماشية. وكسائر الأطفال الصجراويين فقد رافق عائلته بقطيع من الإبل والأغنام في رحلة عبر البادية للبحث عن الكلأ والماء . ثمانية وثلاثين سنة بعد ذلك؛ لازال يتذكر ماجرى في 12 من فبراير في طفولته. حيث لحق بوالده وأحد جيرانه فجرا الذين خرجا لجلب الماء.
ترك الخيمة وتقفى أثرهما إلى حيث بئر الماء. ولكن المفاجأة كانت في انه وجد جنودا مغاربة امروه برفع يديه عاليا. " تعرضت للضرب والإستنطاق.. في وقت لاحق إلتقيت بوالدي والجار بصحبته الذين أعادوهما لللإستنطاق.. في المساء تم إطلاق النار وقاموا بتغيير مكاننا" يحكي علي سعيد الداف لموقع www.elespiadigital.com "والذي ألمني كثيرا هو نقل والدي ووضعه في سيارة وبدأت أتساءل؛ ماالذي سيحث له؟ مالذي سيحدث لي؟ قضيت ساعات وأنا مقتنع بأنه سيكون مات، إلى اليوم الموالي حيث شاهدتهم يقومون بإنزاله من سيارة وإداعه سيارة أخرى، وقد بعث هذا في نوعا من الروح على المواصلة رغم إعتقادي بأنهم إقتادوه للقتل. أينهم الكلاب البوليساريو؟ مرت ثمانية عشر ساعة على ما أعتقد قبل أن يأتي جندي يرتدي قبعة عسكرية مخالفة للخوذات التي يرتديها بقية الجنود: " جاء في سيارة جييب وبوجه متجهم خاطب الجنود : أين هم البوليساريو الكلاب؟. في البداية أخذوا مولود وسألوه عن مكان البوليساريو. فاجابه: ليس لدي علم رغم أنه أعطاه بعض الوثائق الإسبانية وبطاقة التعريف. فسأله للمرة الثانية: أين هم البوليساريو يا كلب؟ فأجابه مقسما بالله وبرسوله محمد.. فلم يتركه يكمل القسم وأخذ بندقية أحد الجنود وأرداه قتيلا من مسافة قريبة. إستعمل نفس الأسلوب ونفس الأسئلة مع محمد الذي إحتفظ بوثائقه والذي أجابه بنفس الأجوبة لاأعرف مكان وجود البوليساريو فأرداه قتيلا" ثم إستدار ألي وقد كنت خلفه و قرب قدميه أبكي.. قال لي أحد الجنود؛ إذا قلت عاش الحسن.. عاش الجيش المغربي..سينقذني. فقلتها بصوت عال. وغادر بعجها في سيارة الجييب. سيطر الخوف على علي سعيد، لا يعرف ما الذي سيحدث له، يفكر في طريقة للهروب. وفي هاته اللحظات إقترب منه جندي وامسك بيده وبدأ يهدا من روعه. " لقد كان بمثابة الحماية لي وقدرني، بينما قام بقية الجنود بسبي وشتمي وإذلالي في غيابه. وقال احدهم لماذا لانقتله؟ وعند مرور هاته اللحظات، جاء مسرعا ومهرولا فغادروا". حملوه على متن شاحنة إلى حيث سمع إطلاق نار وصراخ العديد من الصحراويين، وأحد الرجال يتوسلهم بإطلاق سراح إبنه: " عند حلول الظلام جائني أحد الرجال وامرني بالنزول من الشاحنة وقال لي انا الجندي الذي كنت معك منذ الأمس. هيا إنزل. تحدث إلي بلغة فرنسية لم أفهمها. بعد ذلك أخذ بيدي وأصطحبني إلى مركز الحراسة. ظننت أنه سيقتلني. سيطرت على مخيلتي جملة من التناقضات، هذا الرجل أنقذ حياتي والآن سيقوم بقتلي... تركني نائما إلى أن جاء أحد الجنود للمناوبة على الحراسة فأستيقظت على مشاذة كلامية دارت بينهما. في النهاية قال له الجندي الذي سيأخذ دوره في المناوبة: حسنا أيقظه. ورد عليه صديقي الجندي : لاتقلق، سأعتني به وسأعيده إلى الشاحنة". أركض كالغزال... في اليوم الموالي شرعت القوات المغربية في التحرك والشاحنة التي كان بها علي سعيد ظلت عالقة في الرمال مما اضطر الجنود إلى تغييرها بسيارات أخرى. " بقي فقط الجندي الذي أنقذني والسائق، وعندما لاحظ ان الشاحنة لن تتحرك والقوات المغربية بدأت تبتعد، ركض خلف الشاحنات الأخرى ممسكا بيدي ويقول لي: أسرع .. أسرع.. قفزت وامسك بي من جديد، فجاءت لحظة لم يمسك فيها بيدي وكانت عملية ركوب شاحنة أخرى هي الشئ الوحيد الذي يقلقهم. فصرخ على آخر شاحنة لإنتظارهم. لاحظ أنهم لم يعيروا إهتماما بهم، فأستدار وقال لي: أرجع وأركض قدر المستطاع.. وأسرع في ركضك كالغزال. مايقلقني هو ان ترحل بعيدا عني قدر المستطاع" تمكن علي سعيد من الإنضمام والعودة إلى عائلته وبعد فترة من الزمن عرف أن والده لازال على قيد الحياة وانه معتقل في مدينة العيون وبعد الإفراج عنه إلتحق بصفوف جبهة البوليساريو. " لم أعش معه سوى أربعة أشهر فقظ. ونظرا لكوني طفلا فقد تم إيداعي مدرسة داخلية. مرض والدي وكان في مستشفى بمدينة تندوف حيث يتلقى العلاج. لم أدخل لحضور وفاته ولا أعرف أين دفن. في السنوات الأولى من اللجوء لم تكن هناك مقبرة رسمية في المخيمات" عندما ألتقيت عائلات راعيي الأغنام اللذين إغتيلا وأسرد عليهم الواقعة التي شهدت. لا يصدقني أحد." الآن أدركت أنني كنت طفلا في سن الرابعة عشرة زالناس ينظرون إلي أنني أعاني تبعات نفسية جراء الحرب. ولم يحركوا ساكنا حتى إكتشاف أول الرفات. فبدأت العائلات تأتيني للإستفسار عن الواقعة وهل أنا متأكد. فأجيبهم بأن الجنود المغاربة قاموا بقتلهم". خلال سؤالنا عن ملامح الرجل الذي أنقذ حياته؛ أجاب علي سعيد أنهم لم يتحدثوا طويلا وأنه يتذكره بصفة عامة رغم أنه كان شخصا موثوق فيه: " ربما يبلغ من العمر 25 سنة إلى 30 سنة كأعلى تقدير، ذو بشرة بيضاء، ربما من شمال المغرب، متوسط القامة، ليس بدينا وليس ضعيفا، بدون شارب،بدون لحية، لم أتعرف على إسمه، يحمل رقم تسلسلي للخدمة العسكرية، كنت أريد ان أسأله لكني لم أجرأ على ذلك، يتكلم اللغة الفرنسية كثيرا ولم اكم أفهم ما يقولونه". ولكن مع ذلك فالذي بقي راسخا في ذاكرتي كالكابوس هو وجه العسكري الذي إغتال مولود وعبد الله :" لقد سجلت كل شئ وهو ماأراه بشكل يومي، يحمل مسدسا في حزامه،يرتدي قبعة، ذو وجه قبيح الملامح، شعره يميل إلى الحمرة، ذو شارب، طويل القامة ونحيف، أعتقد ان تجاوز عقده الأربعين، لم أميز الرتبة العسكرية التي يضعها على كتفيه". الاعتراف بالجميل للجندي الذي أنقذ حياته يعيش حاليا علي سعيد الداف بمخيمات اللاجئين الصحراويين، متزوج وله خمسة أبناء (أربعة ذكور وأنثى واحدة)، وفي هذه اللحظات بالذات يبحث عن الرجل الذي أنقذ حياته: " أعيش مع ذكراه، ومتمنياتي أن أعثر على هذا الرجل لأعبر له عن إمتناني وأشكره. أطلب من الحكومة الصحراوية ومنظمات حقوق االإنسان بالإعتراف بالجميل علنيا. فليس كل الجنود أشرار. في هذا اللباس الموحد العسكري الموجود حاليا يوجد أناس يتمتعون بحس إنساني وربما لديهم أفكار أخرى". قضى علي سعيد مدة الزمن في خدمة الجيش الصحراوي وكان دائما في القواعد الخلفية للجيش ورغم سفره للعديد من مناطق الصحراء الغربية التي تحرسها جبهة البوليساريو إلا انه لم يسبق له العودة إلى مكان المجزرة قبل إكتشاف المقابر الجماعية أين دفن البدو الرحل الصحراويون الثمانية. بعد نبش الرفات من جديد، لم يذق علي سعيد الداف طعم النوم: " هؤلاء الأشخاص الذين أعرفهم دائما أستحضرهم في ذاكرتي، أناس بسطاء وعاديون. ولم أر منهم سوى مجموعة من العظام"

No comments: