Saturday, October 06, 2007

الرحيل... بقلم: السيد حمدي يحظيه
مقالات سابقة
هؤلاء المحتلون الذين يسكنون رئتي الوطن...
مفروض عليهم الرحيل أبداً..
.هؤلاء المحتلون الذين يغتصبون مفاصل الوطن ...
مفروض عليهم الزوال غداً...
هؤلاء المحتلون الذين يملآون مسام الوطن
مفروض عليهم الرحيل حتى لو بقوا أمداً.
إن لم يرحلوا أمس سيرحلون اليوم
وإن لم يرحلوا اليوم سيرحلون غدا..
ومثلما كان قدرهم الغدر
سيكون رحيلهم قدر
هؤلاء المحتلون الذين يطفئون النور في عيني الوطن..
راحلون، راحلون، راحلون
زائلون، زائلون، زائلون
لن يبقى منهم سوى ذكرهم السيئ
..الحكايات ذات الوقع الحزين
قصص الخوف الذي تقف الشعور لحكيها
وقائع مكونة والقنيطرة والوكن المسور ...
صور السجن لكحل وذكريات الذين حُرقوا أو فقدوا أعضاءهم هناك
لن يبقى من الاحتلال سوى ذكره السيئ ...
لن يبقى منه سوى الجدار البشع الذي يقسم الوطن نصفين
جرح في جغرافيا الوطن لن تطمسه الرياح
جرح في قلب التاريخ لا ينسى
في المستقبل، حين يسألنا الأطفال من بنى هذا الجدار سنقول لهم:
إذا قلنا لكم من هم سيسمعوننا
.لوائح شهدائنا سنعلقها على كل باب
وحين يسألنا أحفادنا من قتلهم سنقول لهم:
إذا قلنا لكم اسمهم سيسمعوننا
سنعلق صور شهدائنا في كل محراب
وحين يسألنا أطفالنا من قتلهم سنقول لهم:
إذا قلنا لكم من هم سيسمعوننا
عندها سيفهم الأطفال من هم قتلة آبائهم
سيفهم الأطفال من بنى الجدار
وحين يسألونا ماذا كانوا يفعلون في وطننا؟
سنقول لهم:كانوا يبنون الجدار ويسفكون دماء آبائكم
كانوا يسرقون أرزاقكم
عندها سيفهم الأطفال...
وحين يسألوننا ما الذي أدخلهم وأخرجهم.؟
سنقول لهم أدخلتهم الفضيحة وأخرجهم الخوف
*********
إنهم راحلون ولن يتركوا سوى أغصان الطلح المحروقة
إنهم راحلون ولن يتركوا سوى الرماد
لن يتركوا شيئا واحدا جميلا يستحق الذك
رأذكروا لي شيئا واحدا جميلا سيتركونه.؟
ما زرعوا زهرة ولا شجرة على جانب طريق
ما زرعوا نخلة عند بئر ماء
ما أقاموا سدا واحدا يحبس ماء المطر
ما أعطوا يوما لطفل حلوى ولا شمعة
بربكم أذكروا لي شيئا واحدا جميلا سيتركونه.؟
حتى الشيوخ في أرذل العمر كانوا يفرضون عليهم الركوع لصورة ملك
حتى الموتى فرضوا على ذويهم إن يشتروا لهم قبورا في أرض هي وطنهم
وحين لا يستطيع أحد أن يذكر لنا شيئا واحدا جميلا سيتركه الغزاة
نستطيع أن نذكر لكم ملايين الأشياء القبيحة التي سيتركون
حاولنا أن لا ننزع عنهم ورقة التوت..
.لكن يبدوا أنهم لا يبالون بالعري...
*********
إنهم راحلون لكن ليس شفقة بدمائنا وغربتنا وشتاتنا...
إنهم راحلون ليس لأنهم سيتوبون أو يكفرون عن ذنوبهم
هم راحلون لأنهم أصيبوا بفوبيا لا شفاء منها
الفوبيا من كل مكان..
.من الأرض، في البشر، في السماء وفي كل مكان.
أينما ذهبوا هم محاصرون بالرفض والعصيان.
هذه المدن التي يحتلونها ترعبهم
هذه الجدران الأسمنتية ترعبهم
مع كل شروق تصبح الجدران لوحات منتفضة.
.ترسم على وجوهها الأعلام المنتفضة
ترسم على يديها بالحناء المنتفضة
تكتب على مساحاتها الشعارات الرافضة
ولأنهم يخافون المدن الأسمنتية
يهجمون كل صباح على الجدران ليقتلونها
يهجمون ينظفون، ويمسحون ويبصقون
وربما يضربون ويسبون...
كل ماكينات الخياطة في مدننا المحتلة يخافونها..
حتى التي تخيط ثياب بيضاء للصبيان..
كل الماكينات- في نظرهم- تخيط الأعلام والرايات.
ولأنهم خائفون...
يراقبون، ويراقبون، ويراقبون
يحرسون نبض قلب الوطن
يراقبون نبض قلوب الناس
كل قلب ينبض هو قنبلة غضب
يخافون الأعلام المنتفضة والألوان...
منعوا دخول ألوان العلم إلى الوطن المحتل.
كل ليلة يداهمون ويصادرون القماش والألوان..
حتى الأطفال في المدارس ممنوع عليهم حمل الألوان.
مادة الرسم صارت ممنوعة على الصغار..
لأنهم يرسمون أصابعهم على الجدران
لأنهم يرسمون علمهم على الجدران..
يكتبون الشعارات على الجدران والسماء
وباختصار لأنهم يكرهون الاحتلال..
ولأنهم خائفون ...
بثوا ثعابينهم في كل مكان
في العيون وبين الأهداب
زرعوا ملايين العيون عند الثقوب وعلى الأبواب
ولأنهم خائفون ...
يراقبون كل حبة رمل وفي وطننا المحتل
لأنها قد تنتفض في أي لحظة
لأنها قد تنفجر في أي لحظة مثل قنبلة
يراقبون كل امرأة ستصرخ صرخة الإنجاب
يتمنون لو أنجبت ميتا أو مشلولا
أو على الأقل تنجب طفلا بلا أصابع وبلا لسان
لأنهم يعرفون:
إن أي مولود سيصرخ في وجوههم
سيرفع العلم ويكتب على الجدران
كل شيء في هذا الوطن يكرههم
وهم يخافون من كل شيء في هذا الوطن...
أيها الخائفون حتى من ظلالهم
أيها الخائفون من أعلامنا وراياتنا
الخائفون من جدراننا ومن دمائنا
لم يبق لكم الا الرحيل
أرحلوا إلى وطنكم أو إلى البحر
لم يبق لكم إلا الرحيل
الرحيل، الرحيل، الرحيل
10/05/2007 12:31 AM

No comments: