Friday, March 24, 2006

حقائق حول ضعف الدبلوماسية المغربية في إدارة ملف الصحراء الغربية

صحافي فرنسي يكشف ضعف الدبلوماسية المغربية في إدارة ملف الصحراء الغربية ولجوئها إلى الرشوة لاستمالة المجتمع لدولي
القدس العربي

ادريس البصري الرجل القوي في عهد الحسن الثاني يعترف له بذلكباريس ـ القدس العربي من شوقي أمين :
لقد وضع القصر الملكي المغربي بمخزنه وملاحقه السرية مشكلة الصحراء الغربية هما وطنيا جوهريا ورهانا استراتيجيا. ولتحقيق هذا الهدف القومي من المنظور المغربي، تحركت لوبيات ومجموعات ضغط مغربية، في اطار دوائر دولية لتجسيد توصيات الخطاب الرسمي في عهد الحسن الثاني الذي جعل من ضم الصحراء الغربية الي الحظيرة الوطنية استراتيجية دولية أخذت حصة الأسد من سياسة الاغواء والتضليل والاغراء باتجاه المجموعة الدولية التي قادتها الدبلوماسية المغربية للاستحواذ علي المربع الصحراوي، وهو ما يواصل العمل به الملك الجديد.تلكم هي إحدى خلاصات الكاتب والصحافي بيومية لوموند الفرنسية جون بيير توكوا في كتابه الأخير "جلالة الملك.. لوالدك فضائل كثيرة علي" الصادر عن دار النشر الفرنسية الشهيرة ألبان ميشل.ويتناول الكتاب الملف الدبلوماسي المغربي حول موضوع النزاع الصحراوي، حيث كشف كثيرا من نقاط الظل عن ممارسات دبلوماسية خارج المألوف انتهجها المسؤولون المغاربة للدفاع عن مغربية الصحراء . ويرى "توكوا" في هذا المقام أن المخزن لم يتردد في سلك كل السبل لتذليل العقبات الدبلوماسية والدولية والقانونية لاقناع هذا البلد أو ذاك كي يكون له نصيرا له في قضيته في المحافل الدولية، بل انه تبني منذ أمد بعيد سياسة الأظرفة المالية، وهي كناية عن أسلوب الرشوة الموصوف الذي تحول الي عقيدة دبلوماسية واختصاصا لدي المسؤولين المغاربة للتغطية علي ضعفهم الدبلوماسي في تسيير الملف الصحراوي.ولكي يدلل علي هذه الخلاصات الخطيرة في حق الدبلوماسية المغربية ومن ثم مصداقية المخزن، تحاشى "جون بيير توكوا" تهويمات التحاليل الغوغائية، والاستقراءات التي لا تنتهي من وحي المعطيات الجيو استراتيجية، فتبني فلسفة القرائن الدامغة التي استقاها شكلا ومضمونا من سلسلة الحوارات التي أجراها مع وزير الداخلية السابق نفسه، ادريس البصري المقيم في باريس حاليا بعد اقالته من منصبه سنة 1999 بقرار من الملك الجديد، باعتباره المسؤول الأول وقتئذ علي الملف الصحراوي، بالاضافة الي لقاءات أخرى أجراها مع ممثلين للهيئة الأممية، وتشكلت من خلال ذلك مادة قوية وغنية في آن، جديرة بالنظر والتمحيص كونها تحاصر بالفعل وبالقوة العملية الدبلوماسية المغربية من كامل الأوجه، وتعري في المطلق الآلية التي تشتغل بها.ويقول صحافي لوموند في هذا السياق ان كل الاستراتيجية المغربية تلخصت في شراء ذمم بعض مسؤولي جبهة البوليزاريو، والدبلوماسيين الأجانب والمسؤولين في هيئة الأمم المتحدة عن الملف الصحراوي استنادا الي تصريحات (برنارد ميللي) مستشار سابق في قصر الاليزيه.وما من شك أن شهادة هذا الدبلوماسي الفرنسي المحنك الذي اشتغل من سنة 1997 الي سنة 2000 كمستشار دبلوماسي للأمين العام لهيئة الأمم المتحدة كوفي عنان، والذي كانت تعتبره الأوساط الدولية وقتها الرجل الثاني في البيت الأممي في تسيير المسألة الصحراوية، لها ثقلها ووزنها علي أكثر من صعيد.وتجدر الاشارة في هذا المقام أن (برنارد ميللي) الذي التقاه الصحافي جون بيير توكوا في شهر أيار (مايو) من السنة الماضية لتسجيل شهادته كأحد أبرز الفاعلين في القضية الصحراوية، قادته مهامه الأممية بجولة الي كل من العاصمة المغربية الرباط أين التقي فيها العاهل المغربي الراحل، كما زار مخيمات تندوف قرب الصحراء الجزائرية والجمهورية الموريتانية، والجزائر العاصمة، وانطلاقا من هذه الذكريات التي تعتبر من أهم المحطات الدبلوماسية منذ توليه الملف الصحراوي أكد (برنارد ميللي) لمحدثه أن السلطات المغربية أمنت لي اقامة فخمة بفندق هيلتون الدولي بالرباط، ورغم أني كنت بمفردي فلقد وضعوا تحت تصرفي غرفتين، وغرفتي حمام وضعوا في احداها ما لا يقل عن 300 نوع من العطور موضحا لقد كانوا يريدون شراء ذمتي وبتهكم قال معلقا انها هدية حسن الاستقبال ، ولكن تمرسه في الحقل الدبلوماسي الملغم جعله يحترس من رشوة من هذا النوع.ورغم أن محاولة المخزن في استمالة المبعوث الأممي لمصلحة المغرب أجهضت، الا أن مخططاته حسب مؤلف الكتاب لن تتوقف عند هذا الحد بل تعدته الي قلب الهيئة الأممية بنيويورك، وتحديدا عن طريق سكرتيرة (برنارد ميللي) نفسه، وهي معلومة علي قدر كبير من الأهمية والصدقية كونها انطلقت من فيه الرجل القوي في عهد الملك الحسن الثاني ادريس البصري الذي أسر لصحافي يومية (لوموند) في شهر تشرين الأول (أكتوبر) سنة 2005 بأن سكرتيرة ميللي كانت الشخصية الوحيدة التي تفهمت الموقف المغربي مفيد ا في نفس الاتجاه أن هذه الأخيرة ساعدتنا كثيرا ولقد استقبلتها في بيتي عدة مرات .وحسب توكوا، فان الرباط لجأت الي هذه المتعاونة مع برنارد ميللي نظرا للمنصب الحساس الذي كانت تتبوأه، في عملية استباق للأحداث وتحسبا لأي طارئ من شأنه أن يقوض المخططات المخزنية باتجاه المجتمع الدولي عن طريق الهيئة الأممية، وكان الهدف من الاقتراب من هاته الموظفة الأممية هو الاستحواذ علي الوثائق والمراسلات التي ترسلها لجنة هيئة الأمم المتحدة حول المسألة الصحراوية لمجلس الأمن، ومرة أخرى هو نفسه ادريس البصري من يفتح مثل هذه الأقواس عن فصول العمل المخابراتي المغربي في دهاليز الهيئة الأممية لصاحب الكتاب مؤكدا أنه كان مهما لدينا، عندما تقع بعض الوثائق لدينا أن نرسلها فورا الي جلالة الملك الحسن الثاني والغرض من ذلك يواصل البصري هو تمكين الملك من أن تكون له ردة فعل سريعة مع رؤساء الدول الأعضاء في مجلس الأمن .وفي مقام مختلف، يستنتج المؤلف من خلال استقراء المعلومات المتوفرة لديه، بأن اللوبي المغربي كان ينشط علي أكثر من مستوى لتكريس مغربية الصحراء كحقيقة لا غبار عليها، ويري في هذا المنحى أن المغرب أولى اهتماما كبيرا بوسائل الاعلام الفرنسية في المقام الأول لترويج موقفه منتهيا الي محصلة مفادها أن وسائل الاعلام الفرنسية نادرا ما أثارت الملف الصحراوي وهم مخطئون في ذلك مدليا بقناعة فحواها أنه اذا حصل وأن انتفض الموقف الرسمي المغربي ضد وسائل الاعلام الفرنسية فسيكون حتما بسبب الصحراء الغربية وليس شيئا آخر.أما عن الرؤية الفرنسية للملف الصحراوي، فان الصحافي (جون بيير كوتوا) يجزم بما لا مجال فيه للشك أن ثمة مجموعة من الدبلوماسيين الفرنسيين من قدمت مساعدة واستشارة لنظرائهم المغاربة بايعاز من الاليزيه، ويوضح في هذا السياق أنهم قاموا بذلك من باب الواجب أولا والقناعة ثانيا، وهي إحالة واضحة الى ميل الموقف الفرنسي أكثر الي الجماعة في المغرب.وحسب جون بيير توكوا، فان الواجب في مساندة المغرب من الجانب الفرنسي يفهم من زاوية أن فرنسا تخشى من أن توجد في المنطقة دويلة (الصحراء الغربية) تكون لغتها الرسمية الاسبانية تتقلص من خلالها مساحة اللغة الفرنسية باتجاه افريقيا الغربية مع تهديد واضح للثقافة التي تحملها وهو احتمال يقول "توكوا" لا تحبه باريس.وهي معادلة فهمها جيدا المغرب يفيد الكاتب، مع توظيف كل الأدوات التكتيكية لخدمة الاستراتيجية اللغوية للمستعمرة السابقة فرنسا، ومن بين هذه الأدوات الفاعلة هو التقرب من الوسط الدبلوماسي الفرنسي والتودد اليه لضمان تأييد السفراء الفرنسيين في الرباط، ويذكر الكاتب في هذا المنحي اسم (جون برنارد ميريمي) السفير الفرنسي السابق في الرباط، أحد أكبر المدافعين عن الموقف المغربي، والذي أوكلت اليه مهمة استراتيجية في اللجنة الدائمة لهيئة الأمم المتحدة لتمثيل بلاده، ما يحيل ولاشك أنه تخندق في اللوبي المغربي عبر القناة الأممية.وجدير بالذكر، بأن هذه الشخصية ذاتها متهمة بتورطها في جريمة النفط العراقي مقابل الغذاء التي مازالت تحرج السلطات الفرنسية لحد اليوم.وفي معرض حديثه عن السفير ميريمي ،يشير الكاتب أن هذا الأخير اتهمته الجزائر في الماضي بتلقيه عمولات لقاء دفاعه المستميت علي أحقية المغرب بالصحراء الغربية، مذكرا بأن هذا الاتهام الجزائري كان فنده وزير الداخلية المغربي ادريس البصري في حينه، في الوقت الذي اعترف فيه هذا الأخير للكاتب في تشرين الأول (أكتوبر) سنة 2005، أن السفير الفرنسي ميريمي مد المملكة بيد العون، وكان يقوم بذلك مجانا ، مستدركا بشكل لا يخلو من الجدية والتهكم في آن ولكن يجب أن لا ننسي عطاءات واغداقات الملك الحسن الثاني لأصدقائه . وترجمة ذلك بالنسبة لجون بيير توكوا من الناحية العملية أن عشية ذهاب السفير ميرمي من وزارة الخارجية الفرنسية، شرفه البنك الخاص المغربي بي ام سي أو بمنصب ذات بريستيج في مجلس الادارة لقاء أجر شهري معتبر، علاوة علي تمكينه من امتلاك منزل أنيق علي بعد أمتار من بحيرات ورزازات الشهيرة. وذات المنزل، حسب توكوا، استنادا إلى شهادة البصري نفسه هو عبارة عن بيت ريفي خشبي علي الطريقة السويسرية منحه اياه الملك الحسن الثاني بما فيه الميدان المحيط به. القدس العربي

No comments: