Thursday, June 11, 2009

التلفزيون الصحراوي: حلم ام كابوس؟؟
منذ عدة أيام انطلق البث الرسمي للفضائية الصحراوية، قناة مرئية تبث على قمر انتيل سات . قناة وتلفزيون كنا جميعا في انتظارها وتحذون رغبة شديدة في الاطلاع على برامجها ، وكلنا إميلين في أن تصبح المرآة التي تعكس بكل صدق وحرفية واقع وتضحيات ونجاحات المسيرة النضالية للشعب الصحراوي. كنا نعتقد بان ميلاد هذه الوسيلة الإعلامية ،سيكون بمثابة اندلاع الحرب مجددا من أجل استرجاع ما سُلِبَ منا ظلما وعدوانا . كنا نحلم بأن تكون بدايات هذا الوليد بادرة خير وانطلاقة جديدة، تعيد الأمل ،وتحيي روح التحدي فينا بعد أكثر من خمس عشرة سنة من’’ البيات الكفاحي‘‘. كان أملنا كبير في صنع قناة مؤثرة وفعالة وجريئة ، تلملم شتاتنا وترفع من معنوياتنا وتعيد لنا الإيمان في قدرة ونجاعة الكادر والقيادي الصحراوي.
كانت تلك هي آمالنا ، طموحاتنا ، رغباتنا ، أمانينا ،هواجسنا وأحلامنا، التي سرعان ما تبخرت في الدقائق الأولى من البث الرسمي ،واختفى بخارها وراء سحابة جهل وفساد وعدم كفاءة المسؤولين في القيادة الصحراوية.
هؤلاء القوم لم يدركوا بعد أن المرحلة قد تجاوزتهم ،وان وسائل وطرق الكفاح اليوم تستلزم مؤهلات وقدرات هم يفتقرون لها تماما .
من ينظر إلى القناة الصحراوية بعين الناقد المتجرد من العواطف، سيقف على حقيقة أن أمر هذه القناة لا يعدو كونه أكثر من مهزلة مبنية على الاعتباطية والافتقار شبه التام لأدنى اعتبارات التقنية والحرفية في الاتصال السمعي ـــ البصري.
لنبدأ من القمر الذي تبث عليه القناة. أنا أجهل من قام بالتفاوض والبحث عن قمر للبث، ولكن من خلال النتيجة يمكن القول بأن المفاوضات من أجل اختيار القمر كانت فاشلة، وجعلت من القناة الصحراوية قناة يتيمة ووحيدة في فضاء الأقمار المليء بالباقات. كنا ندرك جيدا أن قمر عرب سات ممنوع علينا ، وربما نايل سات أيضا ، ولكن ما ذا عن الأقمار الأخرى ؟؟ ما هي الفائدة من قناة موجه بالخصوص للعام العربي والمواطن العربي يتعذر عليه التقاطها ؟
لنعرج الآن على الشعار أو العلامة المميزة للقناة، والتي تظهر للمشاهد على أعلى يسار الشاشة أي كلمة RASD ، فهي إلى جانب عجميتها وعدم فهمها من طرف الناطقين بالعربية ـــ بما في ذلك الصحراويين ــ رغم أن القناة تعد عربية وموجه لجمهور عربي ، فإن اختيار لون العلامة هو الآخر لم يكن مناسبا ، فمن اختار ذلك اللون الأبيض الباهت فهو بلا شك مصاب بمرض عمى الألوان!! ، فهو لون لا يصلح مع أي خلفية وكان بالإمكان اختيار لون برَّاق يلفت انتباه المشاهد للعلامة المميزة وتكون واضحة دون أن تتأثر بتغيير الخلفية.
أما عن البرامج ـ إذا أمكن لنا تسميتها برامج ـ المقدَّمَة على شاشة القناة فحدث ولاحرج ……لا يوجد توقيت ثابت لا لبداية البث ولا لنهايته ، أحيانا يكون البث ساعتين وأحيانا أخرى ثلاث ساعات وتارة أربع ساعات يوميا.
توقيت بث ما يسمى بالنشرة الإخبارية هو الآخر متأرجح ، ويظهر انه يتبع في تقديمه وتأخيره انتهاء العاملين على القناة من صنع الشاي واحتسائه بالكامل!!.
نوعية وطبيعة البرامج التي تم إعدادها وتقديمها يظهر أنها موجه لقوم ولشعب ما زال يسكن في سبعينيات القرن الماضي، استعراضات عسكرية وكلمات وأناشيد وأشرطة يتم تكرارها وقصف المشاهد بها إلى حد الاشمئزاز والعزوف عن الاستمرارية في مشاهدة القناة.
يظهر أن أرشيف الجبهة الإعلامي قد ضاع أو سرق أو أتلف أو تستحوذ عليه أيادي لا تريد إعادته إلى صاحبه الشرعي أي إلى الشعب الصحراوي. إن لم يكن قد فُقِدَ كل ذلك الأرشيف الضخم فأني لا أجد تفسيرا لضآلة ورداءة وركاكة المحتوى الإعلامي والتعبوي للقناة.
فيما يخص الجانب التقني من تجهيزات وإضاءة وصوت وصورة وملابس ، فلا ندري أي معايير تقنية هذه المتبعة في تسيير القناة وتوفير الإمكانيات الضرورية لضمان أدنى حد من الجدية في العمل الإعلامي.
الإضاءة في الاستوديو لا يمكن وصفها بإضاءة ،فهي أشبه ما يكون بقنديل بل إن القنديل ــ لو اسْتُعْمِلَ ــ لكان أفضل وأجمل إضاءة من ظلمات استوديوهات القناة الوطنية. تواجد الذباب في الاستوديو وهو يمشي الهوينى على خدود وثياب المقدمين لا يمكن أن نجد له تبريرا سوى التهاون الفاضح واللامبالاة من طرف المشرفين على القناة.
الملابس التي يظهر بها المقدمون في أغلب الأحيان غير لائقة، وبعض المقدمين ــ برغم تقديمه لأكثر من برنامج ــ فإنه يظهر بنفس البدلة التي ظهر بها في الحلقات الأخرى.
أما عن الصوت والصورة فهي حكاية أخرى لا يتسع المجال للتعرض لها بالنقد في هذا الإدراج.
قد يقول قائل ، مهلا !! فهذه البداية وهي أول تجربة، وقد يحتج آخر بقلة الإمكانيات البشرية والمادية وظروف اللجوء و………….إلخ. وهذا صحيح نسبيا ، وأقول نسبيا لان الكثير من العيوب التي ذكرتها لا ترجع في أصلها إلى قلة الإمكانيات، بل إلى انعدام عقلية الحرفية وعدم تعيين الكادر المناسب في المكان المناسب وإلى الاعتباطية والارتجالية في المواقف والأفعال ، زد على ذلك عدم كفاءة المسؤولين ــ ليس في الجانب الإعلامي فحسب ــ بل في صميم هرم السلطة والقيادة الصحراوية.
الصحراوي بطبعه إنسان خلّاق وواسع الخيال ،ولديه من التكوين والقدرة ما يكفي لصنع قناة مرئية في مستوى القنوات الأخرى ــ لكن وللأسف ــ هو محكوم من طرف مجموعة سطت على الحكم منذ بداية السبعينيات ، وما زالت تتقاسم وتتبادل الأدوار على خشبة مسرح يحتكرون التمثيل عليها ،غير ابهين بعواقب الأمور وكأنهم لا يدركون أن دوام الحال من المحال وبان ’’ام السارق ماتبط امزغرت‘‘.
كان الامل كبير والحلم جميل وفجأة تحول الحلم الى كابوس يطل علينا كل ليلة ،سيء الاعداد ،فقير المحتوى ، ضعيف المستوى ورديء الى ابعد الحدود.
الاستاذ: ابراهيم سيدي احمد
29/06/2009 - LAJWAD TIRIS كتبها
http://lajwad10.maktoobblog.com

1 comment:

Anonymous said...

هذه هي عين الحقيقة فلقذ خاب ظننا وتبخر حلمنا.