SAHARA OCCIDENTAL
توكات : منطقة تقع في وادي الساقية الحمراء . عرفت مقاومة وطنية باسلة في كل حقب التاريخ الصحراوي
القضية الصحراوية قضية تصفية استعمار
تعتبر القضية الصحراوية من القضايا العربية التي لم تنل حظها الموازي لأهميتها عبر سياقات الأحداث العربية المتواصلة حيث تم تغييبها بقصد أحياناً وبغير قصد أحياناً أخرى وخاصة في تلافيف ومنعرجات السياسة المشرقية العربية بالقياس إلى قضايا ومسائل أخرى نالت اهتماماً أكبر وهي أقل أهمية بما لا يقاس من إشكالية الصحراء الغربية.
ولعله من الأهمية بمكان التذكير بأساس هذه القضية للمساعدة على فهم حقيقتها التي هي قضية تصفية استعمار يعود استمرارها بالأساس إلى تعارض حجتين، إحداهما يقدمها المغرب بادعاء حقوق تاريخية في الصحراء الغربية، والثانية يدافع عنها الصحراويون حيث يؤكدون على حقهم غير القابل للتصرف في تقرير المصير والاستقلال.
ويستند المغرب فيما يدعيه على حجج يضمنها جملة من الأحداث قدمها لمحكمة العدل الدولية في لاهاي ضمن مذكرة أثناء مداولتها حول الصحراء الغربية سنة 1975، بعدما أحيلت إليها القضية الصحراوية من طرف الجمعية العامة للأمم المتحدة بناء على طلب من مندوب المغرب في 1974، سعياً منه لإثبات تواصل ممارسته للسيادة تاريخياً على منطقة الصحراء الغربية مثل:
· ظهير (مرسوم ملكي) تعيين القادة في الصحراء الغربية.
· جباية الضرائب.
· تبعية بعض القبائل للسلطان.
· دور الشيخ ماء العينين كممثل شخصي للسلطان في الصحراء الغربية.
· مقاومة الاستعمار.
· حملات السلاطين في المنطقة الجنوبية من السوس في 1882 و 1886.
· مجاورة الصحراء الغربية للمغرب والطبيعة الصحراوية للإقليم (اعتبار الإقليم امتداداً طبيعياً للمغرب).
· الأحداث الدولية المتعلقة بالصحراء الغربية (اتفاقيات، معاهدات، مراسلات ديبلوماسية).
وقد صنفت المحكمة الحجج المغربية إلى جزأين:
ـ أ ـ أحداث داخلية تدل على وجود سلطة مغربية على الإقليم.
ـ ب ـ أحداث دولية اعتبرها المغرب دليلاً على اعتراف دول أخرى بسيادته على الأرض.
لكنها أي محكمة العدل الدولية اعتبرت أن المعلومات المقدمة من طرف المغرب غير كافية لإثبات قيام سلطة مغربية فعلية في الصحراء الغربية، حيث توضح أن:
· المغرب لم يقم أبداً بجباية الضرائب من الإقليم.
· حملات السلاطين لم تصل وادي درعة فما بالك بالصحراء الغربية.
· نشاط الشيخ ماء العينين لا يعد دليلاً على وجود سلطة للسلطان في الإقليم.
· حجة المجاورة غير واردة ولا يمكن تطبيقها على هذه الحالة، لوجود مطالب آخر (موريتانيا) بنفس الحجة، ولأن الأرض مأهولة بقبائل منظمة على المستوى السياسي والاجتماعي.
أما الحجج المتعلقة بالأحداث الدولية التي قدمها المغرب كدليل على اعتراف دول أخرى بسيادته على الإقليم، فبعد أن صنفتها المحكمة ورتبتها من حيث الأهمية، فإنها خلصت إلى أنها لا تثبت الاعتراف الدولي من قبل حكومات أخرى بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، لأن الأحداث الدولية والأحداث الداخلية تقود إلى نفس الاستخلاص، حيث أن الأولى تؤكد الثانية، فلا هذه ولا تلك تثبت وجود روابط قانونية أو سيادة إقليمية بين الصحراء الغربية والمملكة المغربية في فترة استعمارها من قبل إسبانيا.
ثم أعطت المحكمة رأيها الاستشاري الذي نص على حق الشعب العربي الصحراوي في تقرير المصير والاستقلال.
والصحراويون إذ يؤكدون على أنهم لم يشكلوا جزءاً من المملكة المغربية من الناحية التاريخية ويتمسكون بحقهم في تقرير المصير والاستقلال فهم يستندون في ذلك على كثير من حقائق التاريخ والجغرافيا التي تثبتها كل الوثائق والكتابات سواء من المغرب نفسه أو من غير المغرب وهو ما استندت عليه الجمعية العامة في عام 1963 عندما أدرجت الصحراء الغربية في لائحة المناطق التي تجب تصفية الاستعمار منها من قبل الأمم المتحدة لتعترف بعد ذلك في العام 1966 بحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير والاستقلال ولا زالت تؤكده حتى اليوم.
وفي ذلك الإطار تضافرت جهود الأمم المتحدة ومنظمة الوحدة الإفريقية بحثا عن حل لنزاع الصحراء الغربية مما أفضى إلى انبثاق مخطط للسلام وافق عليه الطرفان وصادق عليه مجلس الأمن الدولي سنة 1991 يتم بمقتضاه وقف إطلاق النار وتحديد هوية المصوتين ثم عودة اللاجئين الصحراويين ومركزة قوات الطرفين وتبادل الأسرى ويختم باستفتاء لتقرير المصير يختار فيه الصحراويون بين الاستقلال أو الانضمام إلى المغرب، على أن يتم كل ذلك في فترة أقصاها ستة أشهر من تاريخ وقف إطلاق النار الذي تم بالفعل يوم 1991/09/06 تحت إشراف بعثة الأمم المتحدة لإجراء الاستفتاء في الصحراء الغربية، المعروفة باسم المينورصو (MINURSO).
لكننا اليوم في سنة 2001 والاستفتاء لم يتم ومحنة الصحراويين لم تنته بعد، بسبب العراقيل المغربية التي تنوعت إلى درجة يصعب معها إحصاؤها، فتارة تقوم بنعت الصحراويين بأنهم مرتزقة من كوبا أو فيتنام وتارة بالانفصاليين المناوئين للوحدة الترابية من صنع الاستعمار ونتاج الحرب الباردة وأحياناً تلجأ إلى ثنائية المشكل مع الجزائر، لكن الشمس لا يمكن تغطيتها بالغربال، فمنظمة الوحدة الإفريقية تعترف بالدولة الصحراوية والجمعية العامة للأمم المتحدة لا تزال تؤكد على أن قضية الصحراء الغربية، قضية تصفية استعمار لم تستكمل فصولها بعد، ومجلس الأمن يتابع عن كثب كل تطورات هذه القضية ويتلقى التقارير شهريا من الأمين العام للأمم المتحدة.
لقد نجحت المملكة المغربية في تقديم قضية الصحراء الغربية على مستوى الساحة العربية على أنها مسألة تحرير واسترجاع أراض مغربية كانت مستعمرة، وقدم النظام المغربي نفسه بصفة "البطل القومي"، مستغلا مشاعر القومية النبيلة والتعلق القوي بالوحدة العربية ومعاداة كل توجه مناقض لذلك، وأوهم الكل (على مستوى الساحة العربية)، بأنه يواجه فعلا تياراً صحراوياً انفصالياً، ودعمته في ذلك آلة إعلامية غربية قوية (فرنسية، أمريكية) وإسرائيلية تحالفت معه لتحقيق أهدافه، بينما انقسم الإعلام العربي بين داعم ومؤيد للموقف المغربي من منطق التحالف الإيديولوجي ومنطق السلطة وبين محايد حياداً سلبياً منبعه الفعلي جهل معطيات القضية وما يجري على الساحة الصحراوية ومبرره الظاهري رفض التجزئة دون تكلف عناء البحث عن الحقيقة.
مضت ستة وعشرون سنة منذ أن تعرض الشعب العربي الصحراوي لمحنته بسبب ظلم ذوي القربى الذي هو أشد مرارة، عانى فيها من الحرب والتشريد واللجوء والحرمان، لكنه صبر وصمد ورابط مقتنعا بعدالة قضيته وبحقه في الدفاع عنها، ولا زال مستمراً في ذلك، فهل سيظل الموقف العربي على ما هو عليه، يتناسى الأرحام ويهمل الأيتام ويتغاضى عن الظلم احتراماً لمشاعر الظالم! هل نقر على مستوانا العربي بوجود مرجعية دولية (تمثلها الهيئات الدولية) نحتكم إليها، أم أننا نؤمن ببعض الكتاب ونكفر ببعضه؟ هل الحق حق سواء وافق أهواءنا ومصالحنا الخاصة أم أنه غير ذلك عندما يكون العكس؟ إلى متى يتجاهل الأشقاء أشقاءهم ولا يرون في هذه القضية إلا بعدا واحداً (السياسي) ويتجاهلون أبعادها الأخرى: الإنسانية والاجتماعية والقومية… الخ.
الخلاصة الأساسية التي يجب أن تبقى حاضرة في كل الأذهان، هي أن مغربية الصحراء لا يعترف بها أحد في مشارق الأرض ولا في مغاربها، حتى الدول التي تؤيد وجهة النظر المغربية ضمن العلاقات الثنائية، فإنها لا تعترف رسميا بما يدعي من حقوق تاريخية في الصحراء الغربية، بما في ذلك الدول العربية.
نتمنى أن يأتي هذا القرن الواحد والعشرون بالجديد على مستوانا العربي ويجعلنا أكثر تآزراً وأكثر جرأة وصراحة مع بعضنا البعض.
No comments:
Post a Comment