الفوسفات الصحراوي في مرمى الشركات العالمية
بقلم: د. علي سالم محمد فاضل
على الرغم من جميع قرارات منظمة الوحدة الأفريقية (وفيما بعد الاتحاد الإفريقي) والأمم المتحدة التي تؤكد حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير والاستقلال فإن المغرب ما زال يغتصب جزء هاما من تراب الصحراء الغربية، ولعل من بين الأسباب هو الطمع في السيطرة على أراض جديدة، لا سيما إن كانت هذه الأرض كالصحراء الغربية التي تزخر بمواردها الطبيعية كالبترول والغاز والثروة السمكية، بالإضافة إلى الفوسفات الذي سيمكن المغرب من تعزيز مكانته كأكبر منتج له ولمشتقاته.
كما هو معلوم يستخدم الفوسفات في العديد من الصناعات الكيميائية أهمها تحضير عنصر الفسفور وحمض الفسفور، المستعمل في الصناعات التعدينية والحربية والطبية والغذائية والخزفية والنسيج والثقاب. ويذهب معظم الفوسفات المستخرج لصناعة الأسمدة لزيادة المحاصيل الزراعية بالإضافة إلى إمكانية استخراج بعض المعادن النادرة والعناصر المشعة. ومن بين هذه العناصر يوجد اليورانيوم كمنتوج جانبي الذي يمكن الحصول عليه أثناء تحويل الفوسفات إلى أسمدة أو حمض الفسفور. وتحتوى خامات الفوسفات الصحراوية على 200 غرام من اليورانيوم في الطن الواحد [3]. وفي إطار البحث عن الطاقة قامت سلطات الاحتلال المغربية في العام 1982 بفرز اليورانيوم من فوسفات الصحراء الغربية [2].
بعد وقف إطلاق النار في العام 1991 في الصحراء الغربية بدأ المغرب في توسيع علاقاته مع كثير من الدول من خلال دعوتهم للمشاركة في استغلال الثروات الطبيعية الصحراوية وفي الوقت ذاته يكثف من استغلال الفوسفات الصحراوي، لا سيما أن هذا الاستغلال لا يمر دون مشاركة بعض الشركات متعددة الجنسية في مساعدته على تطوير بعض القطاعات الاقتصادية وبهذا يمكن القول أن هذه الشركات تعتبر مشاركا مباشرا في نهب الثروات الطبيعية الصحراوية، وهو ما شجع المغرب على المزيد من البحث والاكتشافات لمناجم جديدة، مما سيؤدي في نهاية المطاف إلى الاستغلال المفرط للثروات الصحراوية ونفاذها، علما أنه لا يملك الحق للقيام بذلك انطلاقا مما ينص عليه القانون الدولي [7و8]، الذي تم تأكيده من جديد من قبل المستشار القانوني للأمم المتحدة هانس كوريل بتاريخ 29 يناير 2002، الذي أوضح أن الصحراء الغربية تعتبر إقليماً لم تستكمل فيه تصفية الاستعمار وأن أي استغلال لثرواته الطبيعية بدون موافقة السكان الأصليين يعد خرقا سافرا للقانون الدولي.
إن الاهتمام الدولي بالفوسفات أمر طبيعي باعتباره يدخل في جملة من الصناعات التحويلية والتي من أهمها الأسمدة الكيميائية، مما يجعله موردا هاما يحظى بطلب متزايد من طرف أغلبية دول العالم وخصوصا تلك التي تهتم بالإنتاج الزراعي وتدافع عن أمنها الغذائي الذي أصبح مرتبطا إلى حد ما بقدرة البلد في الحصول على هذه الأسمدة باعتبار ذلك - كما أشرنا – عاملا لرفع كمية الإنتاج الزراعي وهذا ما يجعل الطلب على الأسمدة الكيميائية يحظى بعناية كبيرة في السوق الدولية ولذا ليس غريبا أن يسعى المغرب إلى الاحتكار الكلي للأسمدة الفوسفاتية التي تشكل في الظرف الحالي ما يقارب 80% من الإنتاج العالمي للأسمدة [5].
إن الزيادة الملحوظة في استخدام خامات الفوسفات يدل على أهميتها وهو ما يؤكد الحاجة الماسة في الحصول عليها كما يظهر من خلال ديناميكية الإنتاج العالمي للفوسفات في الفترات الزمنية الآتية حسب المصدر [11] (مليون طن) : في 1960 تم إنتاج 42 وفي 1969 أنتجت 77، أما في 1974 انتج العالم 110 وفي سنة 1980 وصل الإنتاج إلى 132 وفي سنة 1990 تم إنتاج 162 وفي 1996 انخفض الإنتاج إلى ، 133، أما في سنة 2001 وصل الإنتاج إلى 128.
من خلال هذه المعلومات يتضح أن استهلاك العالم للفوسفات في العقود الأربعة الأخيرة شهد ارتفاعا كبيرا لا سيما أن الدولة التي تملك احتياطات كبيرة من هذه المادة بإمكانها التحكم في أسعار هذا المورد في السوق الدولية. وبالقطع فإن المغرب يوجد ضمن الدول المعروفة في إنتاج الفوسفات بحكم احتواء أراضيه على 45,1% من احتياط العالم للفوسفات [6] (هذا إذا ما استثنيت احتياطات الصحراء الغربية المحتلة من طرف المغرب) وهو ما مكنه من التأثير على عدد كبير من الدول المرتبط نموها بمدى تطور الإنتاج الزراعي.
وبما أن المغرب يمتلك احتياطات كبيرة من الفوسفات فلا يمكنه بأي حال من الأحوال أن يغض الطرف عن أية دولة تمتلك احتياطا كبيرا من هذا المورد ولا سيما إذا كانت هذه الدولة تملك حدودا مشتركة معه وبإمكانها أن تصبح منافسا قويا مستقبلا على الساحة الدولية. الحديث هنا يخص الصحراء الغربية، التي تتربع على احتياطات مؤكدة تفوق الـ 10 مليارات طن (حوالي 10% من احتياطات العالم للفوسفات)، من بينها مناجم غنية مثل مناجم بوكراع الشهيرة (أكبر وأهم مناجم في العالم للفوسفات) [6]، الواقعة في الجنوب الشرقي على بعد 100 كلم من العاصمة العيون، والقريبة من الساحل الأطلسي. لاستغلال هذه المناجم شيدت مصانع وبني ميناء مجهزا بأحداث التقنيات لاستقبال الفوسفات وتصديره. وقد أكتشف الفوسفات في الصحراء الغربية في العام 1945 من قبل الجيولوجي الإسباني مانويل آليا مدينا إلا أن الاستغلال الصناعي لم يبدأ إلا في نهاية الستينات [1]. ولهذا الغرض تم بناء معامل يتعرض فيها المعدن لعملية تهشيم وطحن وغربلة ومعامل لتحلية ماء البحر ومعمل خاص بإزالة ملوحة المعدن ومصانع لتكرير الفوسفات. وبعد هذه العملية ترتفع جودة الفوسفات إلى 75 - 80%، بعد ذلك ينقل عبر شريط متحرك باتجاه الميناء بحمولة قدرها 20 مليون طن في السنة ومنه إلى الأسواق العالمية.
هذه الاحتياطات الهائلة من الفوسفات في الصحراء الغربية إذا ما أضيفت لها مواصفات مثل عملية الاستخراج السهلة والنسبة العالية من الفوسفات في المعدن ووجوده قريبا من سطح الأرض ومن سواحل المحيط الأطلسي وأوروبا، كلها عوامل تقلل بشكل كبير من تكاليف الإنتاج والنقل وتؤهل الفوسفات الصحراوي ليكون إحدى الركائز الأساسية لتكوين البنية الاقتصادية للبلد والرفع من المستوى المعيشي للمواطن واحتلال مكانة متميزة في المنافسة في السوق العالمية. هذه العوامل أثارت حفيظة بعض الدول الأفريقية (الطوغو والسنغال وتونس والمغرب) المصدرة للفوسفات والتي لم تصمد أمام منافسة مناجم بوكراع بسبب تكاليف الاستخراج والنقل.
ولتقدير احتياطات الفوسفات وإمكانية استغلاله تم إنشاء الشركة الإسبانية لفوسفات بوكراع (فوسبوكراع) في سنة 1968 التي استطاعت في ظرف زمني قصير استعادة كل الأموال المصروفة في عملية الدراسات واستخراج الفوسفات، مسجلة في نفس الوقت أرباحا باهظة لم يخصص منها للصحراء الغربية سوى 860 مليون بسيطة (حوالي 3,7% من الأرباح المسجلة) مع العلم أن هذه الأرباح فاقت 1,7 مرة قياسا على مبلغ الأموال التي صرفت في المشروع كله خلال سنوات لا تبلغ عدد أصابع اليد الواحدة [4]. وقد قامت إسبانيا إبان خروجها في 1976 من الصحراء الغربية ببيع إلى سلطات الاحتلال المغربية 65% من مجموع أسهم شركة فوسبوكراع *مع احتفاظها لنفسها بالبقية حتى سنة 2003 لتبرم من جديد صفقة تجارية أخرى مع الحكومة المغربية (لم يعلن عن تفاصيلها) لتسليمها الجزء الباقي من أسهم الشركة المذكورة [10]. وبهذه الصفقة التجارية الجديدة يصبح المغرب أكبر محتكر للفوسفات في العالم وأول مصدر وثاني منتج له، وإذا ما استمرت الأحوال على ما هي عليه اليوم فإن نسبة الفوسفات الصحراوي في القريب العاجل ستشكل نصف (50%) ما يصدره المغرب من فوسفات إلى الأسواق العالمية، وهو ما يمثل 12,5% من مجموع الإنتاج العالمي [10].
وأمام هذا الاستغلال البشع للثروات الطبيعية الصحراوية في زمن الحقبة الاستعمارية الإسبانية وما تبعها من سياسة التجويع والتجهيل وامتهان كرامة الإنسان وحرمانه من المشاركة في تسيير شؤونه انتفض الشعب الصحراوي منتظما كيد واحدة تحت قيادة الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب (جبهة البوليساريو) لاسترجاع حريته واستقلاله من الاستعمار الإسباني وعندما اشتدت المقاومة الصحراوية ضد الاستعمار وأصبح الشعب الصحراوي قاب قوسين أو أدنى من الهدف ليفاجأ بمؤامرة جديدة تحاك ضده من قبل القوة الأجنبية بما فيها بعض دول الجيران (المغرب) تمثلت وبكل بساطة في بيع شعب بأكمله إلى غزاة طامعين في خيرات البلد متلبسين بنظرية التوسع والعدوان وخارجين عن كل قرارات وتوصيات الأمم المتحدة التي تنص على الحق المشروع للشعب الصحراوي في الحرية والاستقلال.
وبهذه العملية تتخلى إسبانيا عن مسؤوليتها التاريخية تجاه شعب الصحراء الغربية وتترك الساحة للغزاة الدخلاء الجدد مما فرض على جبهة البوليساريو مواصلة شن ضربات موجهة ومحكمة لتوقيف استنزاف الموارد الطبيعية بما في ذلك مناجم بوكراع، مما دفع المغرب إلى بناء عدد من الأحزمة الدفاعية حول ما أسماه بالجزء "النافع" من الصحراء الغربية، مؤمنا بذلك استغلال الثروات الصحراوية لصالحه والتي في مقدمتها خامات الفوسفات الصحراوي. وإذا كانت المقاومة الصحراوية بحكم الضربات المركزة على الأماكن الهامة والاستراتيجية قد خففت من الاستنزاف المفرط للموارد الطبيعية الصحراوية في سنوات الحرب إلا أنه، وللأسف الشديد، نشاهد اليوم ارتفاع وتيرة استغلال الثروات الطبيعية الصحراوية بما فيها خامات الفوسفات وخصوصا بعدما تم توقيع اتفاقية وقف إطلاق النار بين جبهة البوليساريو والمغرب الذي ترعاه الأمم المتحدة منذ 6 سبتمبر 1996.
وقبل التطرق لما آلت له عمليات النهب المنظم للفوسفات الصحراوي لا بد من الإشارة إلى أن مجموع عمال شركة فوسبوكراع في سنة 1975 (قبل خروج إسبانيا بأشهر) وصل إلى 2620 عاملا، منهم 45 % الصحراويين من بينهم 19% يتمتعون بمناصب تقنية، أما في الوقت الحالي فإن عدد العاملين لا يتجاوز 2500 عاملا، منهم فقط 20% من أصل صحراوي بينما نسبة المتخصصين لا تتعدى 17% من مجموع العمال الصحراويين [5]. هذا التقليص يوحي بأن شركة فوسبوكراع تتوفر على تكنولوجيا حديثة، مما أدى إلى ارتفاع الإنتاج عدة مرات لكن هذا رافقه تقليص القوة العاملة الصحراوية مرتين بالمقارنة مع سنة 1975. وإن دلت هذه الأرقام على شيء فإنما تدل على تناقض في الطرح المغربي القائل بتحسن المستوى المعيشي لسكان الصحراء الغربية المروج له من قبل الدعاية الرسمية للمحتل، التي ما فتئت تؤكد على خلق مناصب جديدة للعمل وفتح آفاق وإمكانيات إضافية لتنمية الاقتصاد المحلي.
وقد ساعد في انتعاش هذه الدعاية عملية وقف إطلاق النار في الصحراء الغربية وكأنما حصل المغرب على فرصة ذهبية تتيحه أرباحا باهظة من جراء استغلال الفوسفات الصحراوي. وقد وضع المغرب لبلوغ هدفه خطة واسعة لاستغلال الثروات الطبيعية في الصحراء الغربية، من بين ما يمكن ذكره:
أولا: في سنة 2002 قام المغرب بوضع برنامج لرفع إنتاج مناجم بوكراع مما ساعده على تقوية مكانته في العالم كأول مصدر للفوسفات، وقد خصص لإنجاز هذا البرنامج غلافا ماليا يقدر بحوالي مليار دولار.
ثانيا: اعتمد المغرب في خطته على فتح الباب أمام الاستثمار الأجنبي في الصحراء الغربية أملا منه أن يجد في ذلك ضالته التي من شأنها أن تعطيه فرصة يبرر بها احتلاله لجزء من الأراضي الصحراوية ويشرع استغلال الثروات الطبيعية في الصحراء الغربية التي تحرم كل القرارات الدولية استغلالها ما دام شعبها لم يقرر مصيره وما زال يعاني الأمرين مرارة الاحتلال ومعاناة اللجوء.
ولبلوغ هذا الهدف ركز المغرب في خطته على توسيع استغلال الفوسفات الصحراوي متخذا جملة من التدابير تمثلت في القيام بصفقات جديدة وفتح المزيد من المناجم وتحسين وتطوير البنية التحتية المتوفرة ... إلخ. وفي هذا السياق قام المكتب الشريف للفوسفات (الشركة المغربية للفوسفات) بتاريخ 10 فبراير 2004 بإعداد برنامج تنموي لخمس سنوات 2004-2008 من بين ما تتضمنه هذه الخطة هو استثمار لرؤوس أموال جديدة في مناجم بوكراع والتي بدورها سترفع من إنتاج وتصدير الفوسفات الصحراوي وستهيئ هذه الاستثمارات الجديدة لخلق الظروف المناسبة لبدء إنتاج حمض الفسفور في الصحراء الغربية. وفي هذا الصدد تم بالفعل في العام 2002 القيام بتوسيعات جديدة وزيادة في وتيرة الحفر في مناجم بوكراع مما أدى إلى ارتفاع إنتاج الفوسفات الصحراوي بـ 11%، بينما لم يتجاوز ارتفاع إنتاج الفوسفات المغربي في هذه الفترة الـ 5%. وقد شملت عملية التوسيع [10]:
- القيام بالمزيد من الكشف الجيولوجي في مناجم بوكراع في منطقتي الحفر« E وD »
- بناء مصنع جديد لغربلة المعدن وتنظيفه من الشوائب (الصخور) بقدرة إنتاجية تقدر بثلاثة ملايين طن سنويا
- بناء 12,5 كلم من الشريط الناقل للفوسفات
- توسيع البنية التحتية لمناجم بوكراع وتحسين عمل الموجود منها انطلاقا من تجارب المناجم المتطورة للفوسفات
- بناء مصنعين لتحلية المياه لاستغلالها في تنظيف خام الفوسفات .
إن السياسة المغربية المنتهجة للاستغلال البشع لمناجم بوكراع الغنية بالفوسفات وتوسيع دائرة إنتاجه ورفع وتيرة تصنيعه لدليل قاطع على الأهمية القصوى التي يحظى بها هذا المورد للنهوض بالاقتصاد المغربي وخصوصا عندما يكون الموضوع يتعلق بالميدان الزراعي الذي يعتبر إحدى الركائز الأساسية للتنمية المستدامة.
ولتوسيع شبكة إنتاج وتحويل وبيع الفوسفات قام المغرب بنسج علاقات واسعة مع عدد من البلدان والشركات منها على وجه الخصوص [4]:
- توقيع اتفاقية بين الشركة المغربية للفوسفات والشركة الباكستانية FAUJI Fertilizer Corporation»» لإنشاء فرع يحمل اسم «باك – ماروك» (PAK-MAROC) وضع في خطته البدء في إنتاج 350 ألف طن سنويا من الفوسفات من النوع P2O5 قبل نهاية سنة 2005 وستؤدي هذه الاتفاقية لا محالة إلى رفع الصادرات المغربية من الفوسفات إلى باكستان وإعطاء هذا الأخير فرصة لإنتاج حمض الفسفور على ترابه. أما الغلاف المالي لهذا المشروع قدر بمأتي ألف دولار وسدد من قبل المكتب الشريف للفوسفات والشركة الباكستانية المذكورة.
- وقع المغرب اتفاقيات مع الهند وإيران والبرازيل بموجبها تعهد المغرب تصدير الفوسفات لهم وهو ما سيعطي لهذه الدول إمكانية القيام بعمليات تحويل الفوسفات إلى مشتقات صناعية، فعلى سبيل المثال لا الحصر استفاد المغرب من مصنع لإنتاج الأسمدة الطبيعية المبني من طرف الشركة المختلطة بين المغرب والهند «IMACID» ومن مصنع آخر يبنى بمساعدة الشركاء الهنود «ZUARI/CHAMBAL» ومجموعة « «TATAالهندية، كما يجري المكتب الشريف للفوسفات اتصالات موسعة مع شركة BUNGE»» البرازيلية التي تعتبر أول منتج للأسمدة الفوسفاتية.
- في الظرف الحالي تقوم إيران بشراء الفوسفات المغربي بينما تصدر إلى المغرب النفط والكبريت علما أن هذا العنصر الأخير ضروري لإنتاج الأسمدة.
- في الجرف الأصفر الواقع على مسافة 150 كلم جنوب الدار البيضاء يخطط المغرب لبناء أكبر مصنع للأسمدة الفوسفاتية في العالم، يقدر إنتاجه بـ 850 ألف طن في السنة. وقد خصص غلاف مالي لبناء هذا المصنع يفوق 73 مليون دولار تم تمويله من قبل الشركة المغربية للفوسفات وشركة «Jacobs Engineering» (الولايات المتحدة الأمريكية) وبهذا يكون المغرب قد رفع قدراته لإنتاج الأسمدة الفوسفاتية إلى 3 مليون طن في السنة وهو ما يؤهله إلى احتلال المرتبة الأولى في العالم كمنتج لهذا المورد.
إن السياسة الاستثمارية المنتهجة من قبل المغرب والموجهة للرفع من وتيرة إنتاج الفوسفات الصحراوي لخير دليل على ما توفره الصحراء الغربية من أرباح للغزاة خاصة بعد وقف إطلاق النار في المنطقة. لكن وللأسف الشديد فإن المغرب بشكل أو بآخر يدفع بالمتعاونين الأجانب إلى المشاركة في الاستغلال غير الشرعي للفوسفات الصحراوي. هذه السياسة بنيت على مصالح استراتيجية (سياسية واقتصادية) للمغرب وتمثلت منذ احتلاله للصحراء الغربية في الاستغلال الواسع لمواردها والسيطرة الكاملة على سوق الأسمدة الفوسفاتية التي تعتبر حجر الزاوية في اقتصاديات كثيرة من دول العالم وخصوصا التي تعتمد على الإنتاج الزراعي.
إن التوقيع على جملة من الاتفاقيات مع عدد من الشركات الأجنبية (التي أشرنا لبعض منها) لاستغلال الفوسفات "المغربي" بدون تحديد مصدر هذه الخامات المستعملة أو تحديد منطقة تواجدها، يعطي للمحتلين المغاربة فرصة لنهب ما يمكن نهبه من ثروات الشعب الصحراوية، إلا أن محاولات الطامعين لم تمكنهم من تغطية محدودية سياستهم على الساحة الدولية بسبب عدم اعتراف المجتمع الدولي لهم بالسيادة على الصحراء الغربية.
ورغم ما روج له المغرب من "امتيازات" في الصحراء الغربية وعزفه على سيمفونيته القديمة – الحديثة «الوحدة الترابية» فإن هذا لم يجعل العالم يعترف له بالسيادة على الصحراء الغربية. ومن بين الدلائل على فشله الذريع في محاولاته الاستحواذ على جزء من تراب الجمهورية الصحراوية ما صرح به مؤخرا ممثل الشؤون التجارية الأمريكية السيد روبيرت زويليسك في شهر يوليو 2004، الذي أكد على ضرورة استثناء الصحراء الغربية من معاهدة التبادل الحر المبرمة بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية [9] وما بثته القناة الأمريكية PBS-TV»» بتاريخ 19/8/2004 في تصريح للسيد جيمس بيكر المبعوث الخاص السابق للأمين العام للأمم المتحدة في الصحراء الغربية الذي أكد أن المغرب لن ينال الاعتراف الدولي لاحتلاله لأراضي الصحراء الغربية. هذه التصريحات تؤكد مرة أخرى على عدم اعتراف المنتظم الدولي بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية والفشل الذريع لكل محاولاته المتخذة لتمرير سياسة الاحتواء التي ينتهجها تجاه الجمهورية الصحراوية منذ ثلاثة عقود.
وفي الختام يمكن القول أن استغلال فوسفات الصحراء الغربية من قبل المغرب يعطي نفسا جديدا لاقتصاد المغرب ويمكنه من احتلال مركز مرموق في السوق العالمية للأسمدة الكيميائية ويجعله أحد المحتكرين الكبار لهذا المورد في العالم. والأمر من هذا كله كون الفوسفات الصحراوي استخدم كسيف ذي حدين، من جهة يصب في الخزينة المغربية ومن جهة ثانية يستخدم في أغراض سياسية للمتاجرة بقضية اعترف العالم بحق شعبها في تقرير المصير والاستقلال ووضعتها الأمم المتحدة ومجلس الأمن على قائمة أولوياتها.
نحن نأمل من كل الدول أن تحترم قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي والمساعدة في حل عادل ونزيه للقضية الصحراوية ونذكر أن كل من يشارك في نهب الثروات الطبيعية الصحراوية واستغلالها بشكل مباشر أو غير مباشر بدون إرادة الشعب الصحراوي فهو يعارض قرارات هيئة الأمم المتحدة وكلنا أمل أن نتلقي الدعم والتفهم من كافة الدول أعضاء هذه الهيئة.
المراجع
1. Agababayan Vitali S.: Los problemas de historia del Sáhara Occidental/Voprosy istorii, № 3,2005.- P. 115 (باللغة الروسية).
2. Afrique Asie du juin 1982.
3. Diercke: Weltwirtschaftsatlas I. München.1981.-P. 55.
4. Mohamed Fadel A.: Estudio sobre el potencial económico del Sáhaa cciddental. Univesidad de Rusia de la amistad con los pueblos. Moscú, 2002.- P.11(باللغة الروسية).
5. Philippe Riné:Le Maroc investit dans l'exploitation des richesses du Sahara occidental/http://www.arso.org/ressnat4.html
6. Pokryshkin V.: las regularidades del acantonamiento de los yacimientos industriales de fosfatos de los periodos precámbrico y mesozoico. Moscú, «Nedra», 1981. P. 10 (باللغة الروسية).
7. Sebaa Aouad: La regulación juridico-internacional de problemas de los países de Magreb/Tesis doctoral. La Universida de Rusia de la amistad de los pueblos. Moscú, 1989.- P. 165 ((باللغة الروسية.
8. Sharmazanashvili G. V., Tsikonov A. N.: El derecho de los pueblos y naciones en su libertad e independenia. UDN., Moscú.- P. 48 (باللغة الروسية).
9. http://www.leconomiste.com/article 27.2.2004
10. http://www.ocpgroup.ma
11. http: // www.usgs.gov
--------------------------------------------------------------------------------
* اتفاقية مدريد: هي اتفاقية أبرمت في مدريد 14 نوفمبر 1975 بين إسبانيا (القوة الاستعمارية آنذاك) والمغرب وموريتانيا (القوى الغازية) في غياب
الشعب الصحراوي، التي بموجبها قسمت الصحراء الغربية إلى جزئتن: أعطيت الساقية الحمراء للمغرب، أما وادي الذهب فكان من نصيب موريتانيا، مع
احتفاظ إسبانيا لنفسها بـ 35% من عائدات منجم بوكراع لفوسفات وحرية الصيد والملاحة في المياه الإقليمية الصحراوية لمدة 20 سنة. هذه الاتفاقية تعتبر قفزة فوق الشرعية الدولية القائلة بتقرير مصير الشعوب حسب القرار الأممي 1415.
عودة إلى الصفحة الرئيسية
No comments:
Post a Comment