مفاوضات الصحراء الغربية و لحظة مواجهة الحقيقة
بقلم:لحسن بولسان تاريخ النشر : 2010-02-28
مفاوضات الصحراء الغربية و لحظة مواجهة الحقيقة.بقلم:لحسن بولسانفي مسار مفاوضات قضية الصحراء الغربية يبدو أن عوامل الطَّـرد أكثر بكثير من تلك المتعلِّـقة بالجذب على مائدة المفاوضات الصحراوية المغربية التي تقِـف الآن على باب نهاية عقدها الرابع .وكانت المرجعيات الدولية وقراراتها الشرعية خلال هذه الأعوام هي القاعدة الوحيدة التي إستندت إليها الأمم المتحدة في البحث عن الحل النهائي. ورغم الكثير مما رافق هذه الجولات من محطات التواصل والإنقطاع ومن المساومة والمقايضة في العرض والطلب والإقتراحات من الطرفين , ظلت قاعدة الشرعية الدولية لأي مبادرة دولية لتحريك الملف ثابتة لم تتغير ومرجعية لإي مقاربة و تصور يراد منه تضيق شق الخلافات بين البوليساريو والمملكة المغربية . وقد أدرك المغرب حتماً وبالتجربة الطويلة القاطعة , أن لا فرصة للحل دون تنفيذ هذه القاعدة من القرارات الدولية وضمان قبول البوليساريو به , رغم الذرائع الأمنية كموضوعي الإرهاب والتهريب التي يتستر بهما المغرب وتوظيفهما كورقة تفاوضية يعتبرها المتتبعون لتطورات النزاع أنها " احترقت أكثر من مرة وفي غير زمان ومكان من المفاوضات".وكل متتبع اليوم للقضية الصحراوية يستخلص أن الحل ما زال بعيد المنال بسبب عدم توفر إرادته أصلا ،بحيث أن كل الاتفاقيات الموقعة سابقا صنعت وهم الحل ولم تصنع السلام ولا الحل النهائي. فرغم سريان وقف اطلاق النار ،إلا أن الشعب الصحراوي ما زال يشعر أنه يعيش حالة الحرب وليس السلام ..صحيح أنه في كل مرة ما إن توجه الأمم المتحدة الدعوة للطرفين قصد المفاوضات إلا ويستجيبا لها في محاولة من كل طرف أن ينفي عنه صفة التطرف أو الرفض ويظهرأنه ذات سياسة معتدلة تسعى للحل والسلام في المنطقة .وفي حين لا يكِـلّ المغرب من ترديد تصريحات تبعث على أن الامور تسير لصالحه ،بيد أن الحال داخل قاعة المفاوضات أو في أروقة الهيئات الدولية يجعل المغرب يدرك أن الأمور أصعب بكثير من الجدية التي يعكِـسها حديثه العلني.فعلى طاولة المفاوضات ، وبأماكن أخرى لم يستطع الأشقاء المغاربة الرد على كل ما يحيط بالموقف المغربي من قضايا إستحقاقات الحل الشرعي والتصورات المقدمة له ولم يفسروا حتى كيف تراجعوا عن إلتزامهم مسبقا بمناقشة المقترح الصحراوي الذي جاء شاملا ،ولم يجبوا على أي تساؤل.. فالبنسبة للمغرب لا يقبل بغير الحكم الذاتي وكأن الحل هو حله والسلام هو سلامه ولا شيء آخر.. حتى الأمم المتحدة إما أن تكون له.. وإما هي مدانة..هذا الموقف المغربي جعل العالم يتيقن أن الإخوة المغاربة يواجهونه بالصلف والتعنت وسيكون هذا أخطر ما يواجه المملكة المغربية لاحقا ،حيث سمع كل الساعين وكل الوسطاء الدولين جواب المغرب الذي تختصره العبارة التالية: "لاحل إلا الحكم الذاتي ...!!" وهو موقف ضد التيار والمجهودات الدولية التي تريد للمفاوضات أن تصنع الحل لا أن تبدده .وعليه يصبح من الصعب أن يتعامل المجتمع الدولي مع جهة ترفض اللعب بالملعب الدولي دبلوماسياً وسياسياً.وفي مقابل ما تصف به جهات أممية مقربة من المفاوضات سلوك الوفد المغربي بالمتنرفز والمرتبك داخل القاعة ،يظهر أن موقف البوليزاريو ورغم أنه يؤخذ عليها في أوساط قاعدتها أنها تخلت عن الكفاح المسلح قبل أن يحقق السلام أهدافه، ورهنت نفسها لمشروع التسوية التي أفقدها الكثير من تأثيرها ،إلا أنه ما زال يعترف لها أنها متفوقة إلى حد بعيد في إدارة هذه المفاوضات لسبب واحد لا يحرج فقط الطرف المغربي ولكن حتى جهات في المجموعة الدولية وتحديدا فرنسا والولايات المتحدة الامريكة التي إستقبلت أخيرا البوليزاريو كشريك حقيقي للحل والسلام ،هو تمسكها بنصوص الشرعية الدولية التي تبقى تحمي وتصون حق الشعب الصحراوي في إختيار مستقبله رغم ما يعانيه من ويلات التشريد واللجوء ،مما يجعل موقفها مبني على أساس قوة لا ضعف وإنذلال.....والمغرب يعي جيدا أنه حتى في أكثر موازين القوى الإقليمية والدولية تعقيدا لم تتأثر القضية الصحراوية. وإذا كان الوضع الحالي لا يوحي أن الحل العادل قريب ،فإنه حتما لا يخدم نهج المملكة المغربية .. ولا سياسة القمع والحصار التي تتخذها رغم أن كل الوقائع على الأرض أثبتت أن جل الصحراويين يتبنون خيارات البوليزاريو. .على هذا ، يبدو الإخوة المغاربة كمن يدس رأسه في الرمل وينسى أن مخالبه ظاهرة ، و يتجاهل أن للعالم عيوناً وآذاناً ترى وتسمع وتعرف حقيقة نزاع الصحراء الغربية وأن الجو الحالي هو نقيض لإرادة الحل وهي حالة لا يمكنها أن تستمر، لأنها قلقة وأصبحت تهدد المنطقة وإستقرارها . وقد إقتنع العالم أن إبقاء المفاوضات مفتوحة، كما هي عليه اليوم، أصبح أمرا لا طائل منه، إضافة إلى أن مجلس الأمن لا يريد مفاوضات لربح الوقت، ولا يمكن للمجتمع الدولي أن يدعم الفشل "العنوان الأبرزلمفاوضات الطرفين "،علما انه ومهما بلغت قتامة الاجواء ليس هناك بديل للحل إلا من خلال التفاوض حتى لو عادت الحرب لقدر الله ، للمنطقة .ويقينا أن التشدد المغربي لن يخيف الصحراويين و لن يضرالبوليزاريوقدر ما يضر المغرب , وسيصنع غضبا ورفضا عند الوسطاء الأممين كاسحا وإستنكارا دوليا واسعا.وفي نهاية المطاف ستجد الرباط نفسها أمام تحد حقيقي هو الإختيار ، بعد مماطلة وتهرب داما عقودا، بين الإلتزام بخوض مفاوضات جدية أو مواجهة العالم،كما أن هذه الحالة لن تبقي للبوليزاريو خيارا أخر سوى القبول بالإستسلام أو الإستعداد والعودة الأليمة للحرب.
مفاوضات الصحراء الغربية و لحظة مواجهة الحقيقة.بقلم:لحسن بولسانفي مسار مفاوضات قضية الصحراء الغربية يبدو أن عوامل الطَّـرد أكثر بكثير من تلك المتعلِّـقة بالجذب على مائدة المفاوضات الصحراوية المغربية التي تقِـف الآن على باب نهاية عقدها الرابع .وكانت المرجعيات الدولية وقراراتها الشرعية خلال هذه الأعوام هي القاعدة الوحيدة التي إستندت إليها الأمم المتحدة في البحث عن الحل النهائي. ورغم الكثير مما رافق هذه الجولات من محطات التواصل والإنقطاع ومن المساومة والمقايضة في العرض والطلب والإقتراحات من الطرفين , ظلت قاعدة الشرعية الدولية لأي مبادرة دولية لتحريك الملف ثابتة لم تتغير ومرجعية لإي مقاربة و تصور يراد منه تضيق شق الخلافات بين البوليساريو والمملكة المغربية . وقد أدرك المغرب حتماً وبالتجربة الطويلة القاطعة , أن لا فرصة للحل دون تنفيذ هذه القاعدة من القرارات الدولية وضمان قبول البوليساريو به , رغم الذرائع الأمنية كموضوعي الإرهاب والتهريب التي يتستر بهما المغرب وتوظيفهما كورقة تفاوضية يعتبرها المتتبعون لتطورات النزاع أنها " احترقت أكثر من مرة وفي غير زمان ومكان من المفاوضات".وكل متتبع اليوم للقضية الصحراوية يستخلص أن الحل ما زال بعيد المنال بسبب عدم توفر إرادته أصلا ،بحيث أن كل الاتفاقيات الموقعة سابقا صنعت وهم الحل ولم تصنع السلام ولا الحل النهائي. فرغم سريان وقف اطلاق النار ،إلا أن الشعب الصحراوي ما زال يشعر أنه يعيش حالة الحرب وليس السلام ..صحيح أنه في كل مرة ما إن توجه الأمم المتحدة الدعوة للطرفين قصد المفاوضات إلا ويستجيبا لها في محاولة من كل طرف أن ينفي عنه صفة التطرف أو الرفض ويظهرأنه ذات سياسة معتدلة تسعى للحل والسلام في المنطقة .وفي حين لا يكِـلّ المغرب من ترديد تصريحات تبعث على أن الامور تسير لصالحه ،بيد أن الحال داخل قاعة المفاوضات أو في أروقة الهيئات الدولية يجعل المغرب يدرك أن الأمور أصعب بكثير من الجدية التي يعكِـسها حديثه العلني.فعلى طاولة المفاوضات ، وبأماكن أخرى لم يستطع الأشقاء المغاربة الرد على كل ما يحيط بالموقف المغربي من قضايا إستحقاقات الحل الشرعي والتصورات المقدمة له ولم يفسروا حتى كيف تراجعوا عن إلتزامهم مسبقا بمناقشة المقترح الصحراوي الذي جاء شاملا ،ولم يجبوا على أي تساؤل.. فالبنسبة للمغرب لا يقبل بغير الحكم الذاتي وكأن الحل هو حله والسلام هو سلامه ولا شيء آخر.. حتى الأمم المتحدة إما أن تكون له.. وإما هي مدانة..هذا الموقف المغربي جعل العالم يتيقن أن الإخوة المغاربة يواجهونه بالصلف والتعنت وسيكون هذا أخطر ما يواجه المملكة المغربية لاحقا ،حيث سمع كل الساعين وكل الوسطاء الدولين جواب المغرب الذي تختصره العبارة التالية: "لاحل إلا الحكم الذاتي ...!!" وهو موقف ضد التيار والمجهودات الدولية التي تريد للمفاوضات أن تصنع الحل لا أن تبدده .وعليه يصبح من الصعب أن يتعامل المجتمع الدولي مع جهة ترفض اللعب بالملعب الدولي دبلوماسياً وسياسياً.وفي مقابل ما تصف به جهات أممية مقربة من المفاوضات سلوك الوفد المغربي بالمتنرفز والمرتبك داخل القاعة ،يظهر أن موقف البوليزاريو ورغم أنه يؤخذ عليها في أوساط قاعدتها أنها تخلت عن الكفاح المسلح قبل أن يحقق السلام أهدافه، ورهنت نفسها لمشروع التسوية التي أفقدها الكثير من تأثيرها ،إلا أنه ما زال يعترف لها أنها متفوقة إلى حد بعيد في إدارة هذه المفاوضات لسبب واحد لا يحرج فقط الطرف المغربي ولكن حتى جهات في المجموعة الدولية وتحديدا فرنسا والولايات المتحدة الامريكة التي إستقبلت أخيرا البوليزاريو كشريك حقيقي للحل والسلام ،هو تمسكها بنصوص الشرعية الدولية التي تبقى تحمي وتصون حق الشعب الصحراوي في إختيار مستقبله رغم ما يعانيه من ويلات التشريد واللجوء ،مما يجعل موقفها مبني على أساس قوة لا ضعف وإنذلال.....والمغرب يعي جيدا أنه حتى في أكثر موازين القوى الإقليمية والدولية تعقيدا لم تتأثر القضية الصحراوية. وإذا كان الوضع الحالي لا يوحي أن الحل العادل قريب ،فإنه حتما لا يخدم نهج المملكة المغربية .. ولا سياسة القمع والحصار التي تتخذها رغم أن كل الوقائع على الأرض أثبتت أن جل الصحراويين يتبنون خيارات البوليزاريو. .على هذا ، يبدو الإخوة المغاربة كمن يدس رأسه في الرمل وينسى أن مخالبه ظاهرة ، و يتجاهل أن للعالم عيوناً وآذاناً ترى وتسمع وتعرف حقيقة نزاع الصحراء الغربية وأن الجو الحالي هو نقيض لإرادة الحل وهي حالة لا يمكنها أن تستمر، لأنها قلقة وأصبحت تهدد المنطقة وإستقرارها . وقد إقتنع العالم أن إبقاء المفاوضات مفتوحة، كما هي عليه اليوم، أصبح أمرا لا طائل منه، إضافة إلى أن مجلس الأمن لا يريد مفاوضات لربح الوقت، ولا يمكن للمجتمع الدولي أن يدعم الفشل "العنوان الأبرزلمفاوضات الطرفين "،علما انه ومهما بلغت قتامة الاجواء ليس هناك بديل للحل إلا من خلال التفاوض حتى لو عادت الحرب لقدر الله ، للمنطقة .ويقينا أن التشدد المغربي لن يخيف الصحراويين و لن يضرالبوليزاريوقدر ما يضر المغرب , وسيصنع غضبا ورفضا عند الوسطاء الأممين كاسحا وإستنكارا دوليا واسعا.وفي نهاية المطاف ستجد الرباط نفسها أمام تحد حقيقي هو الإختيار ، بعد مماطلة وتهرب داما عقودا، بين الإلتزام بخوض مفاوضات جدية أو مواجهة العالم،كما أن هذه الحالة لن تبقي للبوليزاريو خيارا أخر سوى القبول بالإستسلام أو الإستعداد والعودة الأليمة للحرب.
No comments:
Post a Comment