الموقف الموريتاني من القضية الصحراوية
بين " الورطة " والحياد ـ الجزء الثاني
إعداد : ميشان إبراهيم أعلاتي 2010-01-28
هذه قراءة موجزة للموقف الموريتاني من القضية الصحراوية ، وهي محاولة لفهم مختلف الأبعاد والخلفيات الكامنة وراء إثارة هذا الموضوع في الأسابيع الماضية . المقال عبارة عن بحث في 3 أجزاء يتناول الموقف من مختلف الجوانب التاريخية و الثقافية و الجغرافية والسياسية
الزيارة المشبوهة .. القطرة التي أفاضت الكاس ..أثارت زيارة السفير الموريتاني في المغرب، الشيخ العافية ولد محمد خونا، إلى مدينة الداخلة المحتلة في الأسابيع الماضية الكثير من الاستغراب والتوجس سوى في موريتانيا أو في الصحراء الغربية لآنها كانت بحق الأولى من نوعها لمسئول دبلوماسي تربطه وبحكم الإتفاقيات الدولية علاقات صداقة وأعراف دبلوماسية مع أطراف لها علاقة وترابط بشكل مباشر ومستمر بالنزاع بل هب أحد أطرافه الأساسية بحكم النصوص القانونية و الأممية ، وما زاد الطين بلة و كان بمثابة القطرة التي أفاضت الكاس هو تلك التصريحات التي أدلى بها هذا السفير لوكالة الأنباء المغربية في ختام تلك الزيارة المشؤمة ، حيث أعتبرت هذه التصريحات " الهفوة" بمثابة اعتراف ضمني بالسيادة الوهمية للمملكة المغربية على الصحراء الغربية. ومن ما زاد الشكوك والريبة لدى الكثيرين حول مدى صلاحية الموقف الحيادي لموريتانيا من القضية الصحراوية هو الإمتداد الغير مشرف لتصريحات السفير داخل قبة البرلمان الموريتاني حيث دعى أحد نوابه وهو المصطفى ولد عبد العزيز المكي (ابن عم الرئيس الحالي) إلى سحب إعتراف الدولة الموريتانية بالجمهورية الصحراوية ، وهذه خرجة أخرى لم تكن في محلها وكانت بحق نشاز وموقف لطير يقرد خارج سرب الإجماع الموريتاني من القضية الصحراوية والذي يؤكد عليه الشعب الموريتاني بكل توجهاته الفكرية والسياسية والجنسية .
المجتمع المدني الموريتاني ... مواقف تاريخية و ردود أفعال رجولية ...تتفق جل قوى المجتمع المدني الموريتاني على موقفها الثابت من القضية الوطنية والمتمثل في دعمها اللا مشروط لحق الشعب الصحراوي الغير قابل للتصرف في تقرير المصير والإستغلال ولا أدل على ذلك من الحضور الموريتاني المكثف وبشكل شبه دائم لمجمل اللأحداث والفعاليات الوطنية ، حيث يتجلى هذا الموقف وبصورة ناصعة البياض من خلال المشاركة الفعالة بوفود تمثل مختلف مكونات الكيان السياسي الموريتاني ومن ذلك حضور كل من اتحاد قوى التقدم الديمقراطي، حزب الاتحاد والتغيير الموريتاني (حاتم)، الجبهة الشعبية، التحالف الشعبي التقدمي، التحالف من اجل العدالة والديمقراطية، حزب التجديد الديمقراطي، وعدة شخصيات اخرى من مواطنين، وصحفيين، وفعاليات المجتمع المدني كالرابطة الموريتانية لأصدقاء الصحراء الغربية و غيرها ، وكذا الجالية الصحراوية بموريتانيا ، ضمن فعاليات المؤتمر الثاني عشر للجبهة والذي يعتبر بالنسبة لنا كصحراويين أعلى هيئة سياسية لها كل الصلاحيات في تحديد الخطوط العريضة ورسم الإستراتيجيات والسياسات المستقبلية ، وكذا حضور الأمين العام لإتحاد الطلبة الأحرار و الشاعر الموريتاني الحائز على لقب أمير الشعراء ضمن فعاليات المهرجان الوطني للثقافة والفنون الشعبية .وإن كان هذا الحضور يدل على شيئ إنما يدل على مدى وعي الطبقة السياسية الموريتانية ومثقفيها بعدالة القضية الصحراوية، وبضرورة الوقوف الى جانب أصحاب الحق الذين يستندون إلى القانون والشرعية الدولية التي تعد بمثابة السبيل الوحيد و الطرح المنطقي القادر على الاسهام في حل النزاع المغربي الصحراوي من جهة وفي الاعداد ووضع اللبنات الصلبة لمغرب عربي مبني على العدل، ومبني على ارادة الشعوب، واحترام خصوصياتها وحقوقها وخياراتها. وليس مغربا مبنيا على القهر والتسلط وهضم الحقوق.وتتجلى مواقف قوى السياسية من التطورات الأخيرة بما فيها الأحداث الأخيرة ـ الزيارة المشؤمة و التصريحات النشاز ـ ، إذ اعتبرت جل الأحزاب السياسية الموريتانية أن هذه التصرفات ألا مدروسة هي بمثابة تجاوزا للخطوط الحمراء وخروجا على موقف الحياد الذي سلكته جميع أنظمة الحكم المتعاقبة فى موريتانيا منذ الإطاحة بنظام الرئيس المختار ولد داداه فى العاشر من يوليو 1978 .وذلك ما أكدت عليه أيضا أطياف المجتمع المدني الموريتاني بمختلف توجهاتها السياسية و التي إستنكرت عبر بيانات رسمية و تصريحات إعلامية مثل هذه المواقف الأحادية التي لاتدخل ضمن الإطار والتوجه العام للسياسة والساسة الموريتانيين ، ومن تلك المواقف ما أكدت عليه المبادرة الوطنية الموريتانية لحماية الدستور حيث طالبت باحترام البعثات الدبلوماسية لموريتانيا لواجباتها التقليدية في حدود القانون والابتعاد عن التدخل في شؤون البلد المضيف في إشارة الي السفير الشيخ العافيه .وكان حزب اتحاد قوى التقدم ذو التوجه اليساري قد أدان هو الأخر وبقوة زيارة السفير الموريتاني للمناطق الصحراوية، واعتبرها خروجا عن الحياد، وتطورا خطيرا يخرج عن الموقف الرسمي لمختلف الأنظمة الموريتانية الذي ظل ومنذ عام 1979 يتمسك بالحياد الإيجابي وبحق الصحراويين في تقرير مصيرهم طبقا للشرعية الدولية، نفس الموقف عبر عنه الحزب الجمهوري للديمقراطية والتجديد (الحاكم سابقا) الذي ينتمي إليه النائب ولد المكي، حيث أوضح أن التصريحات التي أطلقها النائب لا تلزم إلا نفسه، وأن الحزب الجمهوري ملتزم ومتمسك بالموقف الرسمي للدولة الموريتانية وهو موقف الحياد الإيجابي .ومن المواقف المشرفة في هذا المجال أيضا موقف النائب المعارض محمد المصطفى ولد بدر الدين الذي رد على طلب ولد المكي في جلسة البرلمان بالقول إن موريتانيا لا يمكنها ولأسباب مختلفة إلا أن تتخذ الموقف الحيادي والإيجابي من هذه القضية بما فيه التمسك بالإعتراف بالجمهورية الصحراوية ، بل أن النائب محمد المصطفى أكد أنه سيمارس حقه البرلماني من خلال مساءلة وزيرة الخارجية حول تصرف سفير موريتانيا في المغرب وتصريحاته التي أدلى بها عقب زيارته لمدينة الداخلة المحتلة بالصحراء الغربية.
ترقبوا في الجزء الثالث والأخير :1 ـ الخرجات السياسية والإعلامية .. حقائق وخلفيات ...2 ـ إذا عرف السبب بطل العجب ...*
fr.yoaho@22michat صحفي من الصحرء الغربية
No comments:
Post a Comment