Sunday, January 14, 2007



الإعلام المغربي.. سيمفونية غوبلز / بقلم : حمادي عبدالرحمن موسى
يقول وزير الإعلام الألماني " غوبلز " إبان حكم هتلر في مقولة شهيرة له : " اكذبوا ثم اكذبوا لعل شئ يعلق في أذهان الجماهير " فلعل المتتبع لمسيرة الإعلام المغربي ودون بذل جهد يذكر أو قوص في العمق سيستنتج بل يظهر له دونما استنتاج مدى محاكاة الإعلام المغربي بكل أنواعه مقروء , مرئي ومسموع وبمختلف أطيافه و تلاوينه وانتماءاته السياسية إلا ما ندر القول السالف من خلال تعاطيه وفي أثناء تناوله لقضية (الصحراء الغربية) , هادفا بذالك إلى قـلب الكثير من الحقائق إلى عكسها بخصوص النزاع تماشيا والطرح المغربي طالما كان الإعلام واجهة للسياسة , عملت الآلة الإعلامية المغربية كثيرا على محاولة تشويه الصورة , تزييف الفكرة وتزوير المعلومة التي تنقلها أو تلك التي تتداولها عن القضية الصحراوية , فعن حقيقة المسيرة الخضراء بدلا من كونها مسيرة اجتياح وتعدي على الجار الصحراء الغربية أظهرها الإعلام المغربي وكأنها مسيرة استرجاع لحق ضائع أو لحدود تابعة للمملكة , كما علق في أذهان الكثير من المغاربة لاحقا بأن الصحراء الغربية هي ( أقاليم جنوبية ) ؟ مثلما هو تماما زعْـم صدام حسين في فترة من الزمن الكويت محافظة عراقية يجب استرجاعها وبأنها حق ضائع بنبقي رده؟! سيمفونية غوبلز أتقن المغاربة العزف عليها عندما حرفوا رأي لجنة تقصي الحقائق التابعة لمحكمة العدل الدولية وقوّلها إعلام القصر الملكي ما لم تقل, والْـصقوا في أدبياتهم الإعلامية و في الخرائط الجغرافية حدود الصحراء الغربية بالمغرب وأعلنوا أن كل الصحراويين يبايعون العرش الملكي وبالتالي هم مغاربة ؟ , معزوفة البيعة والولاء للسلطان هي أيضا اسطوانة قديمة متجددة ترديدها في المملكة يتساوى أو يزيد عن تكرار النشيد الوطني المغربي , ولطالما عُـزف كثيرا في المغرب على هذا الوتر حتى قيل على سبيل الدعابة أن الملك المغربي إذا عطس و شمّـته احدهم في مدريد بقوله (رحمك الله العظيم) فمعنى ذاك أن اسبانيا تاريخيا تابعة للمغرب أي تبايع السلطان المغربي وينبغي ضمها لحظيرة المملكة , أيضا تحريفهم لما أوصت به اللجنة الرابعة التابعة للأمم المتحدة منذ بضعة شهور من خلال اعتبار قضية الصحراء الغربية قضية تصفية استعمار ينبغي حلها عن طريق منح تقرير المصير للصحراويين , فقلب الإعلام الغوبلزي الآية واعتبر أن قرار اللجنة الرابعة يعد ضربة جديدة وجهت للشعب الصحراوي وعدّه انتصار لطرح المملكة الرامي إلى الالتفاف على قرارات الأمم المتحدة التي توصي في كل قراراتها دون استثناء بضرورة تقرير المصير للصحراويين , أيضا تعمُـد الإعلام المغربي إظهار النزاع و كأنه قضية داخلية تخص المغرب أو انه في أحسن الحالات هو نزاع بين المملكة المغربية من جهة والجزائر من جهة أخرى قاصدا بذالك إقصاء أو تهميش الصحراويين في الوقت الذي هم الحلقة الأهم والطرف الرائسي في المعادلة, وغير ذالك من الأضاليل أو بالأحرى السفاسف الإعلامية من قبيل اعتبار النزاع إنما هو نزاع مفتعل من طرف الجزائر بهدف إضعاف المغرب اقتصاديا وسياسيا في الوقت الذي هو نزاع ترعاه وتشرف عليه أعلى هيئة دولية وتعتبره قضية تصفية استعمار , وتصدر قراراتها الدورية بشأنه , كما تُـعقد جلسات سواء في الأمم المتحدة أو في مجلس الأمن بشكل دائم حوله , فكيف يكون إذن النزاع مفتعل أو قضية داخلية تخص المغرب وهو يحظى بهذا الاحتضان والرعاية الدولييـْن ؟؟ ما سلف هو قليل مِـما تم تناوله أو على الأقل يُراد تناوله في الإعلام المغربي أما ما لم يتم تناوله أو التطرق له في الإعلام ( النيوغوبلزي) هو حقيقة المأساة التي تعرض لها الشعب الصحراوي و تشتته بين من بقي منه في أرضه في المناطق المحتلة أو الآخر في مخيمات اللجؤ و من هو في الشتات والمهجر , غاب عن الصورة في ذات الإعلام المرأة التي تظهر و ذراعها مبتور والصبي الصغير الذي يُرى ورأسه ينزف دما بفعل شظايا القذائف , و ألآف الأفراد من النساء والأطفال والشيوخ وغيرهم الفارين من همجية القصف و التدمير الذي اقترفته القوات المغربية بأمر من "أمير المؤمنين" عند بدء المسيرة المشؤمة , غاب عن التداول الإعلامي أيضا قنابل النابالم و الفسفور المحرمة دوليا بل حتى إنسانيا وأخلاقيا التي تم إِلغاءها آنذاك على المنازل الآهلة بالسكان وتم تدمير البيوت على رؤوس أهلها هذا ناهيك عن قصف المداشر و تدمير البنى التحتية وتشريد ساكنيها منها وإجبارهم على الفرار بأجسادهم هربا من موت محقق . ورغم عظم معاناة الشعب الصحراوي سواء منه الذين في المناطق المحتلة و ما يتعرضون له يوميا من صنوف القمع والحصار البوليسي , السجون , التجهيل المتعمد , التهجير الممنهج من خلال إجبار الشباب الصحراوي وقسره على ركوب البحر هربا من المضايقات المتكررة والاعتداءات أو غيرها من ألوان الإساءة, أو الذين في مخيمات اللجؤ وما بهم من معاناة أيضا , فضلا عن جدار الفصل العنصري المغربي الذي يفصل بين العوائل الصحراوية ويفرق بين أفراد الأسرة الواحدة منذ ازيد من ثلاثين سنة حائلا من أن تتلاقى , كما يحتوي ذات الجدار على أكثر من ثمانية ألاف لغم مضاد للأفراد يموت بسببه الإنسان كما الحيوان. لم تشفع لهؤلاء البشر قبل أن يكونوا صحراويين معاناتهم ومأساتهم المريرة لدى الإعلام المغربي على الأقل من قبيل القيم والأخلاق الذي يتمتع بها الحس الإنساني بفطرته بعيدا عن أحقاد السياسة , فبدل تسليط الضؤ على معاناة هذا الشعب تم استغلالها والمتاجرة بها إعلاميا للأسف ! فتارة نـُعتوا بالانفصاليين و أخرى بالمحتجزين , المرتزقة , العصابة .. الخ من مفردات قاموس إعلام سار غوبلزيا بامتياز ولم يتـقي شرف مهنة الإعلام في معاناة هؤلاء قبل أن يتقي الله فيهم. يافطة "اكذبوا ثم اكذبوا لعل شئ يعلق في الأذهان" قاد الساسة ومن ورائهم الإعلام في المغرب إلى أبعد من هذا بان كذبوا ثم كذبوا حتى كذبوا على أنفسهم ! فلم يعترف المغرب في فترة من الزمن بوجود أسرى حرب مغاربة لدى البوليساريو كانت تعتزم إطلاق سراحهم وتنكر المغرب إلى كون الأسرى مواطنيـن مغاربة ؟؟ والنتيجة أن تاجر أيضا بكرامة مواطنيه . ووصل هذا الإعلام أخيرا إلى درجة من الإسفاف و أللاّمعنى تجرأ فيها إلى نعت سفر الطلبة الصحراويين إلى ما وراء البحار في كوبا من أجل التحصيل العلمي واكتساب المعرفة بأنها إنما هي رحلات من اجل التنصير ؟! درجة من الخواء وصل إليها هكذا إعلام باتت بالفعل تثير الضحك والبكاء في آن. هذه المغالطات طبعا هي قليل من كثير أضاليل يتعمد الإعلام المغربي إظهارها كبوق أو مكبر صوت لسياسة المخزن التي يريد من خلالها ربح معركة (نزاع الصحراء الغربية) إعلاميا طالما فشل في ذلك سياسيا وقانونيا , تهدف أيضا سياسة القصر من زاوية أخرى إلى ابتلاع الثقافة الصحراوية للمجتمع الصحراوي و الموروث الصحراوي العريق وإبرازه إعلاميا وكأنه جزء من التراث المغربي أيضا لخدمة أهداف سياسية محضة , طالما أن القصر لم يستطع كسب ود الصحراويين الذين أحتل أرضهم و هجر نصفهم , يقول الراحل الملك الحسن الثاني " استطعت أن احتل الأرض ولكن لم استطع أن استميل قلوب الصحراويين ". اعتقد أن شعب لم يفلح جلالته في كسب وده أو كسر إرادته عن مطلب الحرية لِطـيلة ثلاث عقود من الزمن لن تستطع آلة غوبلزية أن تشوه حقيقة نضاله وإن حاولت أو أن تشكك في عدالة قضيته مهما جيشت , فشمس الحق قد يستعصى حجبها بغربال باطل كيفما كانت الوسيلة ومهما كانت الأداة . بقلم : حمادي عبدالرحمن موسى /دمشق
http://cahiersdusahara.com/cds_articles/HAM/index.html المصدر:موقع دفاتر الصحراء الغربية

No comments: