Tuesday, August 04, 2009

إذا لم تستح فافعل ماشئتَ..
05/08/2009 بقلم: محمد لحسن
أنا واحد من الصحراويين، وهم كثر، الذين يؤمنون إيمانا راسخا بان قضيتهم ليست ملكا لأحد ولا تقع تحت وصاية أحد، سوى الشعب الصحراوي. وان نهايتها الحتمية هي انتصار هذا الشعب الذي سينتزع حريته واستقلاله ولو طال الزمن، لأنها قضية أجيال كما قال الشهيد الولي، ومن ثم فهي لا تتأثر ولن تتأثر بسلوكات أو نزوات الأفراد وتقلباتهم الحربائية.
وقد فوجئت بالتصريحات الرنانة، والكلمات الفصيحة لكن الغريبة التي أطلقها أحمدو ولد اسويلم على أمواج إذاعة المغرب تلفزيونه وجرائده المخزنية.
أقول هذا لأني وأنا اقلب بعض الوثائق اليوم عثرت على نسخة من مجلة تصدر عن وزارة الثقافة، "المنتدى الثقافي"، كانت قد حاورت احمدو ولد سويلم في نوفمبر 2008، فطالعت الحوار من باب الفضول، لأكتشف كيف أن المذكور أعلاه كان يقول أشياءا، لو اطلع عليها الآن وهو بين يدي سيده الجديد لانخلع قلبه رعبا، ولابتدع أعذارا جديدة لطلب السماح من قبيل أنه كان مضطرا لقول ما قال، أو أن هناك من أرغمه على التعبير بهذا الشكل، فسبحان مغير الأحوال.
ولكن، لنطلع معا على ما كان يقول احمدو ولد اسويلم عندما كان لا يزال يحتفظ ببقية من كرامته، وهنا سأقتبس بالحرف الواحد بعض ما جاء في هذا الحوار:
المنتدى الثقافي:
اذا ما اعدنا قراءة اولويات المؤتمر 12 للجبهة الشعبية ديسمبر 2008، هل ترى حضورا للميدان الثقافي؟

الأخ أحمدو:
أعتقد أن المؤتمر أعطى انطلاقة جديدة لميدان الثقافة وابرازها كإحدى الأولويات ليس فقط النضالية وإنما الأهداف البعيدة.
ولذا نرى ضرورة تجاوز العمل الدعائي إلى مستوى إرساء سياسة ثقافية تعكس ماضي الشعب الصحراوي وتطلعاته في الحرية والإنعتاق.
المنتدى الثقافي:
عجز الاحتلال المغربي عن إبادتنا سياسيا وعسكريا ويستعمل خطة ثقافية ممنهجة للاحتواء، كيف يمكننا مواجهة ذلك؟

الأخ احمدو:
بعد فشل مخططات الاستئصال والمسخ الثقافي والتهجير والترحيل وتقوية الحملة المغربية علينا ان ندرك خطورة الأمر مما يتطلب وعيا جديدا بماهية وسوء نية الحملة ذاتها بحيث أنها في الظاهر إحياء لثقافة الصحراويين ولكن بقالب وتوجيه مغربي لتنويم قوانا الحية ومغالطة الرأي الأجنبي.
إذن أصبح المغاربة يكافحون بمظاهر ثقافتنا في إطار صحروة الصراع، وعلى الجميع كل من موقفه أن يعي ذلك ويواجه المسخ الثقافي الذي يتعرض له شعبنا خاصة في المناطق المحتلة .
المنتدى الثقافي:
انتم وزير في الحكومة الصحراوية مكلف بالوطن العربي، كيف يمكن لثقافتنا كشعب عربي ان تكسر صدود الأشقاء العرب؟

الأخ احمدو:
أنت تعلمين أن الموقع الجغرافي للشعب الصحراوي يجعل من الحدود العربية بعيدة وإذا أضفنا إلى ذلك البعد السياسي، نجد أن المسافة بيننا تتسع أكثر فأكثر، حتى وان كنا في تماس فان ثقافة شعب مكافح تجارة كاسدة في أسواق الخنوع والاستسلام والمثل الفلسطيني حافل أمامنا.
المنتدى الثقافي:
الانتفاضة فعل وطني متعدد الأوجه في المناطق المحتلة بالأرض المحتلة، هل يمكن اعتبارها من المنظور الثقافي رفضا للابتلاع؟ وماذا يمكن قوله لمثقفينا هناك لتعزيز هذه الجبهة؟

الأخ احمدو:
طبعا هو رفض ساطع للابتلاع والضم ودليل على أصالة شعبنا ودفاعه عن هويته المميزة، نقول لإخواننا المثقفين أن لا يكتفوا هذا الشرف بل أن يكونوا مثقفين واعيين بمهمتهم التاريخية وان يكونوا أباءا لكافة الأبناء ومعلمين لشعبهم ومتعلمين منه وبالتالي أن يكونوا درعا واقيا لثقافة شعبهم الأصيلة.
المنتدى الثقافي:
إن طلبت منكم تصور المشهد الثقافي الصحراوي كما نريده، كيف يمكنني رؤيته القراء الأعزاء المتشوقين لمشهد ثقافي رائع؟

الأخ احمدو:
إن استشراف المشهد الثقافي لا يختلف عما يصبو إليه شعبنا في الحرية والاستقلال والعودة إلى الوطن، وهذا لا يمكن تصوره بشكل جلي إلا إذا علمنا أن شعبنا لم يكن شعبا مقلدا ولا محاكيا في أي مظهر من مظاهر حياته وهذا طيلة تاريخه الحافل بالتحديات وأعطي أمثلة لهذا النموذج والخصوصية.
اننا عند مسألة الأحكام لأهل البادية، نرى الشيخ محمد المامي يجتهد ويؤلف "كتاب البادية" الذي أعجز جامع الأزهر وعلماء فاس ولم يكن السيخ محمد المامي مقلدا ولا محاكيا لأحد,
وعندما تبنى المغرب نظام الملكية في الشمال وتبنى الشعب الموريتاني نظام الإمارة في الجنوب، نرى الشعب الصحراوي خرج عن التقليد وابتدع نظاما خاصا به.
عندما انطلقت الجبهة كتنظيم سياسي وعسكري لم تقلد أي حركة ثورية، رغم تأخرنا الزمني وهكذا...
المنتدى الثقافي:
هل تؤمنون بدور الثقافة في حركة التضامن مع كفاحنا العادل، وكيف نحرك العالم معنا من رؤيا ثقافية؟

الأخ أحمدو:
لا يخفى على أحد أن أنجح الأسلحة هو سلاح الثقافة لأنه السلاح الذي لا يستطيع العدو نزعه ولا تحطيمه ولأنه جزء من الجبهة الطبيعية لشعبنا.
أما أن نحرك العالم بثقافتنا هذا من أولى الواجبات لأن ثقافتنا رسالة حب وسلام ومساواة في وجه ثقافة العدوان والإضطهاد والموت.
أعتقد أن العالم إن لم يكن قد مل الحروب والدماء فإنه على الأقل يقدر لنا صبرنا والتزامنا وتسامحنا وقيمنا الوسطية.
المنتدى الثقافي:
تنظم وزارة الثقافة المهرجان 16 للثقافة والفنون الشعبية والملتقى الأول للثقافة كبعد أكاديمي الأسبوع الأول من ديسمبر، ماذا تنتظرون من هذين الحدثين؟

الأخ أحمدو:
إذا استطعنا أن نبلغ رسالة شعبنا وخاصة الثقافية وأن نجعل من الحدثين مناسبة للفت الأنظار إلى واقع شعبنا سواءا في اللجوء أو المناطق المحتلة، فإننا نكون قد وجهنا ضربة لسياسة التطويق الإعلامي والتهميش التي ما فتئ النظام المغربي يحاول فرضها على شعبنا.
............. انتهى الإقتباس.
فسبحان الله، أي منقلب انقلب هذا الرجل، الذي تحدث في لقاءه مع مجلة المنتدى قبل شهور معدودة عن حتمية استقلال الصحراء الغربية، وعن إرادة الشعب في التحرر والإنعتاق، وعن الإحتلال المغربي والمناطق المحتلة، وعن سياسة المغرب في التطويق الإعلامي والتهميش، وعن ثقافة المغرب في العدوان والإضطهاد والموت، وعن المغرب كعدو، وعن رفض الإبتلاع من طرف المغرب، وضرورة مواصلة المقاومة بكل أشكالها... وهاهو اليوم بعد أن قبل اليد التي سفكت دماء الشهداء الذين كان يستظل بظلهم، وينعم بالاحترام الدولي كأحد أبناء الشعب الصحراوي من الصيت الذي صنعوه له بدماءهم، هاهو الآن يقول دون حياء أنه كان على خطأ، وأنه كان "ضالا"، و"مغررا به"، وأنه عاد إلى "سيده ومولاه جلالة ملكه".

فهل جن الرجل؟ أم أنه لم يكن إلا كائنا صوتيا صاحب أقوال لا أفعال؟ ألم يؤمن يوما بما كان يتفوه به من كلمات، هل كان فقط يطلق العنان للسانه، لينسج ما طاب له من كلمات، لا يحسها، ولا يفقهها، ولا يؤمن بها؟
كل هذا لم يعد يهم، فقد مات أحمدو ولد اسويلم ذلك الرجل الذي كنت أحترمه، ماتت كبرياءه، وماتت كرامته، مات إباء الصحراوي فيه، وماتت نخوته، ماتت رجولته بعد أن قبل الجلوس إلى القتلة، وإلى مغتصبي الحرائر من أخواته وقاهري إخوته المرميين في السجون والمختفين في غياهب الحدائق السرية الملكية، مات أحمدو ولد اسويلم بعد أن قبل أن يمرغ أنفه في تراب نعال ملك الرباط، وأن ينكس رأسه أمام سيده الجديد، فهنيئا له برباط العبودية هذا، ولينعم بخدمة سيده عبدا مطيعا أو تابعا منبوذا.
أما نحن أبناء صحراء الإباء، فلن نركع إلا للعزيز القدير، ولن نخنع، ولن نرجع عن طريق الحرية والكرامة، ولن يضيرنا تساقط المتساقطين، ولا خنوع الخانعين، ولا تهاون المتهاونين، سنبقى هنا صامدون، وسنواصل درب الشهداء إلى أن يقدر الله أمرا كان مفعولا، فليسمع أحمدو وأمثاله هذا، وليقدموا ما يشاءون من كلمات لأسيادهم، ومن ندوات ومن وعود كاذبة، وليستمعوا إلى رجع صدى أصواتهم الفارغة. فلا قدرة لهم على تغيير قدر حبة خردل من حقيقة وجود هذا الشعب، وحقيقة إيمانه بقضيته، وحقيقة وجود دولته حرة أبية، وحقيقة ميلاد أجيال جديدة لا تسمع إلا صوت الكرامة.
وحسبي أن أقول ما قيل قديما له ولأمثاله:
"إذا لم تستح فافعل ما شئت"
http://upes.org/body2.asp?field=articulos&id=1301

Commentaire:

Diaspora Saharaui :
Très bon article. Merci. Comme tu dis, la cause sahraouie restera là à jamais, parce que c'est une cause défendue par les générations sahraouies et même si Mohamed Abdelziz parte au Maroc, ça ne changera rien.

1 comment:

Admin said...

Très bon article. Merci. Comme tu dis, la cause sahraouie restera là à jamais, parce que c'est une cause défendue par les générations sahraouies et même si Mohamed Abdelziz parte au Maroc, ça ne changera rien.