أميناتو حيدر
11/12/2009بقلم الصحفي المغربي: مصطفى حيران
ثمة الآن امرأة في الأربعينيات من العمر، سمراء مُستدقة الملامح، مُدثرة بملحفتها الصحراوية على الدوام.. تقف بصلابة النخل، دفاعا عن حقها في الإحتفاظ بجنسيتها المغربية، وبلغت قوة "وقفتها" أن أعادت لمُتتبعي قضيتها عبر أنحاء العالم ذكرى نساء حديديات أمثال الهندية "أنديرا غاندي" والباكستانية "بينازير بوتو"..كان يكفي أن تبعث سلطات الرباط، منذ نحو عشرين يوما، بِضعة أعوان البوليس السري إلى مطار العيون "لاستقبال" أميناتو حيدر، وتجريدها من جواز سفرها، لتقوم القيامة. المرأة الصحراوية الصلبة الحائزة على جوائز دولية رفيعة، قعدت منذ ذلك الحين في مطار "لانزاروت" الإسباني، على بُعد بضع مئات من الكيلومترات عن البر المغربي، ومن هناك أطلقت قنابل دبلوماسية وإعلامية، مَطرقت أكثر من حكومة ورأي عام غربي، لقد تبين، ويا للفضيحة أنه لا القانون المغربي، ولا القانون الدولي، يمنحان الحق لسلطات الرباط في تجريد المرأة من جنسيتها المغربية، ومنعها من دخول بلادها، حيث تُقيم دائما رفقة ابنيها، فالأول يضع قرار التجريد من الجنسية بيد القضاء، أما الثاني، فيقول أنه يحق لك، الحصول على جنسية البلد الذي تُقيم فيه، وتحتفظ، في نفس الوقت، بقناعاتك السياسية، ومنها المُطالبة بالإستقلال.حاولت سلطات الرباط، في غمرة "الحماسة" الأولى، التستر على هذه الفضيحة، من خلال طلب العون من مدريد، وهو ما كاد ينجح بالنظر إلى العلاقات الجيدة بين الطرفين، غير أن المرأة الصحراوية العنيدة، رفضت كل التسويات التي عُرِضت عليها: لا حاجة لي بالجنسية الإسبانية، ولا أُريد جواز سفر مغربي جديد.. ماذا تريدين؟ أجابت: جواز سفري الذي انتزعتموه مني والعودة إلى بلادي..ولِتُرفق مطالبها بقوة ضغط أكبر، خاضت إضرابا لا محدودا عن الطعام، حتى يُستجاب لها.. وبما أنها تواجدت في المكان المناسب، أي مطار دولة غربية ديموقراطية، فلا شيء يمنع عنها تغطية إعلامية دولية 24 ساعة على 24 ساعة، ولأن في إسبانيا حُكومة مُنتخبة بشكل ديموقراطي، ولديها أجنداتها والتزاماتها الداخلية والخارجية، فقد تنصلت من القضية برمتها، ولو اقتضى ذلك التخلي عن مصالحها الإقتصادية بملايين الأوروات في المغرب، وهكذا عادت القضية إلى حيث بدأت: امرأة في مواجهة سلطات الرباط.وكما كل حماسة غير مبنية على مُبررات موضوعية، تبخرت كل العنتريات الفارغة للسلطات المغربية، وقررت منح أميناتو حيدر ترخيصا شفويا، بالعودة إلى مطار العيون، ثم تراجعت عنه، بعدما أوقفت المرأة إضرابها عن الطعام، وامتطت الطائرة.. هل هناك من مسخرة دبلوماسية تُنافس ما حدث ويحدث بشأن قضية الناشطة الصحراوية "أميناتو حيدر"؟إنها مهزلة بكل المقاييس، ومع ذلك "تجتهد" سلطات الرباط بطريقة "عبقرية الكوانب" لتُقنعنا أن القضية "لا نقاش فيها لأنها تتعلق بموضوع الوحدة الترابية للبلاد".. والحاصل أننا أمام مُزايدات رعناء، تسير بسرعة إلى خُسران القضية بذريعة الدفاع عنها، وفي ذلك غباء مُنقطع النظير.الحكومات الغربية وبرلماناتها، والمنظمات الأممية الدولية، والرأي العام العالمي، ليسوا تحت طائلة حالة الاستثناء المغربية، غير المُعلنة، لذا يتم التعامل دوليا، مع مسألة تجريد "أميناتو حيدر" من جنسيتها وانتزاعها من طفليها، كإجراء ديكتاتوري تحكمي، غير مقبول من كل زوايا النظر، وليس من الصعب احتساب المكاسب الدبلوماسية والإعلامية والحقوقية.. التي حصدتها وستحصدها الناشطة الصحراوية، لصالح قضيتها. وأُجازف بالقول أن سلطات الرباط، ستقبل التخلي عن الكثير، لحفظ ما تبقى من ماء الوجه، كأن يُصبح مُقترح الحُكم الذاتي مُتجاوزا ليلتحق بسلفه العتيق "الإستفتاء التأكيدي" فذلك ديدن السلطات السياسية الشديدة التركيز: رفع المطالب إلى السقوف، والقبول في النهاية ب "السلة بلا عنب".
11/12/2009بقلم الصحفي المغربي: مصطفى حيران
ثمة الآن امرأة في الأربعينيات من العمر، سمراء مُستدقة الملامح، مُدثرة بملحفتها الصحراوية على الدوام.. تقف بصلابة النخل، دفاعا عن حقها في الإحتفاظ بجنسيتها المغربية، وبلغت قوة "وقفتها" أن أعادت لمُتتبعي قضيتها عبر أنحاء العالم ذكرى نساء حديديات أمثال الهندية "أنديرا غاندي" والباكستانية "بينازير بوتو"..كان يكفي أن تبعث سلطات الرباط، منذ نحو عشرين يوما، بِضعة أعوان البوليس السري إلى مطار العيون "لاستقبال" أميناتو حيدر، وتجريدها من جواز سفرها، لتقوم القيامة. المرأة الصحراوية الصلبة الحائزة على جوائز دولية رفيعة، قعدت منذ ذلك الحين في مطار "لانزاروت" الإسباني، على بُعد بضع مئات من الكيلومترات عن البر المغربي، ومن هناك أطلقت قنابل دبلوماسية وإعلامية، مَطرقت أكثر من حكومة ورأي عام غربي، لقد تبين، ويا للفضيحة أنه لا القانون المغربي، ولا القانون الدولي، يمنحان الحق لسلطات الرباط في تجريد المرأة من جنسيتها المغربية، ومنعها من دخول بلادها، حيث تُقيم دائما رفقة ابنيها، فالأول يضع قرار التجريد من الجنسية بيد القضاء، أما الثاني، فيقول أنه يحق لك، الحصول على جنسية البلد الذي تُقيم فيه، وتحتفظ، في نفس الوقت، بقناعاتك السياسية، ومنها المُطالبة بالإستقلال.حاولت سلطات الرباط، في غمرة "الحماسة" الأولى، التستر على هذه الفضيحة، من خلال طلب العون من مدريد، وهو ما كاد ينجح بالنظر إلى العلاقات الجيدة بين الطرفين، غير أن المرأة الصحراوية العنيدة، رفضت كل التسويات التي عُرِضت عليها: لا حاجة لي بالجنسية الإسبانية، ولا أُريد جواز سفر مغربي جديد.. ماذا تريدين؟ أجابت: جواز سفري الذي انتزعتموه مني والعودة إلى بلادي..ولِتُرفق مطالبها بقوة ضغط أكبر، خاضت إضرابا لا محدودا عن الطعام، حتى يُستجاب لها.. وبما أنها تواجدت في المكان المناسب، أي مطار دولة غربية ديموقراطية، فلا شيء يمنع عنها تغطية إعلامية دولية 24 ساعة على 24 ساعة، ولأن في إسبانيا حُكومة مُنتخبة بشكل ديموقراطي، ولديها أجنداتها والتزاماتها الداخلية والخارجية، فقد تنصلت من القضية برمتها، ولو اقتضى ذلك التخلي عن مصالحها الإقتصادية بملايين الأوروات في المغرب، وهكذا عادت القضية إلى حيث بدأت: امرأة في مواجهة سلطات الرباط.وكما كل حماسة غير مبنية على مُبررات موضوعية، تبخرت كل العنتريات الفارغة للسلطات المغربية، وقررت منح أميناتو حيدر ترخيصا شفويا، بالعودة إلى مطار العيون، ثم تراجعت عنه، بعدما أوقفت المرأة إضرابها عن الطعام، وامتطت الطائرة.. هل هناك من مسخرة دبلوماسية تُنافس ما حدث ويحدث بشأن قضية الناشطة الصحراوية "أميناتو حيدر"؟إنها مهزلة بكل المقاييس، ومع ذلك "تجتهد" سلطات الرباط بطريقة "عبقرية الكوانب" لتُقنعنا أن القضية "لا نقاش فيها لأنها تتعلق بموضوع الوحدة الترابية للبلاد".. والحاصل أننا أمام مُزايدات رعناء، تسير بسرعة إلى خُسران القضية بذريعة الدفاع عنها، وفي ذلك غباء مُنقطع النظير.الحكومات الغربية وبرلماناتها، والمنظمات الأممية الدولية، والرأي العام العالمي، ليسوا تحت طائلة حالة الاستثناء المغربية، غير المُعلنة، لذا يتم التعامل دوليا، مع مسألة تجريد "أميناتو حيدر" من جنسيتها وانتزاعها من طفليها، كإجراء ديكتاتوري تحكمي، غير مقبول من كل زوايا النظر، وليس من الصعب احتساب المكاسب الدبلوماسية والإعلامية والحقوقية.. التي حصدتها وستحصدها الناشطة الصحراوية، لصالح قضيتها. وأُجازف بالقول أن سلطات الرباط، ستقبل التخلي عن الكثير، لحفظ ما تبقى من ماء الوجه، كأن يُصبح مُقترح الحُكم الذاتي مُتجاوزا ليلتحق بسلفه العتيق "الإستفتاء التأكيدي" فذلك ديدن السلطات السياسية الشديدة التركيز: رفع المطالب إلى السقوف، والقبول في النهاية ب "السلة بلا عنب".
المصدر: موقع هسبريس الإليكتروني المغربي، يوم 7 ديسمبر 2009
No comments:
Post a Comment