Monday, December 18, 2006



في مقابلة مع اسبوعية المشعل المغربية
محمد المتوكل يشدد على ان القضية الصحراوية مسألة شعب لابد ان يقرر مصيره
18/12/2006
شدد الناشط الحقوقي والمعتقل السياسي الصحراوي السابق، السيد محمد المتوكل في مقابلة اجرتها معه اسبوعية المشعل المغربية في عددها الاخير، على ان "القضية الصحراوية هي مسألة شعب لابد ان يقرر مصيره"، موضحا بان ذلك "مرتبط بجدية المنتظم الدولي وبمسعاه لإيجاد حل عادل ونزيه بهذا الخصوص"، وقال انه من العيب أن يظل الغبن يلحق الصحراويين".

واشار المتوكل الى ان "الخطير" في المسألة هو "لماذا نلوم الصحراويين في مطلبهم الشرعي؟ وكأنه من حقنا ان نلوم المغاربة في مطالبتهم بالديمقراطية، او نلوم إرادتهم في استجلاء الحقيقة عن ماضي الانتهاكات الجسيمة لانتهاكات حقوق الإنسان"، مشددا على ان "هذا مطلب شرعي، هذا شعب يريد أن يقرر مصيره بنفسه، لا يريد وصاية من احد طبعا في كنف المغرب العربي أن ينضم للمغرب او يستقل عنه، وهو طبعا لن يرفع من خريطة المغرب العربي".

وفيما يلي النص الكامل للمقالبة:

محمد المتوكل ناشط حقوقي صحراوي
"عيب ان يظل الغبن يلحق الصحراويين"
في قلب المغرب بمدينة الدار البيضاء يستقر محمد متوكل ناشط حقوقي صحراوي يحمل افكار قريبة جدا من تلك التي تدافع عنها جبهة البوليساريو، يعلن عنها بكل حرية، اجرت معه أسبوعية المشعل حوارا مفتوحا لتمكين القارئ من جلاء طيف الراي والراي الاخر بخصوص قضية الصحراء ومقترح الحكم الذاتي:

سؤال: من يمثل الصحراويين حاليا، هل الكوركاس ام البوليساريو؟
جواب: كان موضوع تمثيلية الصحراويين، يثار دائما من باب الاشكال القانوني، والتمثيل في القانون الدولي ارتباطا بنزاع بين طرفين او اكثر، كل واحد يمثل وجهة نظر معينة. بالصحراء الغربية المعنية بالصراع، ظهرت جبهة البوليساريو منذ تاسيسها منذ 1973 كطرف سياسي ومسلح ضد التواجد الاسباني بالاقليم، لما انسحبت اسبانيا بموجب الاتفاقية الثلاثية التي سلمت الجزء الشمالي من الصحراء الغربية للمغرب والجزء الجنوبي لموريتانيا، واصلت البوليساريو المسيرة الكفاحية في مواجهة الطرفين الجارين كموريتانيا جنوبا والمغرب شمالا، واستمرت طبعا المواجهات العسكرية ووقعت معارك كبرى في الصحراء و تم اسر العديد من الجنود المغاربة الذين ، ربما سمعتم عن اخر دفعة ممن اطق اسراحهم، السنة الماضية، وبقالتالي اكتسبت جبهة البوليساريو عبر تاريخها النضالي والكفاحي المرير شرعية التمثيل والتي بموجبها جلست الى جانب الطرف المغربي رسميا في العديد من المحطات الدولية ووقعت اتفاقيات رسمية مع المغرب تدعو الى حل النزاع بشكل سلمي باجراء استفتاء عادل ونزيه لتقرير مصير الشعب الصحراوي.

سؤال: تتكلمون الان وتعبرون عن ارائكم بكل حرية عكس ما كان في الماضي، الا تعتبرون ان هذا المناخ يشكل ضمانة الحوار والبحث عن حل توافقي لابعاد المنطقة من المتاهات؟
جواب: مسألة الديمقراطية مطلب جماهيري شعبي يستحق التوقف واستجلاء كل ما تعنية مسألة الديمقراطية، ليس فقط في المغرب وإنما في الوطن العربي، لكن ما يهمنا في الموضوع، هو ان الصحراويين لم يمتشقوا بنادقهم منذ 20 ماي 1973 ولم يدفعوا من الضرائب واعني قائمة طويلة من الشهداء داخل المعتقلات السرية داخل قلعة مكونة واكدز وغيرهما من المعتقلات، بدافع إقامة نظام ديمقراطي في المغرب، فانطلاق جبهة البوليساريو كان لأجل استقلال الصحراء الغربية، وهذه مسألة محسومة بمعنى ان جبهة البوليساريو والصحراويين لم يكونوا في يوم من الأيام في صراع مع النظام الملكي حول طبيعة النظام في المغرب. بل كان الصراع من اجل استقلال الصحراء الغربية التي اجتاحتها القوات المغربية بغير حق في 11 اكتوبر 1975. نحن نهنئ الشعب المغربي الشقيق بمكاسبه الديمقراطية ونعتبر أنفسنا أيضا، الى حد ما، قد ساهمنا في تحقيق ما يتمتع به المغاربة اليوم ونتمنى ان تتطور الديمقراطية أكثر من ما نراه اليوم.

سؤال: من المعروف انه ظلت هناك امتدادات للعلاقات بين السكان الصحراويين رغم مكائد الاستعمار، ألا تعتقد أنكم تتجهون نحو تكسير هذه العلاقات؟
جواب: ليس من الثابت تاريخيا قيام علاقة سيادة بين المغرب والصحراء الغربية. والدليل على هذا هو قرار محكمة العدل الدولية في لاهاي سنة 1975، حيث لم تجد أمامها ما يثبت روابط سيادة نهائيا، ما تتكلمون عنه علاقة الصحراويين بالمحيط، ففي كثير من الأحيان نجد الصحراويين خلف قطعانهم خارج الحدود الجغرافية للوطن في موريتانيا كما في الجزائر كما في المغرب، هذه العلاقات لا تعني بالضرورة علاقات سيادة. بل هي مرتبطة بالنمط الاقتصادي الرعوي الذي كان محكوما بالسير وراء القطيع بحثا عن الكلاء والماء، وبالتالي الترحال وعبور تلك الحدود، وهذا ليس دليل إثبات على وجود روابط سيادة بين المغرب والصحراويين، لكن الأساسي أيضا اننا لا ننفي وجود علاقات أخوة بين شعوب المغرب العربي، لا يمكن أبدا ان نتنكر للجوار وحسن الجوار، لا يمكن ان ننفي وجود حرب تحرير مشتركة، ليس فقط بين المغاربة والصحراويين، ولكن بين شعوب المغرب العربي، الم يساهم المغاربة مع الجزائريين في حرب التحرير. الم يساهم قادة كبار من المقاومة الوطنية المغربية، في الحرب ضد المستعمر الاسباني؟ لكننا اكتوينا كذلك كصحراويين بالنار التي اكتوى بها المناضلون المغاربة في السجون وغيرها، ولعل واقعة اكوفيون خير دليل على نوعية التآمر الذي وقع ضد المقاومة الصحراوية سنة 1958، حيث تكالبت قوى المستعمر الفرنسي والاسباني وبدعم من النظام المغربي آنذاك، لضرب المقاومة الوطنية المسلحة، وبالتالي الإجهاز على المقاومة المسلحة في الصحراء.

سؤال: لا اعني المسائل المرتبطة بالسيادة او النظام، اعني الروابط التي ظلت قائمة بقوة عبر التاريخ بين أهل المنطقة.
من جهة أخرى، كانت هناك شروط أدت إلى دفع البعض لتأسيس جبهة البوليساريو وهذا بشهادة من أسسوها. ألا تعتبرون الآن ان اغلب تلك الشروط قد انتفى منها ما انتفى؟ وهل التفكير داخل البوليساريو ما زال مبنيا على نفس المنظور؟

جواب: إذا نظرنا الى الشروط التي كانت وراء تأسيس جبهة البوليساريو، فان أهم هذه الشروط هو ضرورة محاربة المحتل الاسباني. حيث كان من الضروري لأجل ذلك إيجاد قواعد خلفية، وأول من استشير في هذا الأمر هم القادة السياسيون المغاربة مثل علال الفاسي وعلي يعتة وغيرهما، وطبعا كان الرد كما هو معلوم جيدا انه لايمكن لقادة سياسيين كبار الكلام مع شباب وصفوهم أحيانا بأوصاف قدحية لايمكن ان نستحضرها على كل حال، لقد تم التوجه الى الجار الشمالي (المغرب) لأجل محاربة الاستعمار الاسباني فلم يتم هذا، وبالتالي لم يبقى من الخيارات سواء مغادرة الصحراء في اتجاهات اخرى، كملاذ حتمي لنصرة مطالب الشعب الصحراوي بالاستقلال من الاستعمار الاسباني.

لا انفي وجود الصحراويون كساكنة أصلية لمناطق جنوب المغرب واعني بها الطنطان، الطرفاية، اكليميم، اسا والزاك، طاطا وافني. هذه مناطق اصلا صحراوية، اقتطعت قصرا من الجغرافية الصحراوية، ولما اقتطعت اقتصر المطلب في الأرض على الصحراء الغربية، المعروفة في القانون الدولي بالحدود الموروثة عن اسبانيا، يعني الآن نحن أمام مطلب جغرافي لساكنة تتعداه ليس فقط إلى جنوب المغرب ولكن كذلك إلى شمال موريتانيا وجزء من الجنوب الجزائري.

سؤال: هل الفكر الانفصالي كان قائما عند سكان الصحراء، ام انه جاء نتيجة لما تعتبرونه عدم التزام تاريخي للقادة السياسيين المغاربة؟ الا ترون ان الفكر الانفصالي يشكل خطرا بالنظر للتطورات التي تعرفها المنطقة؟
جواب: لست متفقا مع مفهوم الانفصال، الانفصال كمفهوم يعني انه في الأصل كانت هناك وحدة، هناك استمرارية لجسم سياسي معين لم تحترم فوقع الانفصال، الواقع بالنسبة للشعب الصحراوي أقول واكرر الحكم الصادر عن محكمة لاهاي، أكد انه لم يثبت تاريخيا ان كانت هناك سيادة مغربية على الصحراء الغربية، وبالتالي الكلام عن الانفصال هو في الحقيقة تجني لان الكلام عن الانفصال والانفصاليين يعني الغدر والخيانة وكل ما يمكن ان يذم به المرء، وهذا في الحقيقة غريب عن التقاليد الصحراوية، وليس هناك مجالا للكلام عن الانفصال، لأننا اذا اعتبرنا ان هناك انفصالا، سنجرم الأشخاص وسنجرم كل هذا الشعب. الحاصل انها حرب في إطار حركة بدأت بالمطالبة بالاستقلال من المستعمر الاسباني، وانتهت الى ما نتهت اليه من اتفاقية الغدر والخيانة عن الاتفاقية الثلاثية لسنة 1975، أمام هذا الوضع لايمكن بأي حال من الأحوال ان نتكلم عن الانفصال. نتكلم عن فكر تحرري ينشد تقرير مصير الشعب الصحراوي، ولما قيل ان هذا الاستفتاء بالنسبة للصحراويين من شأنه ان يخيرهم بين الاستقلال او ان ينضموا الى المغرب، قلنا أهلا وسهلا، فقط أريد ان اعزز القول، ان الكلام عن الانفصال كلام مردود عليه، وانه كلام للتشويش والترويج الإعلامي.

سؤال: لنكن براغماتيين ما دام ان هاجس الصحراويين هو هاجس اقتصادي اجتماعي وثقافي، ألا تعتبرون ان مقترح مشروع الحكم الذاتي اذا خضع للتفاوض والحوار، بامكانه تحقيق هذا الهاجس المرتبط بالإنسان أساسا؟
جواب: المشكل لا يعود فقط الى ما هو اجتماعي، اقتصادي او ثقافي، لو كان الأمر كذلك لما انسحبت اسبانيا أصلا، حيث وفرت ما يكفي من شروط احترام الثقافة الصحراوية، وكذلك شرعت مشاريع الحكم الذاتي للصحراويين، ووحدات ترابية مستقلة جزئيا عن الاسبانيين، الى غير ذلك، المشكل سياسي بالدرجة الأولى، لا يعني الثقافة ولا الاقتصاد ولا غيرهما في شيء بل هو مطلب سياسي، شأن الشعب الصحراوي في ذلك شأن جميع شعوب العالم. لا اعرف لماذا تنزل الصحافة أحيانا وقادة سياسيون كبار بكل ثقلهم على هذا الشعب القليل العدد. وهي تتناسى محطات أخرى ليست بعيدة، بالأمس القريب في مشكل من نفس النوع بتيمور الشرقية مثلا، فمطلب الصحراويين مطلب عادل، سبق للأمم المتحدة ان توفقت في الخروج من مثل هذا المأزق ومشاكل الحرب في العديد من بؤر التوتر، اخرها جنوب السودان الذي يعيش الآن هدنة بين الجنوبيين والسلطة المركزية.

سؤال: لكن يقال بان المنطقة حاليا تعتبر من اضعف الحلقات التي يهتم بها تنظيم القاعدة، وحسب مجموعة من المحللين الاستراتيجيين، إذا استمر الحال على ما هو عليه، يمكن ان يستدعي ذلك تدخلا احنبيا. ألا ترى ان هذا الخطر أقوى من محاولات قيام كيان مستقل؟
جواب: في الحقيقة هذا الخطاب يدعوا الى التأمل نوعا ما، كيف يروج في بداية انطلاق الكفاح المسلح لوجود تنظيم ماركسي لينيني يسعى لقيام دولة جنوب المغرب آنذاك تدور في فلك الاتحاد السوفياتي. ذلك سنة 1979 بعد نجاح الثورة الإيرانية تم الكلام عن المد الإيراني في الجنوب وعن الشيعة الى غير ذلك. الآن كذلك يحلوا للبعض ان يتحدث عن المد السني في الصحراء. وهذه أشياء مخجلة من جهة ومضحكة من جهة أخرى. هذا كله نوع من البحث بشكل مناور، لتقزيم المطلب الذي هو الحق في تقرير المصير والذي هو مطلب شرعي كما قلت. الإرهاب لا يمكن القول بأنه ينتمي إلى افريقيا او اسيا او غيرهما، ففي المغرب نسمع كلاما لا نعرف معناه. نسمع عن إلقاء القبض على مجموعات تصنف حسب التصريحات الرسمية أنها إرهابية، سمعنا عن اعتقالات في أوروبا، أمريكا وفي السعودية وغيرها، اذا هل تمسح كل خريطة العالم كلها دفعة واحدة حتى لا يسمح بقيام هذا التنظيم. هذه المسألة لا أجد لها أي رابط سواء المناورة ومحاولة القفز على الحقيقة في التاريخ وفي الواقع.

سؤال: نسمع عن بوليساريو الداخل وبوليساريو الخارج، هل هذا واقع؟ وهل هناك امتداد بين التسميتين؟
جواب: هذا التصنيف نابع من مسالة واحدة نابع من مسألة مطالبة الجماهير الصحراوية في الداخل المنتفضة منذ ماي 2005 بشكل علني والتي ترفع مطالب بالاستقلال وبأحقية الشعب الصحراوي في تقرير المصير، ومطالب التمثيلية الشرعية لجبهة البوليساريو ويعني ذلك أيضا الارتباط على مستوى المنادات بالتمثيليات الشرعية للشعب الصحراوي، وهذا موجود سواء في الداخل او في الخارج او في الشتات في أي مكان في العالم لا يتعترفون الا بتمثيلية الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، اما الارتباط العضوي والتنظيمي فلا اظن بانه قائم، وذلك لوجود قيادة البوليساريو وجزء من الشعب في الوجود، مما يقتضي تنظيما إداريا، قضائيا، تعليما واستشفائيا الى غير ذلك، بينما بالداخل هناك تواجد إداري مغربي، حيث لايمكن الحديث الا عن المعاناة، معاناة الأسر مع ضحايا الاختفاء القسري وجملة من جرائم الحرب التي ارتكبت في الصحراء، والتي لازالت تنتظر حلا، وما كنا ننتظره من استجلاء للحقيقة في هذا الموضوع من طرف هيئة الإنصاف والمصالحة لم نرى منه شيئا على الإطلاق.

سؤال: تأكد ان هناك صعوبات تجعل من المستحيل اللجوء الى الاستفتاء، في ظل هذا الواقع تقدم المغرب باقتراح الحكم الذاتي، هل يمكن ان نتصور أي بديل آخر؟
جواب: المغرب الذي يعطي الآن مقترحا هو نفس المغرب الذي يتراجع عن الاتفاقيات وهذا إشكال في حد ذاته، كيف لدولة تحترم نفسها تقبل فجأة بالتراجع عن اتفاقيات سبق ان وقعتها؟ لايمكن القول بان الدولة كانت في لا وعيها حتى صادقت على اتفاقية معينة او انه كانت هناك ظروف معينة تفرض على الدولة المغربية القبول بالاستفتاء منذ 1981، حيث صرح الحسن الثاني بالقبول بالاستفتاء و1991 بدأ رسميا وعمليا في تطبيق الاتفاقية بوقف إطلاق النار، حيث أفضت الأمور الى ما افضت اليه سنة 1997، اذا لا يمكن السكوت عن هذه المرحلة التاريخية والقول بان المغرب كان على خطأ، لان الساسة المغاربة كانوا على خطأ وان الساسة الجدد هم على حق.
ما نسمع به اليوم هو تراجع خطير لا يحل المشكلة، حل المشكلة في تطبيق الشرعية الدولية وبيكر الامريكي بعد جولات وجولات جاء بمشروع يمكن ان نقول بان فيه نوع من التنازل بالنسبة للصحراويين وتنازل كبير، حيث طرح حكما ذاتيا موسعا تحت السيادة المغربية لمدة خمس سنوات، بعدها تستفتى الساكنة ليس فقط من يحق لهم التصويت من الصحراويين بل الساكنة بأكملها، وهذا يعني كل من سكنوا المنطقة من صحراويين او غيرهم، اذا لا أظن ان هناك تنازل اكبر من هذا. هذا الاقتراح الذي رفضه المغرب كان هو الحل للمشكل نهائيا والمشكل في نهاية المطاف لا يتعلق بالصحراويين والمغاربة هو مشكل المغرب العربي كقوة اقتصادية. وحدة شعوب المغرب العربي أمام المنافسة الشرسة الموجودة في الشمال، أمام نزعة السيطرة التي أصبح يفرضها النظام العالمي الجديد على الدول الضعيفة وعلى الاقتصادات الضعيفة، وهنا لا استثني أي اقتصاد من اقتصادات المغرب العربي. فإذا كان هناك مغرب عربي موحد، قائم على وحدة شعوبه يمكن ان ينطلق انطلاقة صحيحة، اما ان تبقى مشاكل من هذا النوع وهي محسومة في القانون الدولي في التاريخ، سنظل نراوح مكاننا في الكلام فقط.

سؤال: انطلاقا من هذه الرؤية وحدة بلدان المغرب العربي، تتنافى مع وجود كيانات جديدة، الا تعتقدون ان هناك تناقض؟
جواب: المشكل الخطير في المسألة هو لماذا نلوم الصحراويين في مطلبهم الشرعي؟ وكأنه من حقنا ان نلوم المغاربة في مطالبتهم بالديمقراطية، او نلوم إرادتهم في استجلاء الحقيقة عن ماضي الانتهاكات الجسيمة لانتهاكات حقوق الإنسان، هذا مطلب شرعي ، هذا شعب يريد أن يقرر مصيره بنفسه، لا يريد وصاية من احد طبعا في كنف المغرب العربي أن ينضم للمغرب او يستقل عنه طبعا لن يرفع من خريطة المغرب العربي.

سؤال: هناك مصارد تتحدث على ان قادة البوليساريو ينتظرون الصيغة النهائية لمشروع الحكم الذاتي للدخول في مفاوضات، ألا تعتقدون ان هذا المشروع يمكن ان يشكل خطوة أولى للجلوس الى طاولة الحوار؟
جواب: لا اظن ان هناك مفاوضات يمكن ان تنطلق من اجل إقامة حكم ذاتي، لان المغرب يقدم اقتراحات ويحدد الاختصاصات وغيرها، إذن التفاوض حول ماذا؟ التفاوض في الحقيقة يكون حول الإشكال القائم، هذا الأخير حددته الأمم المتحدة، ولعل تقرير المفوضية السامية لحقوق الإنسان التي حلت بالمنطقة في شهري ماي ويوليو الماضيين وضعت الاصبع على الداء، حددت أن كل ما يجري في الصحراء من مشاكل مرتبطة بعدم تمكين الصحراويين من حقهم في تقرير المصير. لا هو ارتباط بالإرهاب، ولا هو ارتباط بزعزعة النظام في المغرب ولا شيء آخر، كل المشاكل التي تحدث في الصحراء وخصوصا ما يجري منذ ماي 2005 مرتبط بهذا المطلب، وهذا يعني انه لا يمكن لأي كان من قياديي البوليساريو أو غيرهم أن يجهز على المطلب الشعبي الجماهيري الحالي.

سؤال: تعلمون ان للمغرب كذلك من القرائن لاعتبار الصحراء امتدادا شرعيا له، الآن النزاع لازال قائما بعدما فشلت المساعي لتطبيق الاستفتاء، وبعدما رفض مخطط بيكر إذن ما ذا تقترحون لحل النزاع بشكل عملي؟
جواب: نحن الآن أمام محصلة معينة محصلة فيها تراكم من النضال السياسي في الداخل والخارج. وعن المكاسب الدبلوماسية، هذه المحصلة أضافت الشيء الكثير الى وضع كان في الحقيقة مزريا مثلا في بداية الكفاح المسلح سنة 1973، 90% من الصحراويين او أكثر كانوا بدوا، لدرجة أن التعليم وشروطه لم تكن متوفرة. آنذاك كان الأفق مظلما وشبه مسدود. بعد كل ما تحقق، لايمكن ان نقول الآن بان الصحراويين في عزلة، او أنهم مدعوون إما لقبول هذا الحل او أنهم سيضيعون. اليوم يمكن القول بان الصحراويين، نتيجة لنضالهم وما أدوه من ضرائب أصبح العالم يشهد لهم بقضية تصفية الاستعمار، كما انه لا توجد دولة في العالم تعترف بالسيادة المغربية على الصحراء، إذن لايمكن القول بان الصحراويين يعيشون أزمة مرتبطة بمطالبهم بالعكس، الوضع متأزم نعم، لكن لا يعني ان الصحراويين في أزمة او في ورطة، الصحراويون قدموا ما يكفي من التنازلات، ففي مشروع بيكر مثلا قدموا تنازلا كبيرا وهو القبول بخمس سنوات من الحكم الذاتي اذن لايمكن القبول بمزيد من التنازل والشعب الصحراوي أدى من الضرائب ما يكفي، المسألة لا تتعلق بأشخاص قد يعلنون قرار في أي وقت لأجل حكم ذاتي سواء كانوا أشخاصا منفردين او في إطار جماعات، كما هو الحال "للكوركاس" مثلا. هذه مسالة شعب وهو الذي لابد أن يقرر، وهذا أمر مرتبط بجدية المنتظم الدولي وبمسعاه لإيجاد حل عادل ونزيه بهذا الخصوص.

سؤال: هل هذا يعني أنكم تراهنون على المنتظم الدولي لحل ألازمة؟
جواب: نعم، الرهان على المنتظم الدولي وضمنه المغرب الذي يجب عليه في نهاية المطاف أن يرى بعين الموضوعية مطلب الشعب الصحراوي، خصوصا وان هناك قوى سياسية في المغرب أدت بدورها ضرائب كثيرة لمطالبها التقدمية والمشرفة من قضية الصحراء، واخص بالذكر حزب النهج الديمقراطي الذي لا يرى حلا خارج الحل الديمقراطي المرتبط بتطبيق قرارات الأمم المتحدة.

سؤال: المجتمع الصحراوي لازال مطبوعا بالقبلية ولازالت القبلية تلعب دورا أساسيا، هل لشيوخ القبائل كلمة في هذا الموضوع؟
جواب: النظام القبلي ساد في الصحراء، وكان بمثابة السلطة السياسية، لكن الآن مع مرور الزمن، وارتباطا بمتغيرات في الفكر وفي نمط الحياة وكذلك ارتباطا بمشروع التحرير الصحراوي المبني على تحرير الفرد من بعض رواسب التخلف الموروثة من الماضي وعلى رأسها مؤسسة القبيلة، هذه الأخيرة، أصبحت مرفوضة، فقد أدت دورها التاريخي، وهذا الدور قد انتهى، لايمكن بأي حال ان نربط شعبنا بشيوخ القبائل، الشعوب في تطورها انتقلت من المشاعة الى القبلية الى التحالفات القبلية ثم الى الدولة، وعندما تقوم الدولة تحل محل المؤسسات التقليدية كلها، لايمكن للقبيلة ان تتعايش مع دولة المؤسسات وهذا أساسي. في نهاية المطاف اقول ان الفكر التحرري في الصحراء لا يرتبط ولا يمكن ان يكون منتوجا قبليا يمكن القول بوجود رواسب للقبيلة وان هناك عقليات قبلية، لكن لايمكن القول ان القبيلة محددة في ما يجري ويدور في الصحراء.

سؤال: لكن العقلية تخترق قيادة البوليساريو حاليا، وكذلك هناك ثقل للقبيلة الذي لازال قائما لحد الآن ولايمكن نكرانه؟
جواب: وان افترضنا ان المجتمع الصحراوي لازال مجتمع قبليا سواء الموجود تحت سلطة المغرب او الموجود في اللجوء ستجد أن هذه الفكرة تحمل داخلها تناقضا ذو دلالة كيف لقبيلة تتوزع بين المغرب واللجوء تكون مختلفة في الرأي؟ إذا ما مادام المجتمع الصحراوي قبلي فكل القبائل الموجودة في اللجوء هي موجود تحت سيطرة المغرب. يمكن للشيوخ الصحراويين الموجودين في المغرب أن يدلوا برأي مناقض لآخرين في اللجوء. لكن القبلية فشلت كمؤسسة في تدبير صراع من حجم الصراع المسلح الذي دار في الصحراء، لم يكن بامكانها ان تساير وضعا فيه حرب ومضامين تحررية، لم يكن بامكانها ان تلبي حاجيات شعب في هذا السباق وبالتالي فشلت، فالقبيلة التي هي منتوج واقع تاريخي معين اضطرت بحكم التطورات المتلاحقة على التراجع وبالتالي، الاتجاه نحو الاضمحلال، فان لم يكن ذلك اليوم فسيكون قريبا، لامجال لان تستمر.

سؤال: الى أي حد تتدخل الجزائر في صنع قرار جبهة البوليساريو؟
جواب: في الحقيقة وككل مرة، حينما تتباعد المواقف ويتأزم الوضع يبحث المغرب عن شماعة يعلق عليها الأسباب، أتذكر انه في بداية الثمانينات كانت تسقط طائرات الميراج بأيدي مقاتلين صحراويين كما يحكي هؤلاء العائدون، في المغرب يقول الحسن الثاني آنذاك انه لايمكن لهؤلاء الصحراويين ان يبدعوا الى هذا الحد وان هؤلاء خبراء جزائريون في الميدان، وهم من يطلقون الصواريخ، الآن في كل خطوة تتخذها البوليساريو، يكفي ان تكون بعيدة حد النقيض عن الأفكار الرسمية في المغرب ليتم الحديث مجدد على أن الجزائر تتدخل، وفي الواقع لا نرى صدى حتى لمن يسمون أنفسهم معارضون لجبهة البوليساريو، لأي تدخل جزائري في قرارات جبهة البوليساريو، موقف الجزائر، ومنذ 1975 واضح، وفيه دعم سياسي لجبهة البوليساريو كما هو الحال بالنسبة لجنوب إفريقيا، فإذا كان الكلام مبني على مطامع إقليمية، فما هي مطامع جنوب افريقيا في الإقليم، وما هي مطامع الدول في اللجنة الرابعة التي تصوت لصالح أحقية الشعب الصحراوي في تقرير المصير؟

سؤال: أمام فشل المساعي لتسوية هذه الوضعية هل تعتقد ان تتدهور المنطقة من جديد وتعود الى أجواء الحرب؟.
جواب: لا نتمنى لمنطقتنا ان تعيش مجدد أجواء الحروب لان الضحايا طبعا هم ضحايا من الشعبين، نتمنى ان يتعقل الساسة وان يجدو مخرجا واقعيا كما هو مسطر ومحدد لدى الأمم المتحدة. عيب أن يظل هذا الغبن يلحق الصحراويين وعيب أن لا نتجاوز أحقاد الماضي لان الأساسي هو أفق موحد لشعوب المغرب العربي.

No comments: