Tuesday, December 08, 2009

قضية أميناتو حيدار .. الوطن أو الجنسية؟
03/12/2009 - تقرير: محمد أمزيان
محمد أمزيان – إذاعة هولندا العالمية/ تفاعلت قضية أميناتو حيدار، الناشطة الصحراوية، المضربة عن الطعام في مطار لانثاروتي في لاس بالماس منذ ثلاثة أسابيع. فقد قابلت الحكومة المغربية محاولات الضغط العلنية عليها والسرية من قبل إسبانيا وأطراف حقوقية خارجية لتمكينها من جواز سفرها المغربي بالرفض التام. الجواز ليس خرقة ترمى في المزبلة عقب استخدامها. كان هذا هو رد الخارجية المغربية.
إنكار واستنكار

أميناتو حيدار ناشطة حقوقية صحراوية مقربة من جبهة تحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب (بوليزاريو)، التي تنازع المغرب سيادته على الصحراء الغربية، وتنادي بـ "حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره". وقد أقدمت السلطات المغربية مؤخرا على سحب جواز سفرها منها بعدما رفضت "الاعتراف" بمغربيتها أمام المصالح الأمنية في مطار العيون (الصحراء). "أميناتو حيدار أنكرت هويتها وجنسيتها، وبعد كل ممارساتها الاستفزازية منذ 13 نوفمبر في مطار العيون، عليها أن تتحمل وحدها العواقب القانونية والأخلاقية الناتجة عن تصرفها". هذا ما أكده طيب فاسي الفهري، وزير الخارجية والتعاون المغربي، الأربعاء أمام مجلس النواب.ويظهر أن هذه القضية التي تشغل الرأي العام المغربي منذ أواسط الشهر الماضي، "حققت" إجماعا سياسيا داخليا بين الفرقاء السياسيين كافة؛ إذ لم يسجل في "قضية الوحدة الترابية" أي خلاف بين أحزاب المعارضة ونظيرتها المساندة للحكومة أو المشاركة فيها. وعلى سبيل المثال أكد الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة السيد محمد الشيخ بيد الله أن "الإسبان يدركون أنها (أميناتو حيدار) تتحمل المسؤولية. فإما أن تمكث في إسبانيا أو تذهب إلى تندوف، بما أنها تدافع عن أطروحات أعداء الوحدة الترابية". وأضاف السيد بيد الله، في ما نقلته عنه وكالة المغرب العربي الرسمية: "سندافع بكل إمكانياتنا على عدم رجوعها إلى المغرب الذي تنكرت له". والسيد بيد الله من أصول صحراوية، ويعد إلى جانب آخرين أحد المؤسسين الأوائل لجبهة البوليزاريو، ولكنه بقي في المغرب وأصبح وجها صحراويا بارزا، وزعيما سياسيا يرأس أمانة أكبر الأحزاب المغربية في الوقت الحالي. دعوات للتدخل وعتاب
ومن جانبها أولت جبهة البولزاريو اهتماما كبيرا بمصير الناشطة الحقوقية، وكثفت من اتصالاتها الإقليمية والدولية "لإنقاذ حياتها". وهكذا وجه السيد محمد عبد العزيز، أمين عام الجبهة، إلى السيد عمرو موسى أمين عام جامعة الدول العربية الأربعاء (2 ديسمبر) "رسالة مستعجلة" طالبه فيها بالتدخل لحل قضية الناشطة الحقوقية الموجودة في مطار لانثاروتي منذ أكثر من ثلاثة أسابيع. وقال السيد محمد عبد العزيز في رسالته: "نتوجه إليكم لنطالب بتدخلكم العاجل من أجل إنقاذ حياة المواطنة العربية الصحراوية أمينتو حيدار، التي أصبحت في حالة صحية متدهورة جدا". وأضاف السيد عبد العزيز في الرسالة التي نشرها موقع ’اتحاد الصحافيين والكتاب الصحراويين‘ قائلا:"إن السيدة أمينتو حيدار تستنجد بالأمة العربية وهي تمر بلحظات عصيبة، حاق بها ظلم ذوي القربى الذين رموها خارج أرضها، الصحراء الغربية، وألقوا بها فوق الأراضي الإسبانية، بعيداً عن أهلها وذويها، ورغماً عن إرادتها". ومن جهة أخرى عاتب اتحاد الصحافيين والكتاب الصحراويين "زملاءهم" في المغرب الذين "لم يرف لهم جفن" مما جرى للسيدة حيدار. وأشارت رسالة عتاب المنشورة يوم الأربعاء 2 ديسمبر إلى الدعم العالمي "المنقطع النظير"، مقابل إهمال تام من قبل المثقفين المغاربة. وقالت الرسالة: "وفي خضم هذا التفاعل الإنساني العالمي، لم نسمع كلمة واحدة من أي مثقف مغربي تشي بأن إخوتنا المغاربة منسجمون مع مبادئ كثيرة يدعون إليها، وكم كانت الصدمة شديدة، خصوصا أننا نتحدث عن امرأة مناضلة يعرفونها جيدا". صرامة
كما وجهت أمينتو حيدار من مكان تواجدها في مطار لانثاروتي أمس الأربعاء نداءا إلى أعضاء البرلمان الأوربي تطالبهم بالضغط على المغرب والسماح لها بالعودة إلى وطنها "الصحراء الغربية". وقالت في رسالتها إلى "أصدقائها" من البرلمانيين الأوربيين، والتي حصلت إذاعة هولندا العالمية على نسخة منها: "أصدقائي في البرلمان الأوربي أبانوا دوما عن مساندتهم لي، ولكن الآن وأنا في إضراب غير محدود عن الطعام، وفي الوقت الذي أتلقى دعما من العالم أجمع، ومن بينهم الحائزين على جائزة نوبل للسلام ريغوبيرتا مينشو وراموس هورتا، وكذا الحائز على جائزة نوبل للآداب خوسيه سارامانغو، ما زلت أنتظر من البرلمان الأوربي التدخل لمساندي في هذه المعركة في سبيل الكرامة والحرية". تأتي هذه التطورات عقب اللهجة الصارمة التي ضمنها خطاب الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى الـ 34 للمسيرة الخضراء (6 نوفمبر)، وفيه دعا إلى الصرامة في مواجهة من يتآمر "ضد سيادة الوطن ووحدته ومقدساته من أي كان". وأضاف في خطابه المتلفز قائلا: "لم يعد هناك مجال للغموض أو الخداع. فإما أن يكون المواطن مغربي أو ليس مغربيا. وقد انتهى وقت ازدواجية المواقف والتملص من الواجب، ودقت ساعة الوضوح". وقد فسر المراقبون هذه اللهجة الجديدة لعاهل المغرب بالرسالة الواضحة أولا إلى النشطاء الصحراويين الذين يسببون كثيرا من المشاكل، ويحاولون عرقلة "المبادرة المغربية" للحكم الذاتي في الصحراء، وإلى غيرهم من المنادين بالاستقلالات الذاتية في بعض الجهات المغربية. ما تزال أميناتو حيدار في مطار لانزاروثي الإسباني في لاس بالماس، والقضية مرشحة للتفاعل أكثر بين الإجماع المغربي على "صوابية" الإجراء المغربي بسحب جواز سفر الناشطة الحقوقية، وبين سمعة المغرب في الخارج، لاسيما لدى الجمعيات الحقوقية وبعض السياسيين والشخصيات التي تبنت فضية أميناتو حيدار. فالقضية في نهاية المطاف يختلط فيها الجانب القانوني بالمشاكل السياسية المغلفة لقضية النزاع حول الصحراء الغربية.

No comments: