Sunday, March 04, 2007

محمد الأمين بوهالي وزير الدفاع الصحراوي في حوار صريح :
نحن والمغرب في الميزان العسكري ..هذه نقاط قوتنا.. هذه نقاط قوتهم
نحن في حالة تأهب لصد أي هجوم
حاوره في تفاريتي : عبد النور بوخمخم
وزير الدفاع الصحراوي، محمد الأمين البوهالي، هو أحد كبار الصقور المخضرمين في جبهة البوليساريو، قضى أكثـر من 30 سنة، ما بين ساحات القتال والتدريب خلال سنوات الحرب مع المستعمر الإسباني، ثم مع المغرب وموريتانيا، في نفس الوقت قاد البوهالي طوال سنوات الحرب الخمسة عشر الناحية العسكرية الوسطى، الثقل الرئيسي للمقاتلين الصحراويين، حيث كانت مزودة بلواء مدرع ونظام دفاعي للصواريخ المضادة للطائرات والدبابات، وعندما تم إقرار وقف إطلاق النار، وبدأ مخطط السلام الأممي، تقلد وزارة الدفاع في الحكومة الصحراوية لمرتين، وعرف بأنه كان المكلف بالبحث عن مصادر التسليح، وبالاحتفاظ بعلاقات جيدة مع الحليف الليبي، ثم الجزائري والكوبي بعد سحب ليبيا دعمها العسكري للبوليساريو، ومع عودة شبح الحرب وفي ظل الإنسداد في مخطط السلام الأممي، أجرينا معه هذا الحوار، الذي أردناه عسكريا وأمنيا بحتا، يقدم فيه البوهالي، قراءته للقدرات العسكرية لدى كلا من الجانب الصحراوي والمغربي، وعن الثابت والمتغير في استراتيجية كل منهما ولتأثير المتغييرات الدولية والإقليمية في ترجيح هذه الكفة أو تلك...

يقول بعض المحللين أن التفوق العسكري الذي حققته جبهة البوليساريو في سنوات الحرب الأولى، يعود لوقوف المعسكر الشرقي كله معها، ودعمها بالسلاح والذخيرة والمال، وهو ما لا يتوفر الآن؟

عندما بدأنا النشاط العسكري ضد الإستعمار الإسباني ثم بعده القوات المغربية التي خلفته لم يكن المعسكر الشرقي معنا في لحظات الحرب الأولى ولا حتى الكثير من الأطراف والحلفاء الذين دعمونا عسكريا فيما بعد، بما فيهم الجزائر نفسها، لكننا استطعنا أن نفرض أنفسنا على الجميع، ليعترفوا بحقوقنا المشروعة، أردت أن أقول أننا لن نعدم مصادر التسليح، نحن حركة مقاومة ودولة معترف بها من عشرات الدول، وممثلة بصفة كاملة أو جزئية في أغلب المنظمات الإقليمية والدولية، وعلى رأسها الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي، والمعطيات في الميدان ستكون هي الفصل في قلب الكثير من المواقف، التي تبدو مسلمات اليوم. حتى لا تتهمني بالهروب من السؤال، أقول لك، أنه إلى حد الساعة، السلاح الذي بحوزتنا موجود من مصدرين، أولا وطبعا خلال سنوات الحرب الأولى، هما الليبي والجزائري حيث وقفا معنا موقفا مشرفا في البداية، ودعمانا بالكثير من التجهيزات والآليات العسكرية التي لا زال البعض منها بحوزتنا إلى الآن لدى وحدات جيش التحرير الشعبي، المصدر الثاني هو ما نحصل عليه من الغنائم في المعارك العسكرية التي نخوضها مع الجيش المغربي، ولدينا الكثير من هذه الغنائم.
ما هو مصدر تسلح الصحراويين حاليا؟

لا تنتظر من وزير دفاع أن يقول لك ما هو مصدر تسليح جيش بلاده، وهو يستعد للحرب، في ظل استمرار فشل مخطط السلام، غير أنني أعيد القول، أن الحرب ليست معادلة رياضية، تحسب مسبقا، معطيات الميدان ستنسف الكثير من المسلمات والمواقف التي تبدو للكل الآن، لا تهتز، هذا ما تعلمناه من تجربتنا الخاصة، ومن تجارب الآخرين.
هل كنتم تجددون سلاحكم باستمرار خلال السنوات الماضية؟

في سنوات الحرب الأولى، كثير من الأطراف الحليفة كانت تجدد سلاحنا، لكن منذ وقف إطلاق النار لم يكن هناك تجديد للسلاح، عكس المغاربة، الذين منذ وقف إطلاق النار حصلوا على عدة صفقات من السلاح الثقيل والمتطور، منها دبابة (60 (M أمريكية الصنع وأسراب من الطائرات الحديثة مثل (16(F ومثل (2000 (Mirage الفرنسية، ولجأ إلى أوكرانيا وتشيكوسلوفاكيا أيضا، ومؤخرا الصفقة الضخمة التي عقدوها مع إسبانيا بقيمة 200 مليون يورو، كل هذه الآليات العسكرية الثقيلة، لم تكن لديهم من قبل، فهم كانوا يستعدون باستمرار ويجددون سلاحهم، ومنذ ثلاث سنوات، دخل المغرب في حالة سباق مع الوقت لعقد أكبر عدد من صفقات الأسلحة، يحتج بسعي الجزائر للتسلح ليلجأ إلى المناورة.
تشكيلات وآليات عسكرية صحراوية هامة كثيرا ما نلحظها خلال الاستعراضات في منطقة تفاريتي، ماذا تشكل المنطقة في الاستراتيجية العسكرية لكم؟

تفاريتي هي عاصمة الناحية العسكرية الثانية لدينا، تنتشر فيها وحداتنا على شكل لواء مدرع، لما تسأل المغاربة وبالخصوص الضباط العسكريين منهم الذين قاتلوا في الصحراء، لما تسألهم عن وزن الصحراويين عسكريا، وحجم التهديد، الذي لا يزال يشكله المقاتلون الصحراويون، وما يمكن أن يشكلوه في حالة اندلاع الحرب، يقولون لك أن أكبر ما يخشونه هو الناحية العسكرية الثانية، هذه التي كانت تشكل القلب النابض لجيش التحرير الصحراوي، ومركز ثقله الرئيسي، كان ضباط المغرب يسمونها بمنطقة الشياطين، هذه المنطقة لم يسبق وأن خضعت للإحتلال المغربي، كانت القوات المغربية تقوم بعمليات إنزال خاطفة في فترات العمليات، لكن أبدا لم تعسكر هنا من قبل، نحن نراقب كل هذه الأراضي، ونجري باستمرار دوريات إستطلاع ورصد ما فيها، نحن في حالة تأهب مستمرة لصد أي هجوم أو تحرك للطرف الآخر، خارج الحدود المؤقتة، التي وضعتها الأمم المتحدة في انتظار الإستفتاء.
لكن المغرب يحتج بشدة لدى الأمم المتحدة ويقول أن تفاريتي وبقية الأجزاء الأخرى التي تنتشر فيها الوحدات الصحراوية، تدخل ضمن الشريط العازل، المنزوع السلاح، ولا حق لكم في التواجد عسكريا هناك؟

تفاريتي تدخل ضمن الأراضي الصحراوية المحررة، المغرب عندما أنشأ الجدار الدفاعي، اختار أن يضعها خارجه، لأنه لا يستطيع ضمها، ومثلها مثل باقي أجزاء أراضينا المحررة، من الطبيعي أن نمارس عليها سيادتنا الكاملة، والتواجد العسكري، فضلا من أنه دفاع وتأهب مستمر، فهو شكل من أشكال الممارسة السيادية الفعلية في الميدان.
كم تشكل نسبة الأراضي الخاضعة لسيطرة المقاتلين الصحراويين من مجموع الصحراء الغربية كلها؟
تراقب قواتنا حوالي ثلث الأراضي الصحراوية، قسمناها إلى سبع نواحي عسكرية، تضم كل وحداتنا ومقاتلينا، ويخضع الثلثان المتبقيان للسيطرة المغربية، وهذا تقسيم مؤقت إلى حين، جاء بحسب ما أوجده الجدار الدفاعي بأحزمته المختلفة، الذي أنهى المغرب تشييده ما بين سنتي 1986 و.1987
في ظل حالة الإنسداد التي يعرفها مخطط السلام الأممي، شبح الحرب يلوح في الأفق، هل لمستم مؤشرات عن استعدادات عسكرية مغربية خاصة، تغير ما في الاستراتيجية؟

استراتيجية المغرب العسكرية لا زالت نفسها قائمة وهي الإرتكاز على الحزام الدفاعي الذي وضعوه لصد هجمات الجيش الصحراوي، ومن ثم عمد طوال السنوات الماضية إلى تكديس عشرات الآلاف من قواته العسكرية، على طول هذا الحزام، فالجيش المغربي الموجود حاليا، في الصحراء، يصل الى 160 ألف جندي، من مختلف تشكيلات القوات المغربية، التي تنتشر على طول الحزام الدفاعي، أي أكثر من الضعفين، مما كانت تضمه أيام المرحلة الأولى من الحرب، هي تتكون من الجيش الملكي، بمختلف تشكيلاته، والدرك الملكي بمختلف تشكيلاته، وأيضا وحدات المخزن التي كانت تستعمل لحراسة المكاتب الإدارية، في المدن والقرى، أي أنها مفصولة عن القوات الملكية، هي الآن متواجدة بوحداتها في الحزام، ونحن نعرف جيدا مكان تواجد وانتشار كل هذه القوات، على طول الحزام، بجبهته العريضة التي تمتد على طول يصل إلى 2500 كيلو متر، وهم الآن بصدد بناء لواء مدرع جديد يسمونه اللواء الملكي المدرع، في منطقة الراشدية في المغرب، وكذلك هم الآن بصدد بناء لواء مظلي، لأنه كان عندهم ألوية مظلية، ودُمرت في الحرب، والآن هم في إطار إعداد لواء جديد، مظلي، وكل ما تطورت الحرب تفرض عليهم إضافة تشكيلات جديدة لصد هجماتنا العسكرية.
160 ألف عسكري مغربي على جبهة الحرب، من المؤكد أنه عدد يفوق بكثير تعداد المقاتلين الصحراويين، كيف يمكنكم مجابهة مثل هذا الاختلال غير المتاوزن في الحجم العسكري لكل طرف؟

تجربتنا السابقة، في سنوات الحرب، أثبتت لنا، أن من يربح الصراع ليس بالضرورة هو من يحصي أكبر عدد من العسكريين، أو يملك العتاد الثقيل، نحن حركة مقاومة مسلحة، وهذا الطابع ينعكس على هيكلة وانتشار قواتنا المسلحة، وعلى طريقة عملها وإدارتها للعمليات، حاليا لدينا تشكيلات مسلحة رسمية، منتشرة على طول النواحي العسكرية، وعددها سبع نواحي عسكرية، مقابل قوات العدو، والحزام الدفاعي الذي بناه، وهذه الوحدات العسكرية منظمة ومجهزة بأسلحة ثقيلة للمدفعية ومضادات الدبابات والطائرات، من أجل مساندة ودعم وحدات المقاتلين، في حرب العصابات، تعداد هذه الوحدات يصل إلى ما بين 10 آلاف و 12 ألف مقاتل من أفراد جيش التحرير الصحراوي، تمركز وعدد هذه الوحدات على العموم، ثابت في فترة السلم، لكننا كما قلت، نحن حركة مقاومة، شعبنا كله مسلح، وعندما نرى من الضروري استدعاء احتياطنا، في يوم واحد، نسلح الجميع، عشرات الآلاف من أفراد شعبنا رجالا وشبابا.
نريد قراءة عسكرية من ضابط عسكري قضى 30 سنة في القتال، في حالة عودة الحرب كيف ترون تطورها في ظل وجود الجدار الدفاعي مغربي؟

كما قلت من قبل، التكتيك العسكري المغربي، لم يتغير، دائما يتمثل في حراسة الجدار الدفاعي، وتحصينه بأحدث أجهزة المراقبة، هذا الحزام بطوله الذي يتجاوز 2500 كلم، تنتشر عبره رادارات المراقبة، وتسبح باستمرار في محيطه طائرات استطلاع دقيقة مزودة بأجهزة المراقبة الليلية، ووحدة بطاريات تدعمها وحدات التدخل السريع، لكن هذا كله أثبت فشله من قبل، في شل هجوماتنا، وفي وقف الخسائر في صفوفهم، الفترة الفاصلة ما بين الانتهاء من بناء الجدار الدفاعي سنة ,1987 ووقف إطلاق النار مطلع التسعينيات، عرفت العديد من المعارك والمواجهات العنيفة، وكانت فرصة لاختبار مدى فعالية هذه الاستراتيجية، ما من شك أنه حد من حجم الخسائر في صفوفهم، في مرحلة أولى، لكن الجواب الذي اقتنع به الملك الحسن الثاني، واقتنع به ضباطه أخيرا، أن الجدار لم ينهي المشكلة، ونحن بدأنا في التمرن على طرق ووسائل أخرى لاجتيازه والوصول إلى أهدافنا، أصبح الجدار كله جبهة عسكرية مفتوحة، لا تسمح للقوات المغربية بتركيز تواجدها على زاوية بعينها، كانت قوتنا التكتيكية ولا زالت، في أننا حركة مقاومة، تعتمد على حرب العصابات، تقودها وحدات خفيفة صغيرة ومتحركة، مدعومة بتجهيزات عسكرية ثقيلة، تستعمل عند الضرورة لدعم حرب العصابات، مدفعية ومدرعات وصواريخ مضادة، هذا يعني أن أكبر قوة عسكرية في العالم، لا يمكنها أن تراقب كل متر في حزام طوله يقترب من 2500 كلم، وصدنا عن هدفنا، هذا ما دفع الملك إلى الإقتناع، بأنه من الضروري تحصيل وقف لإطلاق النار، وإنهاء الصراع سلميا عبر استفتاء يعطي للصحراويين حقهم في تقرير المصير، الأرقام التي اعترفوا بها هم أنفسهم تقول أن حراسة الجدار الدفاعي، كانت تكلفهم 4 ملايين دولار شهريا، خارج الأجور والرواتب ومصاريف التسيير العسكري الأخرى المرافقة.
مطلع فيفري الماضي كشف النقاب عن صفقة سلاح ضخمة بين إسبانيا والمغرب، هل هو مؤشر على تحضير فعلي ميداني للعودة إلى الحرب؟

أولا، الصفقة ضخمة من حيث تكلفتها ومحتواها، وهو ما يجعلها أقرب إلى موقف حكومي سياسي لإسبانيا، فهي تغطي تسليم ترسانة حربية حقيقية بقيمة 200 مليون أورو، تشكل ما يقرب من نصف صادرات السلاح الإسبانية للعام ما قبل الماضي، وتحصي عدة تجهيزات وآليات ثقيلة منها 1200 مدرعة و800 شاحنة، نقل عسكرية، هذه الصفقة، تعني مشاركة إسبانية حقيقية ومباشرة في الحرب، وخرق لوقف لإطلاق النار، وهي بذلك خرق لكل الإلتزامات القانونية التي يمليها مخطط السلام الأممي، وطعن مباشر فيه، ويفضح مدة 30 سنة، ظلت فيها الحكومات الإسبانية المتعاقبة، تتكلم نظريا عن السلام والحل العادل، وتعمل عمليا على تعزيز الإحتلال المغربي للصحراء الغربية، ومن الضروري أن تراجع الحكومة الإسبانية هذا الخطأ بإلغائها.
الحكومة الإسبانية بررت ذلك برغبتها في دعم مكافحة الهجرة غير الشرعية من الجنوب إلى الشمال؟

هذا ليس كذبا فقط، هو استخفاف بعقول الناس، فالأفارقة الذين يهاجرون بطريقة غير شرعية، ليسوا مجرمي حرب، مدججين بالسلاح، يجب مكافحتهم وإيقافهم بالطائرات والمدرعات، هم مجرد بؤساء، فقراء، ضاق بهم العيش في بلدانهم، فقرروا الهجرة نحو أوروبا، للبحث عن عيش كريم أفضل، المغرب أو غيره، ليس في حاجة إلى كل هذه الترسانة الحربية والرادارات من أجل مكافحة الهجرة غير الشرعية.
ألا زالت النواة العسكرية المتمرسة في حرب الصحراء، التي قادت البوليساريو خلال الحرب الأولى، مستعدة للعودة للقتال، أريد أن أشير إلى بعض القراءات التي تعتقد أن غياب هذه النواة، هو من نقاط ضعف البوليساريو، عسكريا في المستقبل؟

هذا كلام من لا يعرف حقيقة جيش التحرير الصحراوي، لا بالأمس ولا اليوم، المقاتلون الصحراويون الأوائل، الذي أسسوا البوليساريو، وقادوا معاركها، خلال مرحلة الحرب الأولى، وأنا منهم، لا يزالون في الميدان، في مختلف مواقع المسؤولية، في الجبهة وفي قيادة النواحي العسكرية والوحدات الأخرى، هؤلاء يعرفون الصحراء بتضاريسها قبل الحرب، وزودتهم الحرب، بخبرة وتمرس، لا يمكن تقديره بثمن، وينقلون اليوم وغدا خلال الحرب كل تجربتهم وخبرتهم للآلاف من الشباب والمقاتلين في الجيش الصحراوي المدربين جيدا. هذا عكس الطرف الآخر، الذي يقود منذ سنوات سياسة عزل الكثير من الضباط والمسؤولين العسكريين، الذين قاتلوا ضدنا في الصحراء.
سعى الصحراويون طوال سنوات لإقامة مؤسسات دولتهم الإدارية في ظروف صعبة، عودة محتملة للحرب في ظل التفوق العسكري المغربي، ألا تكون نتائجه الأولى المباشرة هي المساس بهذه المؤسسات وبالكيان الإداري للدولة؟

قد يكون ذلك، هذا لا يخيفنا، نحن مقاومة سياسية مسلحة، تعرف بالضبط ماذا تريد وما هي أهدافها، في هذه النقطة تفكير السياسي والعسكري عندنا نفسه، أيا كان موقعه ومسؤوليته، والثابت الوحيد، هو استرجاع أراضينا المحتلة، وتمكين الشعب الصحراوي من حقه في تقرير المصير لبناء دولته على كل أراضيه، وكل ما عداه متغير ويمكن استدراكه حسب الأجندة التي نضعها وحسب متطلبات الحرب في الميدان.

No comments: